الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيه لولد في شعوره بعداوة أبيه له وكراهيته لنجاحه وتفوقه

السؤال

السلام عليكم.

إنني -والله أعلم- ولد بار بوالديه، وأحبهم كثيراً، وملتزم معهم بتعاليم الدين وتطبيق السنة النبوية الشريفة، إلا أن والدي كأنه على عداوة معي، ويكره نجاحي وتفوقي، وكأنما هو في مثل سني! حتى والدتي قد زهقت من تصرفاته وريائه مع الناس.

وأنا على هذا الحال منذ أكثر من (6) سنوات، حتى إنني أصبحت أمل من وجودي في البيت لولا رؤية والدتي، أرجو تقدير حالتي مع النصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يصلح ما بينك وبين والدك، وأن يرزقك الصبر عليه وبره والإحسان إليه.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فإنه لأمرٌ محير حقاً أن يكون مصدر الحب والعطف والحنان والرحمة قد انقلب إلى مصدر حقد وحسد وكراهية، فهذا من أغرب الغرائب حقاً.

ونظراً لأنه ما من سلوك إلا ولابد من دافع ورائه؛ فأتمنى أن تُفاتح والدك في جلسة خاصة وبهدوء، وأن تسأله عن رأيه فيك أولاً، ولماذا يتصرف معك بهذه الصورة؟ وتذكره ببعض التصرفات التي تأخذها عليه، وما هي وجهة نظره في تلك التصرفات؟ وتحاول أن تتفاهم معه بغاية الهدوء، فإن كان له وجهة نظر معقولة فخذها بعين الاعتبار، وحاول أن تتفهم وجهة نظره، وأن تتأقلم معها؛ لأنني -مع احترامي الشديد لوجهة نظرك- لا أتصور أن تصدر مثل هذه التصرفات من والدٍ أبداً؛ لأن المقرر شرعاً وعرفاً أن الله زرع محبة الولد في قلب والديه، وأن الأب لا يحب أو يتمنى أن يكون أحد أحسن منه إلا ولده، ولذلك نجد أن الأب إذا كان يمشي مع ولده وقابله أحد أصدقائه فقال له مداعباً أو داعياً بصدق: أسأل الله أن يجعل ولدك أحسن منك؛ لأجاب وبسرعة وفرحة قائلاً: آمين، وفي المثل الشعبي: (أدعو على ولدي وأكره من يقول آمين)، أي: لأنني أدعو بطرف لساني ولا يريد أن يتحقق ما أدعو به أبداً، وانظر معي إلى القرآن فستجده قد أوصى الأبناء بالآباء في حين أنه لم يوصِ الآباء بالأبناء لأنهم ليسوا في حاجة إلى وصية؛ لأن قلوبهم ملأها بمحبة أولادهم فطرة وخلقة.
لذا أرجع وأقول أخي محمد: حاول أن تحاور وتناقش والدك فيما يبدو لك أنه غير طبيعي، وخذه معك في جلسة خلوية أو اعزمه على وجبة أو كوب شاي بعيداً عن الأسرة، وحاول مناقشته فيما يدور في خاطرك؛ لاحتمال أن تكون أنت الذي تفهم الأمور على غير طبيعتها، أو أنك حسّاسٌ أكثر من اللازم، واعلم أخي أنه بمقدورنا أن نغيّر أنفسنا، أما أن نحاول تغيير والدينا فهذا من الصعوبة بمكان؛ نظراً لتقدم السن، واستقرار الموروثات التربوية ورسوخها، وكذلك لمقام الأبوة، وأوصيك أخيراً بالدعاء والإلحاح على الله بأن يصلح الله حال والديك، وأن يمن عليك ببرهما والإحسان إليهما، وألا يحرمك رضاهما أو بركة دعائهما.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً