الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من كثرة التفكير بسبب ظروفي المعيشية، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي مع التفكير، حيث أني أقضي أكثر الأوقات في التفكير، فمثلا عندما أقرأ أذكار الصباح أجد نفسي قد سرحت في التفكير في عملي وهموم الدنيا، وكذلك وقت الصلاة، ووقت النوم، ولا أعرف ماذا أعمل؟ محتار بين عملي الذي أنا فيه وبين أن أذهب إلى عمل آخر، ولكني أخاف أن لا أوفق، حيث أني أعمل في شركة، والوضع المادي سيء، وكذلك يختلقون المشاكل لبعض الموظفين، من أجل إخراجهم، وأخاف أن يأتي دوري، ولكن في بعض الأحيان أفكر أنه لو طلب مني المغادرة فسيفتح لي باب رزق جديد.

أحيانا يقول لي شخص أن الوضع سيء، والوظائف في هذه الأيام غير متوفرة بكثرة، فأصاب بالإحباط، وأحيانا أتفاءل، بمعنى أني سريع التقلب، فأرجو أن تفيدوني.

حيث أني في بعض الأحيان أجرب تمارين الاسترخاء، لكني أعود للتفكير وأنا أثناء أداء التمارين، فما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صقر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

إن وجود الهم الكبير عند أي شخص في أي قضية من القضايا يولد عنده التفكير الدائم والسرحان الخارج عن حدود المعقول والمقبول، فما تعانيه من التفكير والسرحان ناتج عن تفكيرك في قضية العمل، والخوف من أن يخرجك أصحاب الشركة من عملك.

يجب أن تكون على يقين أن الرزق بيد الله تعالى، وأنه إن كان لك رزق في هذه الشركة فلن يستطيع أحد أن يخرجك منها حتى صاحب الشركة نفسه، يقول تعالى: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ).
ويقول عليه الصلاة والسلام لابن عباس -رضي الله عنهما-: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف).

كن متوكلا على الله تعالى، فمن توكل على الله كفاه، ومن أوى إليه آواه، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، واعمل بالأسباب فالعمل بها لا ينافي التوكل يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)، فالذي يرزق الطير الضعيف قادر على أن يرزقك، لكن انظر كيف عمل الطير بالسبب.

من العمل بالأسباب أن تبحث عن عمل آخر وأن تقدم أوراقك لدى الشركات العاملة في المجالات التي تتقنها سواء في المدينة التي أنت فيها أو في مدينة أخرى، ومن طرق الباب وجد الجواب كما يقال.

يجب أن تعتقد أن أمور الإنسان بل الكون كله يسير وفق قضاء الله تعالى وقدره كما قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء).

كن متفائلا على الدوام؛ فالتفاؤل خلق نبوي كريم، من تخلق به أراح باله وقلبه، وأشرقت الدنيا بوجهه، ومن تشاءم أظلمت في وجهه وأصيب بالهم والغم والحزن.

العمل في أي مجال يليق بالإنسان ليس عيبا حتى ولو كان في غير تخصصه، فكم من حملة الدكتوراه ما وجدوا أعمالا رأيناهم اشتغلوا في سيارات الأجرة مثلا، وكم من حملة الماجستير اشتغلوا في قيادة الشاحنات، وكم من خريجي الجامعات فتحوا أكشاكا صغيرة لبيع الشاي والقهوة أو تجارة متواضعة، وهكذا، المهم ألا يبقى المرء ينتظر الرزق ليقرع باب بيته.

لزوال الهموم والغموم الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).

من أسباب طمأنينة القلب الالتزام بتلاوة ورد يومي من القرآن، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، يقول المولى جل في علاه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسله من خزائن ملكه، فيد الله ملآى سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقة، وقد وعد الله من دعاه بالاستجابة فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ) وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

اعمل بالأسباب التي تجلب الرزق، ومنها: تقوى الله تعالى، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والتوكل على الله تعالى، وغير ذلك من الأسباب التي يمكنك التعرف عليها عبر موقع الشبكة الإسلامية.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يزيل همومك، ويرزقك من حيث لا تحتسب. آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً