الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تعاني من الوسواس القهري وأريد أن أعالجها سلوكيا، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

في البداية مشكلتي تتكلم عن أمي وعن إصابتها بالوسواس القهري، منذ أن عرفتها وهي شديدة النظافة، وتغسل الشيء جيدا، وتزيد في الوضوء مثلا لا تغسل القدم بل الساق أيضاً.

في الخمس سنوات الأخيرة بدأت تتطور عندها الحالة، أصبحت تضع على ريموت التلفاز غطاء شفافا لأنها تقول أيديكم قذرة، واكتشفت أيضا أنها وضعت غطاء على ريموت المكيف، بالرغم من أن غرفتها لا يدخلها أحد إلا هي، ومنذ سنة لا حظتها إذا دخلت الحمام للوضوء تجلس فيه فوق 40 دقيقة.

إذا سألتها لماذا تفعلين كل هذا تصرخ وتغير الموضوع، أو تقول لأنكم قذرون مثلا، أو لا تهتمون بأنفسكم، وتضرب لي الأمثلة حتى تثبت لي قذارتنا، وتضع لنفسها الأعذار، وأشعر وهي تتكلم بأنها خجلة مني فأسكت.

أنا طالبة علم نفس لذلك هي تقول لي: إن تخصصي أثر فيها؛ لتسكتني. المشكلة الأخرى أنني لا أستطيع أن أنفذ عليها فنيات العلاج السلوكي؛ لأن أمي أمية لذلك يصعب علي الشرح، أرجو إفادتي لأن حالتها بدأت تزيد يوما بعد يوم.

بالنسبة لإخوتي الكبار هم يعرفون مرضها ولكن لا يأخذونه على محمل الجد؛ لأنهم لا يعرفون أضرار الوسواس القهري، فإذا تكلمت معها أمامهم صرخوا علي حتى لا يرتفع ضغطها؛ لأنها مصابة بضغط الدم.

أرجو عند الجواب أن تأخذوا بالحسبان أنها تعتبرني صغيرة، ولا تأخذ كلامي على محمل الجد، وإذا تحدث إخوتي معها تحاول أن تغير الموضوع، ونشعر بخجلها فأصبحنا لا نتكلم عن هذا الموضوع.

أعلم جيداً بأن الوسواس القهري قد يتطور لأشياء أكبر وأخطر؛ لذلك أنا قلقة من تطوره عندها.

أرجو مساعدتي، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ا.ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

طبعًا مشكلة الوسواس القهري أن الذين يُعانون منه يرفضون اللجوء إلى أي علاج، ويظلون يقاومون بصمت لفترة طويلة، قد تمتد إلى سنين، ولا يأتون إلى الطبيب النفسي إلا بعد أن تنهار كل دفاعاتهم النفسية، وتصبح الحياة عندهم صعبة وغير مُطاقة، وهذا ما يحصل مع والدتك، ما زالت تُقاوم مقاومة شديدة، وتستمر في أفعالها الناتجة عن الوسواس القهري الاضطراري.

أبشرك، عادةً الوسواس القهري الاضطراري لا يتطور إلى مرض آخر، قد ينتج عنه اكتئاب بعد فترة طويلة، ولكن لا ينتج عنه مرض آخر خطير، والمريض نعم يُعاني فترة طويلة جدًّا، لكنّه لا يتطور إلى مرض خطير آخر، إنما قد يُصاب الشخص بالاكتئاب بعد فترة طويلة من المعاناة من الوساوس القهري الاضطراري، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أنا لا أرى مشكلة في كون أمك أُمِّية وتتعالج بالعلاج السلوكي، إذا كانت هي متعاونة، مشكلة الأُمِّية ليست مشكلة، ولكن المشكلة عدم تعاونها مع برنامج العلاجي السلوكي المعرفي، إذا كانت هي متعاونة فيمكنك أن تُبسّطي لها أنت - وأنت خرّيجة علم نفس - أن تبسّطي لها برنامج العلاج السلوكي المعرفي بما يُناسب وضعها كأُمِّية، وتساعديها في التطبيق بصورة مبسطة وملائمة لقدراتها.

الشيء الآخر: يجب عليك أن تعملي مع إخوتك في المنزل، وتقنعيهم بضرورة علاج والدتكم دون أن يُسبب لها ضغطا أو مشكلة، وتُذكريهم بأن الوسواس القهري نفسه مرض يحتاج لعلاج مثله مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري، هذا يحتاج فقط إلى الطريقة التي تعرضين بها هذه المشكلة على إخوتك، واستصحبي معلوماتك كاختصاصية في علم النفس لمحاولة إقناع إخوتك بذلك.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الكويت أم خالد

    الله يشفي والدتك من الوسواس القهري شفاء عاجلاً.
    بخصوص الريموت معها حق الأفضل تغليف الريموت حفاظا عليه كي لايتغير لونه مع كثرة الاستخدام وأنا بصراحة أفعل مثلها.
    وبخصوص علاج الوالدة أنصحك بالرقية الشرعية لأني أعاني من الوسواس القهري
    ولاحظت أني عندما ذهبت لشيخ يرقيني أن حدة الوسواس خفت وليتني استمريت معه.
    وحاليا أتناول دواء لهذا المرض من عند طبيب نفسي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً