الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب حاد وهوس.. فما سببه وعلاجه؟

السؤال

السلام عليكم..

أرغب بالاستفسار من حضرتكم عن التفسير العلمي أو (بالأحرى الكيميائي) للنوبة المختلطة (الهوس والاكتئاب)، فأعراضها اكتئاب حاد مع نشاط وتسارع في الأفكار وثقة زائدة بالنفس (خليط من القطبين) وأنا مررت بها شخصياً لمدة سنة ونصف، فكيف يحدث ذلك؟

طالما أن تفسير الاكتئاب هو نقص إفراز الناقلات العصيبة وتفسير الهوس هو زيادة نسبتها في الدماغ (كيف تكون زائدة وناقصة في نفس الوقت)؟

أليست النوبة المختلطة إحدى الحقائق التي يمكن أن تهز نظرية النواقل العصبية كمسبب للاكتئاب خاصة أنها ليست مثبتة حتى اللحظة؟

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وتقبَّل الله صيامكم وطاعاتكم، ومتعكم الله بالعافية ما حييتم، وأسعدكم في دنياكم وأخراكم.

سؤالك سؤال جميل، والإجابة عليه – أخي الكريم – قد تأخذ حيزا كبيرًا من الوقت، لكن باختصار أقول لك:

إن النظرية الكيميائية أو البيولوجية للأمراض الوجدانية -وحتى للأمراض الفصامية– لا نستطيع أن نقول أنها قاطعة، لكن هنالك مؤشرات كبيرة وأدلة قوية تدُّل أنها لا تخلو من حقائق صلبة.

وبالنسبة لاضطراب النواقل أو الموصِّلات العصبية: لا أحد يستطيع أن يقول إن العلَّة تكمن في أنه يُوجد ضعفٍ أو زيادة في إفراز هذه المكوِّنات، هذه النظرية قد لا تكون دقيقة، بالرغم من أنها نظرية شائعة، بعض العلماء يرون أن هنالك شيئا من عدم التوازن، وآخرون يرون أن هنالك نوعا من التحوُّر الذي يظهر على فعالية هذه الموصِّلات العصبية.

إذًا القضية ليست قضية زيادة أو نقصان، إنما قد تكون هنالك إشكالية في التوازن، ربما يكون هنالك نوع من التحوّل أو التحوّر في هذه المكونات والنواقل العصبية، وهذا هو الذي يؤدي إلى الاضطرابات الوجدانية بجميع أنواعها.

ولا شك –أخي الكريم– أن الأثر الجيني يلعب دورًا، هذا لا نستطيع أن ننكره، يعني: حتى الموصِّلات أو النواقل العصبية هي تحت التحكُّم الجيني الكامل للإنسان، ونعرف أن كل إنسان لديه شجرته أو تركيبته الجينية، هنالك تفاوت، هنالك تباين كبير بين الناس.

إذًا –أخي الكريم– من خلال هذه النظرية نستطيع أن نقول أن الاضطراب الوجداني المختلط ناتج من اختلاط في الموصِّلات العصبية.

أعتقد أن هذا هو التفسير المهم جدًّا، وأحد العلماء واسمه (فولس Foules)، هذا الرجل مات في سِنٍّ صغيرة، لكنه كان من أفضل الباحثين فيما سمَّاه بالتدرُّج السُّلمي للأمراض النفسية، ذكر أن كل إنسان يُصاب مثلاً بالاكتئاب أو بالذهان أو بالفصام لابد أن يمرُّ بمراحل أوّلية ¬- كالعُصاب، كالقلق، كالتوتر، كالخوف – وبعد ذلك يتدرَّج في هذا السُّلم حتى يصل إلى نهاياته، والسُّلم يعني أنه قد يمرُّ بالاكتئاب، ومرَّة يكون الاكتئاب مخلوط بهوس، وبعد ذلك يتطور الأمر إلى هوس، ومن هوسٍ قد يتحول إلى فصام ... وهكذا.

قد لا تكون نظريته كاملة، لأنه مات قبل أن يُكمل عمله، لكنّها نظرية تستحق التفكير وتستحق التأمُّل.

أخي الكريم: هذا هو الذي أراه من تفسير، وأعتقد أنه تفسير مُقنع جدًّا، وأُكرر مرة أخرى: سؤالك جميل، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً