الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي عدواني وغيور فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم

عندي 3 أبناء ذكور 8 أعوام من زواجي السابق، و 5 و 3 أعوام من زوج آخر، وابني الأكبر هادىء، عنده نسبة تركيز على الأشياء الإلكترونية وبرامج العلوم والفضاء وغيرها، كما أنه يحب اللعب والتنطيط ونشاطه معقول نسبيا، مع العلم أنه يحب أن يجرب أي شيء يراه في برامج العلوم، كتوم نسبيا ويؤلف قصصا خيالية، ولكن شخصيته وكلامه تجعل أي شخص يحبه، وهو يحب أن يكون أصدقاءه أكبر منه سنا.

ابني المتوسط وهو المشكلة بالنسبة لي، يغار جدا من إخوانه ومن أي طفل آخر، عدواني ويضرب أي شخص بدون سبب يذكر، حتى لو أسئله لماذا يقوم بهذه الأفعال لا يجيب ويكتفي بالاعتذار وقول "آسف لن أعيدها مرة ثانية" قبل يومين دخلت الغرفة وكان يضع مخدة على وجه أخوه الصغير ويضغطها، قمت بضربه وتخويفه لأنه من الممكن أن يموت أخوه ولن يكون لدينا ابن صغير مثل فلان وفلان، ولم يجد الأمر نفعا، فهو لا يعرف كيف يلعب، وعندما يكون إخوانه يلعبون يهجم عليهم ويدمر ألعابهم، ولا يحب أن يبقى وحده في غرفة لمشاهدة أفلام الكرتون أو اللعب، يحب أن أكون معه وعلى الرغم من أني أبقى بجانبه إلا أنه لا يركز مع التلفاز أبدا.

أنا أحبه لأن ذاكرته قوية -ما شاء الله- ومتميز في حفظ القرآن إلا أن الأشياء السلبية السابقة تجعله ثقيل الظل، حتى في مدرسته وبين أصحابه فلان يضرب الأولاد فهم يبتعدون عنه ولا يصادقونه لذلك أزوره في المدرسة بين الفترة والثانية، وأجامل الأولاد لأجعلهم يحبوه وأقول لهم أن "حماده يحبكم ويحكي لي عنكم وعن تفوقكم".

ابني الصغير لطيف لديه من طباع أخوه الكبير في حب اللعب والهدوء، ومن طباع أخوه المتوسط في الضرب، ولكن المبرر إذا أحد آذاه رد عليه كنوع من الدفاع عن النفس.

أرجو إفادتي وإعطائي نصائح للتعامل معهم وحل مشكلتي مع ابني المتوسط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

توصيف المشكلة: طفلك غيور جداً من إخوته، يميل إلى العدوانية، ولا يجيد اللعب مع أقرانه.

يعرف علماء النفس الغيرة عند الأطفال بأنها: حالة انفعالية مركبة من حب التملك وشعور بالغضب بسبب وجود عوائق مصحوبة بتغيرات فسيولوجية داخلية وخارجية، يشعر بها الطفل عادة عند فقدان الامتيازات التي كان يحصل عليها أو عند ظهور مولود جديد في الأسرة أو عند نجاح طفل آخر في المدرسة، في حين كان حظه الفشل والإخفاق، هذه المشاعر المركبة يرفض الطفل الإفصاح عنها أو الاعتراف بها ويحاول الإخفاء لأن الإظهار أو الإفصاح عنها تزيد من شعوره بالمهانة والتقصير.

يقول الأطباء الأخصائيون في الأمراض النفسية: إن الغيرة عند الأطفال أمر طبيعي يمكن أن تكون دلالة سوية، لأنها تعلن أن الطفل يمر بمرحلة التعرف على العالم، وعلى ذاته، وعلى حقوقه، وعلى معنى الامتلاك والتنافس، فكلها مظاهر لازمة من مسيرة النمو، وضرورة لتنمية العلاقة بالعالم الخارجي.

ولكن إذا تساءلنا ما هي أسباب الغيرة: فإننا نجد أن هناك أسباباً عديدة من أهمها:
1- حاجة الطفل إلى حب وحنان الوالدين، ولا سيما إن كان يتمتع بقسط كبير منهما ومن ثم فقد ذلك بسبب انشغال الوالدين مثلاً، أو قدوم مولود صغير.

2- عقد مقارنات بين الطفل وأقرانه، حيث يشعر الطفل بالغيرة من أقرانه.

3- العقاب الجسدي للطفل في حال قام بإيذاء أخيه الصغير.

4 ـ التفضيل في المعاملة بين بعض الإخوة مثل رفع مكانة الذكور على الإناث, أو تفضيل الأخ الصغير على الكبير.

5 ـ شعور الطفل أنه أقل من أصدقائه وذلك بسبب ظروف الأسرة الاقتصادية وقد يكون دخلها منخفضاً أو قد تكون الأسرة بخيلة على أبنائها فتنمو داخل الطفل الغيرة بسبب عدم حصوله على ما يريد.

كيفية علاج الغيرة عند الأطفال: قبل أن أبدأ معك في علاج الغيرة عند طفلك لا بد من الإشارة أن العدوانية، وعدم انسجامه مع أقرانه إنما هي نتيجة لشعور الغيرة لديه، فإن عالجنا الغيرة عنده، أو على الأقل انخفض مستواه عنده ستلاحظين تغييراً واضحاً في سلوكياته.

1- منح الطفل الحب والاهتمام، وإعطائه جرعات زائدة من الحنان ولا سيما من الأم، فمنح الطفل الحب والحنان يجعله يشعر بالأمان والسلام النفسي وبالتالي يميل إلى الرفق بالتعامل مع من حوله.

2- عدم عقد مقارنات بينه وبين إخوته ولو همساً أو بينه وبين أقربائه وأصدقائه، فالطفل يكون شديد الحساسية، ويستطيع أن يفهم فحوى الكلام ولو حاولنا أن نخفيه عنه، أو نتحدث بصوت منخفض.

3- الثناء والعبارات الإيجابية عند قيامه بأي موقف إيجابي مهما كان صغيراً، والتركيز على الصفات الإيجابية التي يمتلكها، ومدحه أمام الآخرين، مثلاً أنت قلت أن ذاكرته قوية ما شاء الله وخاصة في حفظ القرآن، فاستغلي اجتماع العائلة وتحدثي عن ذلك أمامهم، وعلى مسمعهم، ثم اطلبي منهم أن يقرأ شيئاً من محفوظه أمامهم، وأثني عليه، وقدمي له هدية من الأشياء المحببة إليه، فإن ذلك أيضاً سيمنحه الفرح والسعادة وبالتالي يبتعد عن حالة الغضب وعدم الرضا التي يعيشها بسبب غيرته.

3- حذار من العقاب الجسدي العنيف في حال قام بضرب أخيه، أو أحد من أصدقائه، بل عامليه بلطف وحنان، واحتضنيه واطبعي قبلة على جبينه ، ثم وضحي له بصوت هادئ حنون دافئ أن ما قام به ممكن أن يسبب الأذية للآخرين، وأن أخاه وكذلك أصدقائه سيحبونه كثيراً حين يعاملهم بلطف، ومن المكن أن تشتري له الحلوى التي يحبها وتطلبي منه أن يشارك أصدقاءه في تناولها، أو أن تشتري له لعبة يلعبون بها سوياً، أو تطلبي منه أن يساعدك في العناية بأخيه الصغير، كل ذلك سيعزز المحبة والمودة في قلبه للآخرين، أما التعنيف والنقد والصراخ الدائم، فلن يجدي نفعاً على العكس تماماً.

4- خصصي له وقتاً بالتحديد، لا يشغلك عنه شيء ولا حتى أخوه الصغير، العبي معه، تحدثي معه، أصغي إليه، شجعيه أن يتحدث بأريحية حتى وإن كان طفلاً صغيراً فلديه ما لدى الكبار من المشاعر وبحاجة للبوح والحوار.

5 ـ أما قيامه ببعض الحركات الضارة كوضع المخدة على وجهه أو إيذائه فالحق في هذه الحالة على الكبار فعليهم أن يتخذوا كل الاحتياطات لعدم ترك الفرصة متاحة له أن يؤذي أخاه.

أسأل الله أن يجعله قرة عين لك ولوالده، ويجعله من سعداء الدارين اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً