الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحد عشر عامًا وأنا أعاني من الاكتئاب والخمول والانعزال!

السؤال

السلام عليكم.

شكرا لكم على هذه الخدمة الرائعة المستمرة خلال كل هذه السنوات، وآمل أن تساعدوني في إيجاد حل لمشكلتي.

أنا شاب عمري 27 عاما، بدأت مشكلتي منذ حوالي 11 عاما في آخر سنة في المرحلة الثانوية، دخلت في حالة غريبة من فقدان الثقة بالنفس والفشل الدراسي بالرغم من أنني كنت قبل ذلك طالبا متفوقا، كما لاحظت أن شخصيتي بدأت تصبح ضعيفة لدرجة أنني أصبحت لا أستطيع قول لا للآخرين، وأصبحت مسالما أكثر مما يجب، كما أنني أصبحت منعزلا كثيرا في البيت ولم يعد لي أي تواصل مع الجيران أو حتى مع أهلي في المنزل إلا قليلا جدا.

لاحظ الجميع التغير، وعندما كانوا يسألونني عن سببه لم أكن أملك إجابة، ولم أكن أستطيع حتى أن أتواصل بصريا مع الآخرين، بالإضافة إلى أنني كنت قلقا طوال الوقت، وكرهت بشدة الأعياد وكل المناسبات الاجتماعية.

مرت السنوات ولا زالت حالتي مستمرة، ربما أقل قليلا لأنني بدأت أتعايش معها، لكن كل تلك الأعراض لا زالت مستمرة حتى بعد تخرجي من الجامعة، وبدايتي في العمل.

وبخني المدير أكثر من مرة لأنني منعزل لا أختلط مع الآخرين، وبلا أي نشاط أو حيوية في العمل، مع أنني أحاول -بشهادة زملائي في العمل- التغلب على الخمول، ولكن بلا فائدة، أكثر من زميل سألني عن سبب حركتي البطيئة في العمل، إلى جانب ضعف التركيز، وتشتت الانتباه وضعف الذاكرة.

خلال السنوات الماضية ذهبت عدة مرات للطبيب النفسي الوحيد الموجود في مدينتنا الصغيرة، وفي كل مرة كان يكتب في الورقة أسماء أدوية دونما أن يشرح لي ما هو سبب ما أعاني منه، وكنت أستمر على الأدوية شهرا أو أكثر دونما تحسن؛ فأتوقف عنها.

قبل سنة زرت موقعكم، وقرأت حالة مشابهة لحالتي نصحتموه بالسيروكسات، وبالفعل بدأت به بجرعة 20ملغرام تدريجيا ولمدة ستة أشهر، ثم توقفت تدريجيا، ولم أشعر بتحسن كبير أو ملحوظ، واليوم ها أنا بعد كل هذه السنوات من المعاناة لا زلت أعاني.

أرجو منكم أن تساعدوني في إيجاد حل لمشكلتي، ما هو الدواء المناسب لحالتي؟ وأرجو ألا يكون مرتفع السعر؛ لأن حالتي المادية لا تسمح.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمدُ لله؛ رغم المعاناة التي عانيتها منذ أحد عشر عامًا قد استطعتَ أن تُنهي الدراسة وتتخرَّج من الجامعة وتحصل على عملٍ، فهذه أشياء إيجابية حصلتْ في حياتك، ولكن هذا لا يُقلل من المعاناة التي تُعانيها في المناسبات الاجتماعية وفي التواصل مع الآخرين، وهذه أعراض من أعراض الاكتئاب النفسي الذي عانيته منذ فترة، هنا أنت تتجنب الناس لما تحسّ به من اكتئاب ومن ضيق.

الشيء الآخر: طبعًا استمرارها لفترة طويلة جعلها تبدو وكأنها جزء من شخصيتك أو سمة من سمات الشخصية، وهنا قد تكون الاستجابة للأدوية ضعيفة، قد يتطلب الأمر علاجًا نفسيًا – أخي الكريم –، ومن أدوية الاكتئاب الفعّالة التي تُساعد – خاصة إذا كان الاكتئاب مصحوبًا بقلة النشاط والبطء – هو الفلوكستين، أو البروزاك، عشرين مليجرامًا (كبسولة) يوميًا بعد الإفطار، ولا أظنُّ أن ثمنه باهظ، ثمنه في متناول الجميع.

استمر على الفلوكستين – أخي الكريم – وتحتاج طبعًا لمدة ستة أسابيع حتى تحكم عليه بأنه ساعدك أم لا، وإن كان في الإمكان أيضًا الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي – كما ذكرتُ لك – فإن هذا يكون أفضل -إن شاء الله- ويُخلِّصك من معظم هذه الأشياء التي تعاني منها.

والعلاج النفسي إذا كان غير موجود الآن في البلد الذي تعيش فيه، فأحيانًا يمكن المواصلة عن طريق الإنترنت – الشبكة العنكبوتية – الآن هناك معالجون نفسيون يمكن أن تتواصل معهم عن طريق النت، حيث يقومون بإرسال دليل أو طريقة تتبعها للعلاج السلوكي المعرفي، وتتواصل معهم لشرح مع حصل معك من تقدم.

أما العلاج؛ فيمكنك الحصول عليه واستعماله، وحتى بعد أن تتحسَّن يجب أن تستمر عليه لفترة لا تقل عن ستة أشهر –أخي الكريم–، والفلوكستين أو البروزاك يمكن التوقف عنه بدون تدرُّج.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً