الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس المرض والموت، وأريد علاجا لحالتي.

السؤال

السلام عليكم..

أبلغ من العمر 24 عاما، مشكلتي وسواس المرض، أو أني سأموت، أخاف كثيرا من الموت، حتى أني أتجنب الحديث عنه مؤخرا، ويصيبني هلع عند ذكر سكرات الموت، وبعدها بيومين قررت أن أكتم نفسي قليلا كي أطمئن نفسي بأنه شيء هين، وبعدها أصبت بوسواس أني سوف أؤذي نفسي.

بعدها بساعة كنت أشاهد التلفاز، فكان مشهد رجل يقف على الشرفة، وكنت قبلها بفترة طويلة قد سمعت أن إحدى الفتيات رمت نفسها من الشباك بسبب مرض الانفصام، فأصبح ينتابني خوف فظيع من أن أفعل بنفسي هذا الأمر، واليوم التالي حين سيطر علي الوسواس فتحت النافذة، ونظرت لأسفل، وتراجعت سريعا، علما أني فعلت هذا الأمر لأقنع نفسي أني لن أقوم برمي نفسي، لكني للآن لم أستطع التخلص من هذه الفكرة المزعجة، وأخشى أن ألقي بنفسي، فهل سأفعلها؟

وللعلم فقد عانيت كثيرا من أفكار وسواسية، وبفضل من الله ثم جهد عظيم تخلصت منها وارتحت، ولكنها تعود، أصبحت أخاف من كل شيء، وأخاف أن أؤذي نفسي، وأنا سأتزوج بعد 5 شهور بإذن الله، وأريد أن أعيش حياة هادئة مطمئنة ليست حبيسة للوساوس، كما أنني لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي، فكيف أعالج نفسي؟

وشكرا كثيرا لوجود هذا الموقع المفيد جدا، جزاكم الله عنا كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تعانين من اضطراب الوسواس القهري الاضطراري، وهو يأتي بأشكال وصور متعددة، ومن ضمنها وسواس المرض ووسواس الموت.

وقلنا أن الوسواس القهري الاضطراري هو فكرة متسلطة متسللة ومتكررة على الشخص، لا يستطيع مقاومتها، ولذلك تُحدث له نوعًا من القلق والتوتر؛ لأنه لا يستطيع مقاومتها وإبعادها، وما محاولة الاختبار أنك ستنفذين الفكرة أو لا، إلَّا لمحاولة التخلص من هذا القلق الشديد والتي لا تستطيعين مقاومتها، ولكن –يا أختي الكريمة– عادةً مرضى الوسواس القهري الاضطراري يعانون معاناة مرَّة في داخلهم ولا يُنفِّذون هذا الشيء، ولكن خوفهم من التنفيذ أحيانًا لمحاولة التخلص من القلق والتوتر المصاحب لهذه الفكرة التي لا يستطيعون التخلص منها أو مقاومتها.

العلاج –أختي الكريمة– هو علاج دوائي وعلاج سلوكي معرفي، وكان من الأفضل أن يكون تحت إشراف طبي، ولكن طالما أنك لا تستطيعين الذهاب إلى طبيب نفسي فالفلوكستين من الأدوية الفعّالة ضد الوسواس، فابدئي بكبسولة واحدة بعد الأكل في النهار، وسوف يبدأ مفعوله بعد أسبوعين، وتحتاجين إلى ستة أسابيع على الأقل حتى تخف هذا الأعراض الوسواس، وإذا لم تخف بدرجة ملحوظة فيمكنك زيادة الجرعة إلى كبسولتين – أي عشرون مليجرامًا – ويمكن تناولها مرة واحدة، وبعد التخلص من هذه الأفكار يجب عليك أن تستمري في العلاج لفترة لا تقل عن ستة أشهر، وقد تمتد إلى تسعة أشهر حتى تختفي الأعراض تمامًا، وبعد ذلك يمكن التوقف من الفلوكستين دون تدرُّج، لأنه لا يُسبب أعراض انسحابية.

العلاج الثاني هو علاج سلوكي معرفي، وطالما أنك لا تستطيعين مقاومتها فيجب عليك التوقف عن الموائمة، ولكن فكّري بالتجاهل، تجاهل هذه الأفكار، إمَّا بالتفكير في أشياء أخرى، حاولي دائمًا أن تحولي التفكير إلى أشياء أخرى، أشياء مريحة، أشياء فعلتِها في السابق، فكّري فيها، لتحويل التفكير من هذا الفكر، أو يمكنك أن تصرخي بصوتٍ في داخلك: (قف، قف، قف)، هذا بدلاً من المقاومة، لأن المقاومة عادةً لا تنجح، ويجب أن يكون العلاج السلوكي مصاحبًا للعلاج الدوائي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً