الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل لاستخدام الدوجماتيل والسيروكسات مدة طويلة أضرار جانبية؟

السؤال

السلام عليكم.

يشهد الله أني أحبك يا دكتور محمد عبدالعليم، جزاك الله خيرا على ما تقوم به أنت ومن يقف على هذا الموقع الكريم.

كنت أعاني من أعراض جسدية: دوار، وعدم اتزان، وصداع وما كنت أفكر أنني أعاني من القلق أم لا ولا 1%، وكشفت عضويا، وعملت التحاليل وكلها سليمة، ووصف لي البريستيك واستعملته شهرين بدون فائدة، وبعدها ذهبت إلى الدكتور وصف لي سيبراليكس استعملته لمدة شهرين، وأيضاً بدون فائدة، وبعدها دكتور آخر وصف لي سيروكسات -والحمد لله- هذا الدواء ممتاز جدا، تحسنت الأعراض منذ أسبوع ورجعت للعمل بعد سنتين من الانقطاع, وأعراضه الجانبية بسيطة جدا: مجرد غثيان خفيف وألم في المعدة وأرق لمدة 3 أيام وتختفي، وصرف معه أيضا دوجماتيل وهذا الدواء ممتاز جدا، ارتحت من الدوخة وألم البطن والتوتر.

استمررت على العلاج لمدة سنتين بجرعة 25، وسنة بجرعة 12.5، ثم تركته بالتدريج لمدة 3 أشهر، لكن الأعراض الانسحابية قوية واستمرت 4 أسابيع بعد الإيقاف التام، بعدها جلست 6 أشهر والأوضاع ممتازة وعلى ما يرام، ثم تناولت دواء نوتروبيل بسبب الدوار وبعد أسبوعين أصبت بنوبة نشاط وكثرة حركة، وفرح، وكثرة الكلام ليوم واحد فقط، وبعدها توتر، وقلق شديد، ودوار، وآلام قوية جدا، وذهبت إلى الدكتور وقال لي: ارجعي للسيروكسات، ورجعت منذ أربع أيام -والحمد لله- تحسنت الأعراض.

أسئلتي:

1- هل النوبة التي شعرت بها من النتروبيل؟ لأنني قرأت أنه ينشط المسارات العصبية، ويسبب التوتر والقلق والهوس.

2- خلال السنتين الأولى كان الدوار وعدم الاتزان مستمرا 24 ساعة، ثم السنة الثالثة يذهب ويعود، ثم آخر سنتين يختفي من 3 إلى 4 شهور ثم يعود 5 أيام ويختفي، فما هو السبب؟ وهل هو قلق أم سبب آخر؟

3- هل جرعة 12.5 كافية من السيروكسات لأنني أشعر بالراحة عند تناولها، عكس ال 25 تزيد القلق عندي؟ أم لا بد من رفعها إلى 25 حسب كلام الطبيب؟

4- هل يوجد ضرر من استخدام الدوجماتيل والسيروكسات لمدة طويلة؛ لأنني خلال 3 سنوات لاحظت تقشرا بجلد الأيدي والوجه بدون سبب؟

5- هل إذا كانت سمات الشخصية قلقة سوف تعود الأعراض بعد إيقاف الدواء؟ وما هو الحل؟

6- هل توجد طريقة ناجحة لتجنب آثار انسحاب السيروكسات الشديدة؟

7- ما هي الجرعة المناسبة من الدوجماتيل علما بأن حبة واحدة 50 ليس لها تأثير؟

8- هل من الممكن الشفاء التام من القلق، وترك الدواء، وعدم عودة الأعراض؟

وهل شاهدت يا دكتور بنفسك تجارب ناجحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك - أخي الكريم - ثقتك في إسلام ويب وعلى كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى لك الأجر والثواب، وأحبك الله الذي أحببتنا فيه أخي الكريم.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لسؤالك الأول: النوم ليس من الضروري أن يكون مرتبطًا بالنتروبيل، نعم هو محفّز للخلايا العصبية، لكن لم أسمع ولم أطلع ولم أقرأ أنه يؤدي إلى هذا الوضع، قد يكون تغيُّرًا نفسيًا طارئًا وليس أكثر من ذلك، بلا تُعطه أهمية.

بالنسبة لعودة الدوّار وعدم الاتزان واختفائه -أيها الفاضل الكريم- قد يكون مرتبطًا بحالتك النفسية، هذا أمرٌ مؤكد، وبعض الأحيان الإنسان قد يكون عُرضة للإصابة بفيروسات بسيطة تُصيب الأذن الداخلية؛ ممَّا يتسبب أو يُساعد في ظهور مثل هذا الدوّار، فالقلق قد يكون له دور، وكذلك الإصابة بفيروسات من وقتٍ لآخر، وهذا أمرٌ وراد.

جرعة الزيروكسات - ما دمت استفدتَّ على 12.5 مليجرام - هذه جرة بسيطة وجيدة ونافعة، وأعرفُ من استفادوا كثيرًا من مثل هذه الجرعة، وأعتقد أن مثل هذه الجرعة المعقولة سوف تُسهّل عليك تمامًا أمر الانسحاب من الزيروكسات في يومٍ من الأيام.

لا يوجد أي ضرر من استخدام الدوجماتيل والزيروكسات لمدة طويلة، كلاهما سليم، كلاهما جيد، لكن يفضل أن تُجري الفحوصات الروتينية، مثلاً مرة كل ستة أشهر، تأكد من مستوى السكر، والدهنيات، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ومستوى هرمون الحليب (برولاكتين)، لأن الدوجماتيل قد يرفع هرمون الحليب قليلاً في بعض الأحيان.

طبعًا سمات الشخصية القلقة تساهم في استمرارية الأعراض، لكن يُعرف تمامًا أن الإنسان يتطبّع ويتغيّر ويتأهّل، بمعنى أن القلق نفسه يمكن أن يقلَّ تدريجيًا، وذلك من خلال صقل الفعاليات السلوكية: تفكير إيجابي، ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، القراءة، الاطلاع، الدعاء، الذكر، الصلاة في وقتها، أن تكون لك أهداف؛ هنا - يا أخي الكريم - يُوضع القلق في مساراته الصحيحة.

سؤالك السادس: من السبل الناجحة جدًّا لتجنب آثار انسحاب الزيروكسات هو أن نُضيف إليه البروزاك قبل التوقف عن الزيروكسات، مثلاً في مثل حالتك هذه 12.5 ملجم تناول معها كبسولة واحدة من البروزاك، وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا. بعد ذلك - أي بعد أن تستمر مثلاً لمدة شهرٍ على هذه الخلطة - تجعل الزيروكسات حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عنه، وأنت في ذات الوقت تكون مستمرًا على البروزاك، لأن البروزاك دواء فاعل جدًّا، وله إفرازات ثانوية، ولا يؤدي إلى أي آثارٍ انسحابية. وبعد أن تتوقف تمامًا من الزيروكسات تستمر على البروزاك لمدة شهرٍ واحد، ثم تجعل البروزاك كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله. ومن أفضل الطرق أيضًا ممارسة الرياضة باستمرارية.

سؤالك السابع: الجرعة المناسبة من الدوجماتيل يمكن أن تكون مائة وخمسون مليجرامًا يوميًا دون أي آثار جانبية إن شاء الله تعالى، فيمكنك أن ترفع الجرعة.

السؤال الأخير: هل يمكن الشفاء التام من القلق وترك الدواء؟

نعم - أخي الكريم - وكلمة الشفاء هنا أقصد بها أن يتطور الإنسان ويحوّل قلقه المرضي إلى قلقٍ ناجح، إلى قلق أداء، إلى قلق فعاليات، وهذا من خلال أن تؤهل نفسك اجتماعيًا، وأن تزيد من مهاراتك، وأن تستفيد من وقتك؛ بهذه الكيفية - أخي الكريم - يحدث الشفاء ويتحول القلق من قلقٍ سلبيٍ إلى قلقٍ إيجابيٍ، شاهدنا الكثير والكثير من الذين نجحوا وتخلصوا من قلقهم وحوّلوه إلى طاقاتٍ إيجابية وأصبحتْ حياتهم كلها إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً