الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هذه الخطة العلاجية للاكتئاب ذات فائدة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع، الذي لا أعلم له مثيلا في الويب، وأسأل الله أن يجعل جهودكم المبذولة في خدمة المسلمين في ميزان حسناتكم، وأن يجزيكم على ذلك أحسن الجزاء، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، أما بعد:

وأود أن أشكر الدكتور: محمد عبد العليم، على ما يبذله من جهود في تقديم النصائح، والإجابة عن استفسارات المرسلين للنصح والتوجيه، وأسأل الله أن يجزيه خيرا، وأن يعينه على ما يحب الله ويرضاه.

أنا شاب عمري ٢٧ عاما، أصبت بنوبة من الاكتئاب قبل ثمان سنوات، عانيت خلالها من الأرق والقلق والوساوس والضيق، شيء لا يعلمه إلا الله، ثم أذن الله بالشفاء بعد تناول عقار الباروكستين، جرعة ٢٠ملغ لمدة عام كامل، وانتكست بعد ذلك وأخذت عقار الفلوكستين، جرعة٢٠ ملغ، وتحسنت سنة كاملة ثم انتكست من جديد بعد التوقف عن الدواء، عدت له وتحسنت أيضا لمدة سنة، ثم انتكست، ثم عدت للدواء بجرعة ٤٠ ملغ، ولكن التحسن هذه المرة كان طفيفا، بنسبة ٥٠ ٪، وبدأت تظهر بعض أعراض الهوس بشكل بسيط، ولدي نشاط زائد قليلا، وحدة في الفهم والتركيز، ولا أدري هل هي أعراض الاكتئاب ثنائي القطبة، أم أنها من الآثار الجانبية لمضاد الاكتئاب!

وأود أن أشير لأمر: فمنذ صغري كانت تتناوب علي فترات من الضيق البسيط، وفترات من الانشراح البسيط، وكان الجميع يعجب بذكائي وسرعة فهمي.

على كل حال بدلت الدواء إلى السرترالين، وجربت الديباكين، وعقار اللاميكتال بجرعة ٢٠٠ ملغ، لكنني لم أستفد كثيرا، ومنذ ثلاثة أشهر أصبت بانتكاسة، فأضفت السيروكويل ذا التحرر الفوري، لا يوجد غيره عندنا، تناولته بجرعة ٢٠٠ ملغ، وتناولت سوليان بجرعة ٥٠ ملغ منذ أسبوع، تحسنت من مجموع ٣٣ من سلم هاميلتون إلى ١٥، لكن نسبة ١٥ أحيانا تزيد وأحيانا تنقص ربما إلى ٣ أو ٥، وأصبحت حساسا جدا، فأي مشكلة بسيطة تدخلني في حالة من الضيق، ولا أدري إن كان ذلك بسبب كثرة الانتكاسات أم لا، وكأن عقلي لا يسستطيع التأقلم -والله أعلم-.

الكثير من المختصين عندنا يستعملون نوعا واحدا من العلاج، وهو العلاج الدوائي، كأنهم لم يدرسوا غيره، ربما بسبب كثرة المرضى، أو ربما لغياب روح المسؤولية عندهم، فكل المرضى سواسية في قواميسهم، وإن لم يتحسن المريض زادوا الأدوية، هذا ما لاحظته بصفتي صيدليا.

وأضيف بأن أبي وأربعة من إخوتي عانوا من الاكتئاب أحادي القطب، وتحسنوا -بفضل الله-، فهل هذه الخطة العلاجية جيدة، أم تنصحني بغيرها؟ فأنا أريد إيقاف مضاد الاكتئاب وأخشى الانتكاسة.

أرغب بالخطبة والزواج، فهل ذلك سيكون ذلك مناسبا في الوقت الحالي؟ وأود أن أنصح الآباء بأن يحسنوا تربية أولادهم، وأن يبعدوا مشاكلهم عن الأولاد، ويزرعوا بهم التفاؤل والمحبة، ويدربوهم على خوض غمار هذه الحياة، فأنا حرمت من كل هذا أو بعضه، وكان لذلك أثر سيئ على نفسي، وكان أمر الله قدرا مقدورا.

وفي الأخير: أسأل الله لي ولكم العفو والعافية في الدين والدنيا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالغفور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع والعاملين به، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا.

أنا أتفق معك تمامًا أن ليس كل أنواع الاكتئاب أو الاضطرابات الوجدانية ذات منشأ بيولوجي، بمعنى أن العلاج يجب أن يكون دوائيًا فقط، هنالك نسبة قليلة جدًّا من هذه الاضطرابات الوجدانية نستطيع أن نقول أنها بيولوجية المنشأ 100%، وفي هذه الحالة يكون الدواء هو خط العلاج الأساسي، لكن في معظم الحالات الاكتئابية والوجدانية أرى أن مكونات العلاج الأربعة يجب أن تتوفر، وهي: العلاج النفسي السلوكي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي، والعلاج الدوائي.

هذه المكونات الأربعة العلاجية حين تكتمل أعتقد أنها تؤدي إلى نتائج ومخرجات إيجابية جدًّا فيما يخصّ العلاج والتحسُّن وحتى الشفاء من الاكتئاب.

أنت مُدرك لأهمية العلاج الاجتماعي، والعلاج الاجتماعي يعني أن يكون للإنسان نسيج اجتماعي ممتاز، التواصل الاجتماعي الرصين والأصيل يهزم الاكتئاب، فاحرص على ذلك.

ممارسة الرياضة أيضًا وجدتْ مهمّة جدًّا؛ لأن الرياضة تنشِّط الكثير من المركبات الهرمونية والمواد العصبية الإيجابية، فتساعد في تنشيطها، وتؤدي إلى تنقية النفس والجسد من الشوائب البيولوجية السلبية.

حسن تنظيم الوقت والإصرار على الإنجاز مهمٌّ كعلاج، وأن تكون لديك خطط مستقبلية إيجابية، قطعًا من الناحية السلوكية أهم شيء التفكير الإيجابي، وهزيمة الفكر السلبي، نعم السلبيات كثيرًا ما تفرض ذاتها علينا، لكن بشيء من الإصرار والمثابرة ينتصر الخير على الشر في تفكيرنا.

العلاج الإسلامي معروف وأهمه: الالتزام بالعبادات، وأن تكون الصلاة في وقتها ومع الجماعة، هذا مهم وضروري جدًّا، التوكل المطلق على الله في كل شيء، والأخذ بالأسباب والسعي، وأن يعرف الإنسان أنه من الضروري أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره، وأن يسعى بالفعل في عمارة الأرض، وقطعًا التعامل الحسن ومكارم الأخلاق يعطي دفعًا نفسيًا إيجابيًا للإنسان، بر الوالدين يجب أن يكون على رأس الأمر.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم الأدوية متشابهة ومتقاربة إلى حدٍّ كبير، وأنا لا أستبعد أن لديك شيئا من ثنائية القطبية البسيطة، ما كان يظهر لديك وفي سِنٍّ مبكرة من تقلبات مزاجية ربما يُشير إلى أن شخصيتك أصلاً هي من النوع الذي يُعرف بالشخصية السيكوثايمية، أي ذات التقلب المزاجي، لكنها من درجة بسيطة.

إذًا أنا أُقِرُّ عقار السوركويل، أُقِرُّه تمامًا، فهو دواء رائع وجيد ومفيد، وحقيقة ما يظهر من نتائج على مقاس (هميلتون)، يُشير بأن هناك تحسُّنا حقيقيا.

وأنا أود أن أقترح عليك أن تُضيف عقار (زيروكسات CR)، جرعة 12.5 مليجرام، جرعة صغيرة، تتناولها يوميًا لمدة عام.

الزيروكسات دواء ممتاز لتحسين المزاج، ولا يؤدي إلى انشراح زائد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً