الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنفر من والدي ولا أحب تلبية طلباته، فهل أنا عاقة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، أشعر بنفور كبير من والدي، بعد موقف حدث بيني وبينه منذ عدة سنوات، وأحيانا أشعر بأنني أكرهه، ولا أتقبل كلامه، ولا أحب تنفيذ طلباته، حتى لو كنت أنفذ طلبه وطلب مني عملاً آخر وامتدحني، فلا أرغب بتنفيذ ذلك العمل.

كانت أمي مسافرة، وكنت حزينة لسفرها، فجاء والدي عندي وكان شبه عارٍ من الملابس، وهو أمر عادي، لأنه عادة ما يجلس في البيت هكذا، لكنه في ذلك الوقت جلس فوقي، وكان يريد أن يقبلني لكي يراضيني ويمازحني، ولكني نفرت منه، وتشاجرت معه.

منذ ذلك الوقت وأنا أبتعد عنه ولا أحبه، وكلما أتذكر ذلك الموقف أتضايق منه ولا أحترمه، ولا أرغب بسماع صوته.

أريد نصحكم لكي يتغير شعوري نحو والدي، فأنا أشعر بأنني أعقه بتصرفاتي، لكنني لا أستطيع نسيان ذلك الموقف، أو تفاديه، أو أن أتعامل معه كالسابق أضمه وأقبله، وأجلس معه.

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

طالما ومن عادة والدك أن يكون على تلك الحالة في البيت، فهذا يعني أنه لم يتقصد أن يخلع ثيابه بتلك الطريقة، ولا ينبغي أن تسيئي الظن به، بل يجب أن تحملي تصرفه على السلامة، وأنه إنما قصد أن يرضيك ويمازحك، وما يدل على أنه لم يقصد أمرا سيئا، أن هذا الأمر لم يتكرر منه، فلو تكرر ذلك منه لكنا شككنا بمقصده.

هذا والدك، وهو السبب في وجودك، وقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالد، وقرن الإحسان إليه بتوحيده وعبادته، فقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وقال: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ)، فليس من الإحسان كرهه، أو عدم القيام بخدمته والقيام بما يحتاجه.

اقتربي من والدك بالتدرج، وتفاني في خدمته، واطلبي رضاه، والدعاء منه، وستجدين أن الحاجز الذي ضرب بينكما يذوب شيئاً فشيئاً -إن شاء الله-.

الشيطان حريص على التفريق بين الناس، وإيجاد الحواجز بينهم بأتفه الأسباب، ومن ذلك أنه يؤز الأبناء على عقوق آبائهم والآباء على جفوة التعامل مع أبنائهم وهكذا، فأكثري من الاستعاذة بالله منه ومن كيده، واجلسي مع نفسك، وتفكري في معاناة والدك في تربيتك منذ أن خلقت، كيف كان يسهر الليالي، ويكد من أجل أن يوفر لك الطعام والشراب والكساء والدواء، ولا يزال حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، فذلك أجدر أن يرق قلبك له، ويجعل المحبة تعود إلى قلبك.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وسليه أن يؤلف بين قلوبكم، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ونزغاته وخواطره، وتذكري عقوبة الله لمن عق والديه، وأنه يخشى أن يكون الجزاء من جنس العمل، فقد يعقك في المستقبل أحد أبنائك لأي سبب كان، وسترين أنه ليس مبررا لتعامله القاسي معك، فبادري ببر والدك ونيل رضاه يبرك أبناؤك.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يوفقك لبر والدك، وأن يعيد العلاقة بينكما أمتن مما كانت عليه.

وفقك الله وسددك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً