الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زال الخوف وحل القلق والإحراج الشديد من الآخرين!

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، رسالتي للدكتور: محمد عبد العليم، أشكرك جزيلاً، وجزاك الله خيراً، -ولله الحمد- تحسنت بفضل الله ثم إرشاداتك، سبق وطرحت استشارة برقم ( 2240321 )، وقمت مشكورا بالرد عليها.

راودتني مخاوف كثيرة، ولكنني توكلت على الله، وبدأت بتناول الزيروكسات بانتظام، واتبعت التعليمات بكل حذر، وخلال فترة تناول العلاج لاحظت حالتي تتحسن، ولمست النتائج الإيجابية، وبالفعل تحسنت حالتي تدريجيا، حتى انتهت فترة العلاج، وشعرت بأنني تحسنت كثيرا، ومشاكلي انتهت، وقبل شهرين أو ثلاثة من الآن بدأت حالتي بالتراجع قليلا، -الحمد لله- زالت المخاوف ولكن مشاعر الإحراج والتوتر والقلق ازدادت كثيرا.

مشكلة الإحراج تسبب لي أزمة، وصرت أحرج كثيرا من الآخرين، ولدي أعراض توتر، وزيادة في نبضات القلب، وتعرق، وعند التعامل مع الناس أعتقد بأن هناك من يريد أن يفتعل مشكلة، وأريد أن أدخل معه في جدال، وهذا الأمر ليس إلا افتراضاً من وحي خيالي، مما يسبب لي الخفقان، والتعرق، ولا أعلم ما السبب.

مشكلتي الكبرى سابقاً كانت محصورة في الخوف، وقليل من الإحراج، والآن -الحمد لله- زال الخوف وحل القلق والتوتر مكانه مع الإحراج، أشعر بالإحراج من الآخرين حتى لو كانوا في التلفاز، شاهدت أحد البرامج ذات مرة، وكان هناك شخص ينتقد الآخر، لم أستطع تحمل ذلك، وكنت أحاول أن لا أسمع ولا أشاهد ما حدث.

كذلك الأحداث اليومية البسيطة، مثل خلل الهاتف أو الحاسب وغيرها من الأمور، تصيبني بنوبة غضب وهلع، وتبدأ نبضات قلبي بالتسارع، وأشعر بأن الخلل لن يعود كما كان، أو أنه انتهى، وتراودني مثل هذه الأفكار.

أحتاج إلى نصيحتك يا دكتور، لأنني في خلال منتصف العام القادم أو نهايته -إن شاء الله- مقبل على حياة جديدة، حياتياً ومهنياً أساسها التعامل مع الناس يومياً، وأنا على يقين إذا استمرت حالتي على هذا النحو ستعوقني بشكل كبير.

أثناء تناولي الزيروكسات -الحمد لله- كانت الأمور جيدة جداً، والآن أريد العودة للعلاج، بماذا تنصحني بناء على التطورات في حالتي؟

أرجو التوضيح مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أرحب بك -أخي الكريم- وأشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أنا سعيد أنك مررت بفترة من التحسُّن الملحوظ، وهذا يجب أن يُعزز المشاعر الإيجابية لديك، لأن الإنسان إذا مرَّ بتجربة التحسُّن هذا يعني أن حالته ليست مستعصية، وأنه يمكن أن يتغيَّر، وأنا لا أعتقد أن التغيير كان من الدواء فقط، أعتقد أن جُهدك أيضًا ساعدك في التغيير، وأن تنتهج منهجًا ونمطًا حياتيًا معيًّنا، أعتقد أنه قد ساعدك، {إن الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

أخي: الآن ما يمر بك بسيط، وأنا أعتقد أنك -كما ذكرنا سلفًا- لديك القلق ولديك الحياء ولديك الخوف، وكلها متمازجة مع بعضها البعض، والحياء فيه خير كثير لك، والحياء خير كله، أما القلق فيجب أن نجعله قلقًا إيجابيًا مفيدًا، وأما الخوف فيجب أن تغلق عليه الباب تمامًا، وأن تُحقِّره، وأن تقوم بفعل ما هو مضاد لمشاعرك.

أيها -الفاضل الكريم-: أعتقد أنه أيضًا لديك ما يمكن أن نُسمِّيه بالقلق التوقعي الافتراضي ذي الطابع الوسواسي، وهذا هو الذي يجعلك دائمًا تحسّ بالحرج والإحراج في المواقف الاجتماعية، وهذا الإحساس إحساس افتراضي، وما هو افتراضي ليس من الضروري أن يكون صحيحًا، بل هو غير صحيح، إذًا أنت محتاج أن تضع هذه الصيغة الفكرية وتحاور نفسك على أساسها، (ما أُعاني منه مبالغٌ فيه وليس صحيحًا، أنا أفضلُ ممَّا أتصور، وليس هنالك ما يعيبني أبدًا بأن أكون أكثر تفاعلاً وانسجامًا من الناحية الاجتماعية)، أرسلْ لنفسك هذه الإشارات الإيجابية.

ولا بد -يا أخي الكريم- أن تُنشِّط الأفعال والإنجازات لديك، الإنسان هو أفكار ومشاعر وأفعال، الفكر يمكن أن نُغيره، أن نجعله إيجابيًا، والمشاعر كذلك، لكن الأفعال تحتاج منَّا للتطبيق، وحين نُطبِّق ونُنجز هذا يُعزز مشاعرنا الداخلية ويجعلها إيجابية، ويعود علينا بخير كثير من ناحية طريقة التفكير وكذلك المشاعر، أريدك -أخي- أن تُعزِّز هذا المفهوم السلوكي الفلسفي، فهو يُلامس الواقع تمامًا.

أنتَ بخير، أرجو أن تُحسن إدارة وقتك، وأرجو أن تحرص على الرياضة، أن تُحسِّن شبكتك الاجتماعية، وأن تكون لك برامج مستقبلية واضحة، تُدير من خلالها وقتك، بعد أن تضع الآليات الصحيحة للوصول إلى أهدافك، ولا تنسى الدعاء -أخي الكريم- فإنه سلاح عظيم لكل المواقف.

بالنسبة للزيروكسات -أخي الكريم- ليس هنالك ما يمنع الرجوع إلى تناوله، وأنا أفضل هذه المرة أن تتناول زيروكسات CR، قد يكون أفضل من الزيروكسات العادي قليلاً، والجرعة التي تحتاج لها هي جرعة صغيرة، 12.5 مليجرام، تناولها ولا تزد عليها، علمًا بأن الجرعة القصوى يمكن أن تصل حتى 37.5 مليجرام أو خمسين مليجرامًا يوميًا، 12.5 مليجرام من وجهة نظري سوف تكون كافية، تناولها على الأقل لمدة ستة أشهر، مع ضرورة التركيز على الآليات السلوكية التي ذكرتها لك سلفًا.

مرة أخرى -أخي الكريم- أشكرك كثيرًا على ثقتك في الشبكة الإسلامية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً