الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند الخروج من البيت تنتابني حالة اضطراب وقلق.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاب أبلغ من العمر 22 سنة، مشكلتي تسبب لي إحراجا كبيرا، وتتعبني وتنغص علي حياتي منذ 5 سنوات، ولا أدري ما أسبابها، هل هي نفسية أم عضوية؟

مشكلتي عند الخروج من البيت، أو عند نية الخروج، تنتابني حالة اضطراب، وقلق، وأشعر أنني أريد الذهاب إلى دورة المياه، وعند الخروج من البيت تزداد الحالة، وأدخل الحمام مرة أو مرتين، ويكون معي مثل الإسهال، وأظل في توتر إلى أن أرجع إلى البيت، ولكن عند وجودي في المنزل، أو في مكان يوجد به حمام، لا أدخل الحمام كثيرا، وأظل ساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة لا أحتاج إلى الحمام، ويزداد الاضطراب عندما أكون في أماكن بعيدة عن دورات المياه كسفر، أو طلعة بر، أو سوق، أو مكان مزدحم، وعندما أعود للمنزل لا أشعر بشيء من ذلك.

لقد تعبت نفسيتي، وأريد حلا لهذه المشكلة، أحب أن أخرج وأتمشى، وأتمنى لو كنت طبيعيا مثل غيري؛ لكي أتمتع بحياتي، مع أنني حاولت أكثر من مرة أخرج فيها من المنزل لوقت طويل، وأن لا أفكر بهذا الموضوع، لكنني أفشل.

أرجو من الله ثم منكم مساعدتي بتوضيح طبيعة مرضي، وهل هناك حاجة للذهاب إلى طبيب نفسي؟ وهل هناك علاج يخلصني من هذه المشكلة نهائيا بعد الله؟

مع العلم أنا مقيم الآن في تركيا، ولا أجيد اللغة التركية للذهاب إلى طبيب وشرح حالتي له.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ نوح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك بسيطة، وهي حالة نشاهدها كثيرًا لدى بعض الناس، وهو نوع من قلق المخاوف، فقلق المخاوف يأتي في صور متعددة، ومنها – كما تفضلت – ما يحدث لك.

الشعور بأنك تريد أن تقضي حاجتك حين تكون خارج البيت خاصة إذا لم توجد مرافق بالمنطقة التي أنت فيها، هذا ناتج من قلق المخاوف، وهي علة معروفة جدًّا، وتُعالج – أيها الفاضل الكريم – من خلال أن تُحقِّر هذه الفكرة، وأن تقوم ببرامج يومية تخرج فيها من البيت، ابدأ مثلاً بأن تخرج لمدة نصف ساعة، في الصباح وفي المساء، واذهب إلى منطقة تعرف أنه لا توجد بها مرافق أو دورة مائية، وفي اليوم الثاني اخرج لمدة ساعة لنفس المكان أو مكانٍ مختلف، بشرط أن لا تكون هنالك حمامات بالمنطقة، ومهما يأتيك من شعور حاول أن تقاوم، ويجب أن تُكمل المدة التي من المفترض أن تكون فيها خارج المنزل، وهكذا، استمر في هذه التمارين لمدة أسبوعين، بشرط أن ترفع المعدّل الزمني بما نسميه بالتعريض أو التعرُّض لمصدر الخوف.

هذا هو العلاج السلوكي المطلوب في حالتك، يجب أن تُطبِّقه، وإن شاء الله تعالى سوف يُعالجك بصورة تامَّة.

أمرٌ آخر مهمٌّ جدًّا، هو: أن تمارس الرياضة، خاصة الرياضة التي تقوي عضلات البطن وعضلات المثانة، هذا يُقلل من التقلُّصات التي تحدث للمثانة، حين يكون الإنسان القلق في وضعٍ غير مطمئن فيه مثل حالتك هذه.

أيضًا تمارين الاسترخاء والتي أشرنا إليها في الاستشارة رقم (2136015) ستكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك، فحاول أن تطبِّقها باستمرار.

إذا كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تتمكن يمكن أن تذهب إلى الطبيب العمومي أو حتى إلى الصيدلية للحصول على دواء مضاد لقلق المخاوف، هنالك أدوية كثيرة كلها إن شاء الله أدوية جيدة، ومفيدة، منها عقار يُعرف علميًا باسم (سيرترالين) والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين) مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا دواء بسيط لا يُسبب الإدمان، من أفضل مضادات قلق المخاوف، والجرعة التي وُصفت لك هي جرعة صغيرة، لكن التطبيقات السلوكية التي ذكرتها لك لابد أن تقوم بها، لأنها هي العلاج السلوكي البسيط، والذي سوف يقضي على هذه الظاهرة تمامًا التي تعاني منها، وقطعًا الدواء سوف يُشجعك كثيرًا؛ لأن الدواء يُقلل نسبة القلق والتوتر عندك؛ مما يجعلك تجد أن أمر الخروج والمواجهة سيكون سهلاً أكثر مما كان عليه فيما مضى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً