الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستبدل الفاليوم أم أخفف الجرعات تدريجياً؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب في الثلاثين، أعاني من مشكلة الاعتياد الكبير على دواء "البرازولام" أو Xanax، حيث إنني أتعاطاه منذ حوالي 12 عاماً حتى الآن بجرعة تراوحت بين 0.75 إلى واحد ملغ كل يوم، منذ 3 سنوات تقريباً وأنا أعتمد جرعة واحد ملغ كحد أقصى ثابت، أستخدم الدواء لسبب طبي بناء على وصفة طبية قديمة، فأنا أعاني من القلق والرهاب الاجتماعي، وأربط ألبرزولام بخروجي من المنزل، أي لا آخذ دوائي إلا قبيل خروجي؛ لأكون أكثر جرأة واسترخاء.

فعلاً الدواء كان جيداً لي طيلة سنواتي الطويلة، ولكن قبل بضعة أعوام بدأت أشعر أن تركيزي انخفض وذاكرتي القريبة تأثرت إلى حد ما (صرت أنسى قليلاً)، بديهتي صارت أبطأ، وذكائي انخفض نوعا ما، لست خرفاً أو غبياً طبعاً، ولكني لست كما كنت.

علماً أن تعاطي الدواء سابقاً كان يزيدني قدرة ومهارة وشجاعة وبالتالي تركيزاً.

وبسبب سفري إلى بلد أجنبي لا يباع فيه الدواء، وبسبب الآثار الجانبية الحالية التي ذكرتها (ضعف التركيز والذاكرة...) قررت أنه قد حان الوقت للتوقف، قرأت الكثير عن هذا الدواء، وأعلم أن إدماني حتى أنني في أيام بقائي من المنزل عندما لا أتعاطاه، وهذا يحدث بمعدل مرة بالأسبوع لا أكثر، أشعر بتعكر في المزاج، وغربة عن محيطي خلال فترة علاجي.

حاولت أن أتطور سلوكياً، وكسرت حاجز الخجل والقلق، وصارت لي تجارب اجتماعية مهنية جيدة، وسلطت حولي بعض الاضواء وكنت ناجحاً، لا أدري كم ساعدني البرازولام في هذا، وهل أنا هكذا بسبب الدواء ؟ صراحة لم أعد أدري إن كنت لا أزال رهابياً، أم شفيت؟ وأرجح الأولى؛ لأن البرازولام ليس علاجت كاملاً بل مساعداً، علماً أني في بدايات علاجي استخدمت لفترة زولفت (سيرترالين) مع البرازولام.

أتمنى من حضرتكم:
1- أن تفيدوني هل ستستعيد ذاكرتي وبديهتي سرعتها بالتوقف عن الدواء أم لا؟

2- أن تساعدوني في تقييم حالتي، وسبل الخروج منها، علماً أن لدي كمية من الدواء تكفيني لأربعة أشهر قادمة، وعلماً أيضاً أنني بدأت أشعر بالاكتئاب في الأشهر الست الأخيرة، المهم أني أريد ترك الدواء بأقل الخسائر والأعراض الانسحابية التي تؤثر على أدائي الاجتماعي والذهني، فهل هذا ممكن وكيف؟ وما هو أفضل نظام؟ هل من المتوقع في حالتي أن أعاني كثيراً من الأعراض الانسحابية بشكل قاس؟ ومتى تزول هذه الأعراض؟

3- اضطررت إلى زيارة طبيب في البلد الأجنبي الذي أقيم فيه، وقد حاولت إفهامه مشكلتي بكلمات قليلة، فطلب انقطاعي التام عن البرازولام فوراً، واستبداله بدواء "فاليوم" عيار 5 حبة واحدة مساء، مع حبة زولوفت صباحاً عيار 50 إذ إنني قلت له أني مكتئب، وطلب مني أن أزوره بعد شهر واحد، لم أبدأ بتنفيذ الوصفة بعد، فما رأيكم؟ وتوصيتكم؟ وهل من الأفضل في حالتي عموماً استبدال الدواء تماماً أم تخفيف الجرعات تدريجياً؟

أعتذر عن الإطالة، وأشكركم شكراً جزيلاً على وقفتكم الإنسانية الرائعة، واهتمامكم بمشكلات الناس.

مع المحبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالبرازولام من فصيلة البنزوديازبين المهدئة، والمضادة للقلق، والمعروفة بأنها تسبب الإدمان عند استعمالها لفترة وطويلة، ولا شك في أنك استعمالك للبرازولام لمدة 12 سنة قد نتج عنه إدمان لهذا الدواء، دواء البرازولام، وطبعاً هو يعطى لحالة الرهاب الاجتماعي كمهدئ لفترة مؤقتة جداً لا تتجاوز 3 شهور، وكان يجب أن يكون هناك علاج أما بفصيلة أس أس أر أيز، أو علاج سلوكي معرفي للرهاب الاجتماعي.

على أي حال نحن الآن نتكلم عليك فعلاً صرت مدمناً على دواء البرازولام و12 سنة ليست بالمدة البسيطة، إذاً تحتاج لعلاج للتخلص من البرازولام، الطريقة التقليدية والمعروفة لعلاج إدمان أي فصيلة من فصائل البنزوديازبين، هو يجب تحويلها إلى فصيلة طويلة المدى، ومن فصائل الطويلة المدى هي فاليام، ويجب حساب الجرعة المناسبة.

أنت تتعاطى الآن حوالي 1 مليجرام، فهذا تقريباً يساوي 10 مليجرام فاليام، إذاً يجب عليك تحويل هذه الجرعة إلى ديازبام وهي 10 مليجرام، وتستمر عليها لفترة، عملية تحويل نفسها تحتاج لوقت؛ لأنه كثير وأنا عالجت كثيرا من المرضى الذين يحتاجون لوقت للتعود على الديازبام قبل بداية التخفيض عليه،

إذاً الخطوة الأولى هي تحويل جرعة البرازولام لجرعة مماثلة من الديازبام أو الفاليام، وهي في حالتك هي 10 مليجرام، ثم تناولها يومياً وأنا أتكلم عن فترة لا تقل عن 3 شهور تقريباً، طالما كنت تستعمل البرازولام لمدة 12 سنة، بعد أن تشعر بأنك مرتاح على الفاليام 10 مليجرام تبدأ خطوات التخفيض، ويجب أن تكون بتدرج، تدرج شديد 12 سنة، ليست بالفترة القصيرة يجب أن تخفض تقريباً 10 في المائة إلى 20 في المائة أقصى شيء إلى 25 في المائة كل شهر، إذاً تحتاج إلى عدة شهور لأن تتوقف عنها تدريجياً، ومقياسك في التوقف إذا كان هناك خفضت من درجة إلى أخرى، وشعرت بظهور أعراض فيجب أن ترجع إلى المرحلة التي قبلها وتثبتها لفترة من الوقت، ثم يكون التخفيض بدرجة أقل بعد ذلك، لماذا كل هذا العناء؛ لأن من مشاكل الإدمان البنزوديازبين على المدى البعيد هو ما بدأت تعاني منه، وهي مشاكل الذاكرة والتركيز.

إذا -الحمد لله- نجحت، وأنا متأكد أنك ستنجح، ونجحت أنا شخصياً في علاج كثير من الناس الذين أدمنوا على إحدى مواد البنزوديازبين لفترة طويلة في التوقف، فبإذن الله تدريجياً سوف ترجع الذاكرة، سوف تأخذ وقتا، ولكن سترجع المهم أنك تبدأ الرحلة من الآن بالطريقة التي ذكرتها لك، وهي تبديل إلى فاليام، والتخفيض التدريجي، ويستحسن أن يكون هذا تحت إشراف طبيب نفسي ذو دراية بهذا النوع أو من المهتمين بعلاج الإدمان.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً