الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي لا تحترم أهلي ولا تقدرهم فكيف أقوم سلوكها ولا أخسر أهلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي يخص علاقة زوجتي مع أهلي ومشاكلنا مع أمي وأختي، أنا من منطقة محافظة -قرية-، متزوج منذ سنتين، ولدي بنت، مغترب، وأثناء الخطبة حصلت المشاكل بين أختي وخطيبتي وقتها، ومشاكل بينها وبين أمي على أمور الزواج ومكان العرس، وما إلى ذلك، وتأزمت الأمور، ثم مرت المشاكل وتزوجنا وسافرنا. 

حاولنا مرارا إغلاق الصفحة، والعيش مع بعضنا دون مشاكل جديدة، ولكن زوجتي تثير المشاكل بكل فترة، ولو كلمتني أختي أو أمي تقوم زوجتي بافتعال المشاكل، وتتصرف بجنون غير طبيعي، وتعيد تذكيري بأنها تكره أمي وأختي، وهذا الشيء ينغص حياتي، لأنها لا تحمل أي احترام لهم، علما أنني شرحت لها بأن كل شيء انتهى، وبالفعل لم تحدث أي مشكلة جديدة بعد أول مشكلة، ولكنها تريد مني الانسلاخ عن الكل، وتريد تحديد وقت كلامي مع أهلي، وصل بها الحال لدرجة أنها لا تريد رؤيتي أتكلم معهم.

بين فترة وأخرى تصطنع المشاكل، بصراحة لم أعد قادرا على تحملها، وأصبحت الحياة لا تطاق، كيف يتزوج الشخص ليأتي بواحدة لا تحترم أهله إلى هذه الدرجة.

تكلمنا كثيرا وحاولت إفهامها بأنه لا توجد مشاكل حاليا، فلماذا نفتعلها؟ لماذا نضيع سعادتنا ووقتنا على هذه الأمور؟ أصبحت زوجتي سليطة اللسان، تسيء لأهلي، وتتوعد أن تهدم حياة أختي، لا أفهم هذه الدوامة، ولا مجال لها للتغير.

كلما قلت -الحمد لله- الأمور جيدة ورجعت طبيعية، لا يمر شهر إلا وتعود كما كانت، أنظر إلى ابنتي ولا أدري ماذا أفعل؟ بالفعل بدأت أكره زوجتي، وأفكر بإنهاء الزواج، لأنها لا يمكن أن تتغير.

لا أجبرها على حب أحد، ولكن احترام الناس واجب، وأطلب منها دائما بأن تحتفظ بالمشاعر السلبية داخليا، لكنها تصر وترفض، وتريد التحكم بتصرفاتي مع أهلي، سواء عبر مكالماتي لهم أو غير ذلك، وهذا الأمر أدى للجفاء المعنوي بيني وبين أهلي، لا أدري ما هو الحل؟ حاولت مع زوجتي واستنفذت كل السبل بلا جدوى.

زوجتي ليست مهملة في بيتها أو دينها أو شؤون المنزل، حتى لا أظلمها، لكن هذا الموضوع يؤرقني، وأفكر كيف سنكمل؟ أمنيتي كانت أن أتزوج من امرأة تحترم الجميع، وتكون طيبة، زوجتي طيبة بكل شيء إلا هذا الموضوع، تصبح معه إبليس -والعياذ بالله- والموضوع على المدى البعيد يسبب لي مشاكل عائلية واجتماعية، بسبب تصرفاتها غير المسؤولة.

منذ بداية زواجنا وهي لا تحاول أن تكلم أي أحد في الأعياد أو المناسبات، إلا إذا كلمت أهلي وأعطيتها الموبايل، من نفسها لا تبادر أبدا، فكيف أتصرف مع زوجتي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول: هنالك أنفس إن حقدت لا تنسى أبدا حتى لو تم الاعتذار منها، فبمجرد أن تحدث أدنى أو أتفه مشكلة تعيد شريط الحياة من البداية، وتتذكر كل ما حدث، ويزداد الحقد كلما استجدت مشكلة، وهذا من خلال تجربتي، فلعل زوجتك من هذا الصنف.

من العلاج الذي أوصيك به، توثيق صلة زوجتك بالله تعالى، والاجتهاد في تقوية إيمانها، من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، وخاصة تلاوة القرآن، والصوم، فقوة الإيمان يهذب السلوك ويشرح الصدر.

التذكير بالله، والتخويف من عقابه، من خلال جعلها تقرأ وتستمع القصص والمواعظ المؤثرة بطريقة غير مباشرة، وخاصة ما يتعلق بأعمال القلوب، وفضل العافين عن الناس، وعدم حمل الأحقاد في القلوب، فالمرأة بطبيعتها رققة المشاعر تتأثر من القصص التي تثير العواطف.

اقترب منها أكثر، وبث لها مشاعرك وما تكنه نحوها، وأشعرها بأنها هي الدنيا وما فيها، فالكلمة الطيبة تشرح الصدر، ولا بد من طمأنتها أنك لن تتخلى عنها، وأنك تراعي مشاعرها، وستبذل قصارى جهدك كي لا تجرحها.

قد يكون في ذهنها أن سوء التفاهم الذي حدث مع أمك وأختك سيجعلهما يشرن عليك أن تفارقها، أو تتزوج عليها، ولو في المستقبل، فالشيطان حريص على بث وساوسه في قلبها، ولذلك أتمنى أن تشعرها بالأمان.

تحين أوقات الصفاء للحوار معها، واطلب منها الحل لإنهاء هذه الأزمة من وجهة نظرها، وماذا كانت ستنصحك فيما لو حصلت نفس المشكلة فيما بينك وبين أهلها.

أنصحك ألا تتواصل مع أمك وأختك من داخل البيت، بل تواصل معهن من خارج البيت، وبكل أريحية تجنبا لتذكيرها تلك المشاكل التي حدثت.

قدم لها الهدايا ما بين حين وآخر، فإن الهدية لها أثرها الطيب على النفوس، فهي تستل سخائم الصدور، وتوطد المحبة في القلوب كما ورد في الحديث: (تهادوا تحابوا).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة، وسل الله تعالى أن يصلح زوجتك ويلين قلبها، ويذهب غيض قلبها، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب، كما ورد في الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

سوء خلق المرأة وحصول المشاكل قد يرجع أحيانا إلى ذنوب العبد، يقول تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}، وأنا هنا لا أتهمك بشيء ولكن من باب التذكير، وكلنا أصحاب ذنوب، فأتمنى أن تفتش في صفحات حياتك، فلعل ذنبا حصل منك في ساعة ضعف أو غفلة، وقد أقلعت عنه لكنك تشاغلت عن التوبة منه، فإن وجدت شيئا فبادر بالتوبة، وإن لم تجد فأكثر من الاستغفار العام قائلا، اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من كل ذنب اقترفته.

لا ينزل البلاء بالعبد إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، وقد كان بعض السلف يقول إني لأجد أثر المعصية في زوجتي ودابتي.

نسعد بتواصلك، ونتمنى أن ينفعك الله بما سبق، وأن يصلح جميع شؤونك، ويقذف محبة أهلك في قلب زوجتك، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً