الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني الأكبر يعامل أخاه الأصغر بعنف وعدوانية.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، وقد استفدت منه كثيرا، جزاكم الله خيرا.

أنا أم لولدين، الكبير عمره 7 سنوات ونصف، والصغير 6 سنوات، مشكلتي التي فشلت محاولاتي العديدة بحلها هي تعامل ابني الكبير مع أخيه الأصغر، وهو عدواني جدا معه رغم أن تعامله مع الآخرين لطيف جدا، حتى أنه في بعض الأحيان يلعب مع أخيه أمامنا فجأة أجد أن اللعب تحول إلى مشاجرة، وعنف، وطبعا أخوه الأصغر يرد عليه بالمثل، لا أعلم ما الخلل، فقد تعبت كثيرا.

لاحظت في الفترة الأخيرة أن ابني الأكبر تغير كثيرا، من ملاحظتي أنه إذا تحدث لا يجيد التحدث جيدا، ولا يفهم أحد من كلامه شيئا كأنه طفل صغير، وحتى طريقة مشيه تغيرت، وكأنه مشتت الانتباه، وإذا أردت الجلوس والتحدث معه يقاطعني كثيرا، ولا يركز فيما أقول.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بدور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أبدأ معك مع مشكلة السلوك العدواني عند طفلك: لقد تعددت تعريفات علماء النفس للسلوك العدواني على النحو التالي: أنه: أسلوب يُفضي إلى إلحاق الأذى بإحدى الكائنات الحية, أو إفساد كائنات غير حية وتحطيمها.

وعرفه آخرون بأنه: هو السلوك الذي يعتدي به الطفل على الآخرين، بهدف إيذائهم، سواء بالقول، مثل: السب والشتم والكلام الجارح، ووصف الآخرين بصفات سيئة، وإيقاع الفتنة بينهم، أو بالفعل، من خلال استخدام الطفل لأعضاء جسده، مثل: الضرب والعض والركل.

ويحلل العلماء سلوك الطفل العدواني على أنه سلوك تعويضي عن الإحباط المستمر الذي تعرض، ويتعرض له الطفل منذ الصغر.

ومما يفيدك كأم في هذا الصدد أن تتعرفي على الأسباب التي تؤدي إلى السلوك العدواني عند الأطفال، وهي كثيرة ذكر العلماء منها:

1- أهم الأسباب التي تجعل الطفل يميل إلى العدوانية هو شعور الغيرة من أخ أو أخت أصغر منه، حيث يكون هو محط اهتمام الجميع، وفجأة يشعر الطفل بالنقص العاطفي، وأن اهتمام الجميع موجه إلى الأصغر منه، فيولد ذلك في نفسه غضباً داخلياً ينفس عنه من خلال التصرفات العدوانية مع أخيه أو أخته، أو مع من حوله.

2- قسوة الوالدين في التعامل مع الطفل، وفرض عقوبات شديدة عند ارتكاب الطفل لبعض الأخطاء.

3- شعور الطفل بعدم قبول الوالدين له، ومحاسبتهم الدائمة له على أبسط الأمور.

4- جذب انتباه واهتمام الآخرين، حيث يلجأ الطفل إلى السلوك العدواني لجذب اهتمام من حوله وخاصة الوالدين.

5- برامج التلفاز والألعاب الالكترونية أيضاً تلعب دوراً مهماً في تنمية السلوك العدواني عند الأطفال.

6- محاكاة الوالدين، فقد يكون الوالدان يتعاملان مع الأمور بعدوانية وقسوة، فيميل الطفل إلى تقليد والديه.

هذه أبرز ستة أسباب، وإليك بعض الحلول المقترحة:

1- الخطوة الأولى التي يجب أن تبدئي بها لحل هذه المشكلة عند طفلك هو التأمل في الأسباب التي ذكرتها آنفاً، فحل المشكلة يبدأ من معرفة السبب، وغالباً السبب هو الغيرة عند طفلك من أخيه الصغير، ولجذب اهتمامك واهتمام والده إليه، لا سيما أنك ذكرت أنه يتعامل بلطف مع الآخرين.

2- أعطي طفلك الحنان والحب والاهتمام، فهو ما زال صغيراً لا يزال يحتاج إلى حضن الأم الحنون، وإلى القبلة الدافئة التي تطبعيها أنت ووالده على جبينه قبل أن ينام، فإعطاء الحنان والحب للطفل يجعله يشعر بالسلام الداخلي.

3- في حال ارتكاب خطأ، أو تعامل مع أخيه بقسوة، حذار من عقابه بشدة، أو اللجوء إلى العقاب الجسدي، أو الصراخ في وجهه، فهذا سيزيد الأمر تعقيداً، بل على العكس، حاولي في البداية تجاهل الموقف؛ لأنه ربما هدفه أن يلفت نظرك إليه، إلا إن لاحظت أنه قد يبلغ حد الأذية لأخيه، حينها اقتربي منها، وأمسكيه من يده بحنان، وانزلي إليه وضعي يدك على كتفه بحب، واطبعي قبلة على وجهه، وحاولي أن تفهميه خطورة الخطأ الذي ارتكبه، وكرري على مسمعه، أنت رائع، وأنا واثقة أنك فعلت ذلك دون أن تقصد، وأنت تحب أخاك جداً، فهذه الرسائل الإيجابية ستدخل دماغه وخاصة إذا كانت بصوت هادئ ، ونبرة حانية محبة، حينها سيشعر طفلك بالندم، ومع تكرار التعامل معه بهذا الأسلوب اللطيف، سيبدأ هو أيضاً يتعامل بأسلوب لطيف.

4- أشركيه معك في الاهتمام بأخيه الصغير، واطلبي منه بعض الأمور التي يستطيع القيام بها، كأن يحضر له ملابسه، أو يساعدك في تحضير الطعام له، فهذا سيشعره أنه مسؤول عنه.

5- إن كان طفلك ممن يتابع برامج الأطفال التي فيها قتال وضرب وما إلى ذلك، فحاولي قدر الإمكان أن تبعديها عنه، وكذلك الألعاب الالكترونية العنيفة، فمتابعتها المستمرة تدفع الطفل إلى محاكاة أبطالها وتقليد ما يقوم به من تصرفات عدوانية.

أما لو لاحظت في الفترة الأخيرة أن طفلك إذا تحدث لا يجيد التحدث جيدًا، ولا يفهم أحد من كلامه شيئا، كأنه طفل صغير، وحتى طريقة مشيه تغيرت، وكأنه مشتت الانتباه، وإذا أردت الجلوس والتحدث معه يقاطعك كثيراً، ولا يركز فيما تقولين ..
لعل ذلك أيضاً طريقة لجذب اهتمامك وانتباهك إليه، فهو يحاول أن يقلد أخاه الصغير، وكثيراً ما يلجأ الأطفال إلى هذه الحيلة ظناً منهم، أنهم بذلك يصبحون محطا لاهتمام والتركيز كالصغار، فيعود الجميع إلى الاهتمام به.

امنحي طفلك الحب والحنان، واهتمي به أكثر، وخفف اهتمامك بأخيه الصغير أمامه، وبإذن الله ستجدين تحسناً ملحوظاً في سلوكياته وتصرفاته.

أسأل الله أن يجعله قرة عين لك، ويكون كما تحبين وترضين اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً