الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصبح بانيا الحضارة وصاناعا للمجد؟

السؤال

السلام عليكم..

أريد أن أصبح شيخاً وبانياً للحضارة.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن النفوس الكبيرة أهدافها عظيمة، وكل ألف ميل تبدأ بالخطوة، وأنت ولله الحمد قد حددت لنفسك هدفاً كبيراً، وسوف يتحقق لك ما تريد بإذن الله، ودائماً المسلم عالي الهمة لا يرضى إلا بالمعالي؛ لأنه يستمد قوته وثقته من إيمانه بالله العظيم الذي يقول للشيء كن فيكون.

وقد تملكني السرور وأنا أقف على رغبتك العظيمة، وحرصك على أن تكون من بناة الحضارة وصناع المجد، وحتى يتحقق لك بإذن الله ما تريد، أرجو أن تحرص على الآتي:-

1- حافظ على صلاتك في أوقاتها، وعمر قلبك بالإيمان بالله، وعود لسانك كثرة الذكر الله.

2- احرص على أن ترفع أكف الضراعة إلى الله الذي يقول سبحانه: (( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186].

3- اجتهد في بر والديك حتى تنال رضاهما لتفوز بصالح دعائهما، وكن عوناً للإخوان والأصدقاء، وأحسن إلى أرحامك فإن الله في عون العبد إذا كان في عون إخوانه، ومن كان في حاجة إخوانه كان الله في حاجته.

4- واعلم أن الأهداف الكبيرة تحتاج لاجتهاد وبذل، والمسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الله الوهاب.

5- حافظ على أوقاتك، واختر الأوقات الهادئة للمذاكرة وخاصة أوقات البكور.

6- ابحث عن عالم يخاف الله، ويحرص على طاعته لتتلقى عنه علوم الشريعة التي ينبغي لكل مسلم أن يتعلمها؛ لأن العلم دين، فانظر عمن سوف تأخذ دينك، وذلك بعد الاجتهاد في حفظ كتاب الله الذي هو أساس كل نجاح وفلاح.

7- احرص على أن تكون مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وتجنب صحبة الأشرار، فإنها تعدي وتردي.

8- تدرج في طلب العلم ولا تستعجل؛ لأن الصواب أن نتعلم صغار العلم قبل كباره لأن بعض الناس يتعلم ليجادل العلماء ويباهي السفهاء، وهذا يجعله يطلب مسائل الخلاف أولاً.

9- تذكر أن من تواضع لله رفعه، والعلم لا ينال إلا بالتواضع، وكما قيل: اثنان لا يتعلمان: مستح ومستكبر.

10- لا تغتر بسرعة فهمك وصفاء عقلك، وتذكر مع كل نجاح أن التوفيق والنجاح من الله.

11- تجنب المعاصي فإن آثارها خطيرة، وأحسن الشافعي حين قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي.

ولما رأى الإمام مالك علامات الذكاء والفطنة على الشافعي قال له:
إني أرى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعاصي.

12- احرص على احترام المشايخ والمعلمين، واعرف لهم فضلهم، فإن طاعة المعلم عون على النجاح، واصبر على شدتهم، وقد قص لنا القرآن خبر نبي الله موسى مع الخضر حين قال للخصر: (( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا))[الكهف:69].

13- إذا أشكل عليك أمر أو صعبت عليك مسألة فأكثر من الاستغفار كما كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

14- إذا تعثرت في الطريق فلا تيأس، وكرر المحاولة واستعن بالله ولا تعجز.

15- لا تستمع لأصوات المخذلين الفاشلين، واحرص على التأسي بالناجحين المفلحين بطاعتهم لله، وصبرهم على طلب العلم، فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، قال تعالى: (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ))[السجدة:24].

16- ولابد من إخلاص النية لله في طلبك للعلم؛ لأن ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع، والمخلص ينال فلاح الدنيا ورفعتها، ويفوز بالرضوان في الآخرة.

17- اكتشاف مواهبك وتنميتها مع الحرص على توسيع مداركك العلمية، والأخذ بقسط من كل علم من العلوم؛ لأن الثقافة هي الأخذ من كل شيء بطرف.

والله ولي التوفيق والسداد.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً