الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تعاني من الوسواس القهري، ما الأدوية المناسبة لحالتها؟

السؤال

السلام عليكم
أشكركم على مجهودكم الرائع، وإجابتكم المستفيضة على أسئلتنا دائماً.

لدي أخت تعاني من الوسواس القهري، حسب تشخيص الطبيبة النفسية، منذ 3 سنوات ونصف، وأعطت لها دواء مودابكس 50 وأنافرونيل 75 بجرعة 2 قرص صباحاً و2 قرص مساءً، لكل دواء فيهما، بالإضافة إلى أندرال 10 لتنظيم ضربات القلب، قرص واحد يومياً، وأوراب فورت، وهي مستمرة على هذه الجرعات، منذ أكثر من 3 سنوات.

الحمد لله، تشعر بتحسن كبير واختفاء الأعراض التي كانت لديها تماماً، والدكتورة ترفض تقليل جرعة الدواء، وآخر زيارة لها وبعد الفحص والتأكد من اختفاء الأعراض قالت الدكتورة إنها ستقلل جرعة المودابكس مساءً لقرص واحد، بدلا من قرصين، وأكدت أنه في حالة ظهور أي أعراض من جديد لابد من زيارة الطبيبة فوراً، لتعديل الجرعة وزيادتها من جديد.

هل سحب الأدوية النفسية من الجسم ببطء شديد سيؤدي إلى انتكاسة -لا قدر الله- خاصةً وأن الدكتورة قالت: إنه من الممكن أن يستمر العلاج مدى الحياة إذا رجعت أي من الأعراض السابقة، هل من الممكن الشفاء التام من مرض الوسواس القهري، وعدم الحاجة لأخذ أي أدوية؟ وهل لهذه الأدوية تأثير سلبي على أعضاء الجسم الأخرى، كالكبد والكلى؟ وخصوصاً مع استمرارية أخذها لسنوات طويلة؟ وهل لهذه الأدوية تأثير على القدرة على الإنجاب مستقبلاً؟

أشكركم جداً، ومحتاجة إجابات وافية لأسئلتي، كي أطمئن على أختي، وجزاكم الله كل خير، ووفقكم لكل ما يرضى الله عنه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maram حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نتمنى عاجل الشفاء لأختك الكريمة.

إذا كان التشخيص هو الوساوس القهري المعروف، ففي بعض الناس قد يحتاج الإنسان أن يتناول الدواء لسنوات طويلة جدًّا، وهذه الفئة من الذين يُعانون من الوسواس القهري، غالبًا لا يُطبِّقون أي آليات علاجية سلوكية، ويكون اعتمادهم التام على الدواء، وقطعًا حين يتوقفون عن الدواء ربما تأتيهم هفواتٍ أو انتكاساتٍ.

أما الذين يُحاربون الوسواس ويُحقِّرونه ويتجاهلونه تمامًا، ويلجؤون إلى أسلوب التعريض – أي أن يُعرِّضوا أنفسهم إلى مصدر وسواسهم – دون تردد، ويعيشون حياة مليئة بالجهد والنشاط، وحسن إدارة الوقت، غالبًا هؤلاء لا يحتاجون إلى الدواء لفترات طويلة.

إذاً هنالك البعض الذي يحتاج إلى الدواء على الدوام ولسنوات طويلة، لأنه لم يُطبِّق أيّ آلياتٍ سلوكية، أو لم يُطبِّقها بالصورة المطلوبة، وهنالك مَن يلتزم بالجوانب السلوكية والاجتماعية والدوائية، وحتى العلاج عن طريق الدين، مثل المحافظة على الصلاة والإكثار من الاستغفار والدعاء والذكر وقراءة القرآن...، هذه كلها تطرد الوسواس.

إذاً أختك إن كانت لا تريد أن تحدث لها انتكاسات لا بد أن تُدعِّم الرزمة العلاجية من خلال التطبيقات السلوكية.

سحب الأدوية من الجسم ببطء لا يؤدي إلى انتكاساتٍ إذا كان هنالك تطبيق سلوكي، أعتقد هذا بالنسبة لسؤالك الأول، والشفاء التام، (نعم) من الوسواس ممكن، ولكن بالشروط التي ذكرتها.

هذه الأدوية ليس لها تأثير سلبي على أعضاء الجسم كالكبد، خاصة بالنسبة للأشخاص الأصحاء، لكن نقول: مَن يتناول أدوية لسنواتٍ طويلة لابد أن يكون له فحص دوري، على الأقل مرَّةً كل ستة أشهر، بجانب الفحص السريري الإكلينيكي يكونُ هنالك فحوصات مختبرية عامَّة، هذه تُطمئنُ كثيرًا.

مثلاً عقار (أوراب) دواء جيد وسليم، لكن في السنوات الأخيرة هنالك تقارير وبحوث كثيرةٍ – خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية – تقول إن هذا الدواء بالرغم من أنه سليم لكن لابد لمن يتناوله أن يُجري تخطيطًا للقلب مرة كل ستة أشهر مثلاً.

لا نقول: إن الدواء يُسبب أمراض القلب، لكن قد يؤدي إلى تغيرات بسيطة في كهرباء القلب، وهذا نادر ما يحدث، ولكن كنوع من التحوط أو كنوع من الممارسة الطبية عالية الجودة والمستوى.

الحمد لله تعالى، الآن التقدُّم كبير جدًّا من حيث سلامة الأدوية، وطريقة تناولها، وكذلك تطور الآليات العلاجية غير الدوائية.

هذه الأدوية ليس لها أي تأثير سلبي على الإنجاب، لكن بالنسبة للأوراب قد يرفع من مستوى هرمون الحليب، والذي يُعرف باسم (برولاكتين)، وهذا قد يؤدي إلى اضطرابٍ في الدورة الشهرية، وقد يؤدي إلى تقليل فرص الإنجاب، لكن بصورة مؤقتة ونسبيًا، أما بقية الأدوية فلها آثار سلبية يسيرة على الرجال، وليس على النساء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً