الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب القلب وخوف ودوخة، فهل هي أعراض نفسية؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 31 سنة، لا أدخن ولا أمارس أي كبائر.

قصتي بدأت في أول يوم من رمضان، قبل أذان المغرب ب 30 دقيقة، حيث استيقظت مع الأذان وذهبت لأفطر، وفي طريقي شعرت بدوخة شديدة وخفقان في القلب، وأحسست بأنني سوف أسقط في الطريق، ولكن وصلت إلى البيت، وأخذت كأس ماء وتمرة، واستلقيت على يميني، فذهب عني الدوار والإحساس بالإغماء بعد 30 دقيقة تقريبا، واستمر معي الدوار لمدة 5 أيام تقريبا، وتحسن بعدها قليلا.

الغريب أنه كلما اقترب موعد الفطور أبدأ بالتعرق، ويأتيني وخز فوق السرة، ولكن يختفي عندما ينزل الأكل.

وفي اليوم 12 من رمضان عندما أكملت الفطور وخرجت لكي أقضي بعض الحاجيات أحسست بدوار رهيب وتعرق وسرعة في نبضات القلب، وكأن رجلي لم تعد موجودتان، ورجفة في اليدين وتحت القلب، ولم أعد قادرا على المشي خوفا من أن أسقط.

لما وصلت إلى البيت استمرت معي الحالة، شعرت بالخوف، وذهبت إلى الطوارئ، فأعطوني فيتاميناً ودواء للمعدة، وبعد مرور يومين لم أتحسن، فذهبت إلى طبيب عام، وقام بالفحوصات اللازمة، وأعطاني دواء للمعدة هو الآخر، وفيتامينا، ولكن لم تتحسن الحالة، لدرجة أني لم أعد أنام، فرجعت للطبيب، وقال لي: اعمل منظارا للمعدة، وفعلت، وكانت النتيجة سليمة، ولكن التحاليل أظهرت وجود التهاب مزمن نشيط وجرثومة في المعدة، فأخذت العلاج الثلاثي، وإلى يومنا هذا لم أقم باختبار التنفس.

الغريب أني لا أعاني من القيء، ولا من أعراض الجرثومة، فهل أنا أعاني من القولون العصبي؟

كما أنني أصبحت أخاف من الذهاب لأي مكان؛ لأني كلما تمشيت كثيرا شعرت بعدم الاتزان وكأنني سأسقط، كما أني أحس بانقباض فوق السرة يمتد إلى المخرج والمستقيم وإلى الأرجل، ولم أستطع أن أضغط عليهما.

قبل ثلاثة أسابيع ذهبت إلى طبيبة عامة، وكان تخطيط القلب سليما، وجميع باقي أعضاء الجسم سليمة، ولكن قالت لي لديك "بوم زوي".

ومن بين الحالات التي تؤرقني منذ رمضان أنني في حالة لم أتناول الطعام أشعر بحرقة فوق السرة، وبتعب الشديد وكأنه سوف يغمى علي.

حاليا لا آخذ أدوية، وكل ما لدي هو الصبر، فهل أنا مصاب بالقولون العصبي؟ وهل لجرثومة المعدة علاقة بالحالة النفسية؟ فقد سألت الأطباء السابقين وأجابوني بالنفي.

وقد ذهبت إلى طبيب نفسي أعطاني 3 عقارات deroxat alpraz athyml وللأسف هذه الأدوية سببت لي دوار زائدا وخفقانا في القلب، مع أني لا أعاني من ألم في الرأس ولا في القلب، ولكن أخبرني الطبيب النفسي بأني إذا أردت الاطمئنان على حالتي أكثر بأن أجري كل التحاليل ثم أعود إليه مرة أخرى.

وملخص حالتي:
- خوف متواصل وخصوصا عندما أنهض من النوم.
- أحس بدوار عند المشي وكأني أمشي فوق الإسفنج.
- إرهاق متواصل مهما نمت جيدا أو أكلت جيدا يظل هذا الإرهاق.
- إذا بقيت مثلا 4 أو 5 ساعات بدون أكل أصاب دوخة، وقد أخبرني جميع الأطباء بأنه لا علاقة بين جرثومة المعدة وهذه الأعراض، خصوصا أن معدتي لا تؤلمني.

أتمنى أن أجد عندكم تفسيرا لمعاناتي، فأنا خائف من أن أكون مصابا بمرض خطير.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: بالطبع أنت قمت بزيارة أطباء وقد فحصوك، ولابد أن يكونوا قد أعطوك بعض التفسيرات لحالتك، نحن هنا في استشارات الشبكة الإسلامية نبذل جُهدنا لأن نجعل الناس يسترشدون بما هو مفيد، لكن قطعًا لا يمكن أن نقول أو ندّعي أن هذه الاستشارات مكتملة في جميع الأحيان، لأن الطب في حقيقته هو شكوى واستماع ومحاورة وشرح وفحص ثم خطة علاجية.

المعلومات التي سُقتها لنا معلومات جيدة ومفيدة، فجزاك الله خيرًا، ومن خلالها أستطيع أن أقول أن لديك درجة واضحة جدًّا من قلق المخاوف، لذا نصحك الطبيب بأن تذهب إلى طبيب نفسي، وأعتقد أن الحالة التي أتتك لا تخلو أيضًا من نوبة هرع أو ما يُسمّى بنوبات الفزع، وموضوع العلاقة بين نوبات الهرع والفزع فالقلق فيها مكوّن رئيسي، وكثيرًا ما تؤثِّر على أجهزة معيَّنةٍ في الجسم، وأكثر أعضاء الجسم تأثُّرًا هو الجهاز الهضمي، هذا أمر معروف –أيها الفاضل الكريم– وكذلك الجهاز العصبي، لذا موضوع الدوخة، أو أعراض الجهاز الهضمي التي تنتابك غالبًا أعراض نفسوجسدية سببها قلق المخاوف الذي لديك.

هذا هو التفسير بالنسبة لحالتك، هنالك قلق، هنالك فزع يأتيك في أوقات متقطعة، وظهرتْ بعد ذلك الأعراض الجسدية، وهي أعراض نفسوجسدية.

بالنسبة لموضوع العلاقة بين الأكل والدوخة والجوع: بعض الناس حين يتناولون الطعام بعد الصيام (مثلاً) مباشرة، أو مجرد رؤية الطعام يُفرز الأنسولين بكميات كبيرة جدًّا في الجسم، وهذا يظهر في شكل انخفاضٍ في السكر، ويظهر في صورة تعرُّقٍ وربما تسارع في ضربات القلب، وبعد أن يستمر الإنسان في الأكل تختفي هذه الظاهرة. هذه ظاهرة فسيولوجية وليست ظاهرة مرضية، وربما تفسِّرُ شيئًا مما ذكرتَه -أيها الفاضل الكريم-.

أنا أريدك حقيقة أن تمارس الرياضة كعلاج أساسي، وأن تنام نومًا ليليًا مبكرًا، وأن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، هذا يزيل عنك -إن شاء الله- التعب والإجهاد الجسدي والإجهاد النفسي والشعور بالخمول، وسوف تبدأ في التحسُّن.

هذه أمور أساسية: الرياضة، النوم الليلي المبكر، والتوازن الغذائي، وأن تكون إنسانًا متفائلاً وإيجابيًا في تفكيرك، مهما كانت الأعراض.

هذه هي النصائح الأساسية التي أوجِّهها لك، وأنا أريدك أن تواصل مع طبيبك، الطبيب النفسي على وجه الخصوص، سوف تستفيد كثيرًا.

الأدوية النفسية –أخي الكريم– تتفاوت في فعاليتها من إنسان لآخر، ما وصفه لك الطبيب من أدوية أدوية جيدة، لكنك قلت أنها لا تُناسبك، ربما –إذا وافق طبيبك– تستفيد من دواء يُعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل) ويعرف علميًا باسم (سلبرايد)، هو دواء بسيط جدًّا للقلق، ليس له أعراض سلبية، على الأقل ظاهريًا، والجرعة هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم خمسون مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين أو ثلاثة، ويمكن أن يُدعَّم بالدواء المعروف باسم (سبرالكس)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام)، جرعة بسيطة، خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الأدوية التي وصفها لك الطبيب خاصة الـ (ديروكسات) دواء رائع.

أخي الكريم: أنا لا أريدك أن تُغيّر الأدوية، ما ذكرته لك من أدوية يمكن أن تستشير فيه طبيبك، إذا وافق عليه فيمكن أن تنتقل له، وربما تجد فيه فائدة كبيرة بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً