الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الحساسية النفسية المفرطة وأفسر الكلمات كثيراً

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب جامعي، عندي مشكلة نفسية تعبتُ منها صراحةً، وهي الحساسية المفرطة للأمور، لدرجة أن كلمة أو اثنتين كفيلتانِ بتعكيرِ مِزاجي طول يومٍ أو يومين وربّما أكثر، أحسبُ للكلمةِ ألفَ حساب وقد تكونُ مزاحاً، إلا أنّي تلقائياً أدرجها تحت احتمال أن تكونَ في درجاتِ الجديّة.

المقصودُ دَفين، حتى أني - والعياذ بالله - أشعرُ بالحقدِ على صاحب الكلام، هذا مع مَعرفتي التامة عقلياً وقلبياً أن الأمر ليسَ بحاجة للتفكير بهذه الدّرجة، إلا أني أفكّر به كل مرّة بما يعكرُ حياتي، وقد تعبتُ من الأمر.

أنا -ولله الحمد- متفوقٌ على دفعتي في دراستي الجامعيّة، وحصلتُ على معدلٍ عالٍ، أهّلني للحصول على منحةٍ دراسية إذا ما حافظتُ عليهِ هذا الفصل راغباً بتخفيفِ العبء عن والديّ، وكانت إحدى مواد هذا الفصل صعبةً مُنذ أول محاضرة، وكُلّفنا في المحاضرة الثانية بسؤالٍ لم أستطِعْ حلّه كاملاً، الأمر الذي أربكني وجعلني أسلّمه فارغاً، وقد أخذتُ صفراً عليه!

مِنْ هُنا ومع معرفتي الكاملة بأنّه أمر طبيعيّ يحدث للجميع إلّا أنّ أفكاراً تتداخلُ في رأسي، كاستحالة تحصيلِ المنحة الدراسية، أو الفشل في العمل مستقبلاً، أو الرسوب في المادة، كلّ هذا كانَ مُنذ أول محاضرة فقط، لذا بدأتُ أكره نفسي، وقصدتُكُم أبتغي مما أفاءَ الله بهِ عليكُم.

هذا وأدعو الله لي ولكم بالتوفيق والخيرِ الجزيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طالب العلم والهدى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على الكتابة إلينا، وعلى دعواتك لنا، وأعانك الله على تجاوز هذه المرحلة.

نعم، يميل بعض الناس إلى شيء من الحساسية الزائدة في شخصيتهم، ويبدو أنك وكما ذكرت أنت، واحد من هؤلاء، حيث تتأثر بالأحداث والكلام الذي يجري من حولك، مما يزعجك ويكون عندك موقف سلبي من المتحدث.

نرى عادة هذا الشخص يفكر طويلاً فيما جرى، أو فيما قيل له أو أمامه، وقد يرتبك أمام الآخرين، أو ينفعل من شدة الارتباك والحساسية.

ما يمكن أن يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور، ومنها محاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة، فليس عندهم وقت ليضيعوه في تتبع أمورك أو أمور غيرك، وكما يُقال عندهم ما يكفيهم. هذه الفكرة بحدّ ذاتها يمكن أن تبعد عنك شبح مراقبة الناس لك، وأنهم يتقصدونك بكلامهم، فهم منشغلون عنك، وأنت لست مركز اهتمامهم، مما يخفف من ارتباكك أمامهم!

الأمر الثاني الذي يمكن أن يعينك هو: أن تذكر أنك في عمر الشباب حيث أنك في الجامعة، وأن أمامك الوقت لتتجاوز كل هذا، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذا.

تذكر أن التجنب، كتجنب مخالطة الطلاب في الجامعة، هذا التجنب لن يحلّ المشكلة وإنما سيزيدها شدة، فحاول الاختلاط بالطلاب مهما كان كلامهم، ومن الطبيعي أن المحاولة الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة ستتعلم أن تكون أقل حساسية، وبذلك تخرج مما أنت فيه.

ثالثاً: مما يعينك أيضاً وخاصة عندما تشعر بأن الارتباك قادم من الحساسية، هو القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، كالجلوس في حالة استرخاء والقيام بالتنفس العميق والبطيء، فهذا سيساعدك على ذهاب أعراض الارتباك والارتعاش.

وفقك الله ويسّر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها عاجلاً أو آجلاً، وإن شاء الله يكون الأمر عاجلاً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً