الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يصاب مريض اضطراب المزاج ثنائي القطب بالفصام؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا مريض وسواس قهري منذ حوالي 5 سنوات، أخذت أدوية كثيرة، مثل: السيروكسات، والكلوناريل، وميرتا وريسبيردون، وانفرانيل، وبروزياك، وبقيت لمدة أربع سنوات على حبتين بروزياك، والأمور كانت مستقرة إلى أن صارت تصيبني نكسات أخرى، لكن ليس على مستوى الوسواس، إنما المزاج، فغيرت الطبيب، فقال لي طبيبي الجديد أن معي اضطراب مزاج ثنائي القطب أيضا، وآخر فترة أصابتني حالة خوف من الإصابة بالفصام، لأنه حصلت معي أعراض ذهانية، فكنت أنظر في المرآة وأخاف من نفسي، أو أتريب من الناس للحظات، فخفت من الفصام للدرجة التي ودعت بها أحبائي، وقلت لهم لن تروني ثانية، وكنت متأثرا لدرجة كبيرة، وتحت ضغط عصبي هائل.

وآخر فترة أصابتني حالة تشبه زيادة كبيرة بالأفكار، فعند التركيز بشيء تكثر الأفكار عنه للدرجة التي صرت أشعر بها أني أريد أن أصرخ، لكنني أضبط نفسي، وأشعر بأني سأموت، أو سيحصل شيء بشكل قوي ومزعج، ويتفاعل جسدي مع الحالة، وأصاب بتوتر كبير، ومرة أيقظت أهلي ظنا مني أني سأختنق، لأنه أصابتني اختناقات، فقطعت الريسبيريدون لظني أنه هو السبب، وذهبت لطبيبي فعدل لي الأدوية، وقال أن هذه الأفكار ممكن أن تكون حالة وسواسية، وقال لي: أنه لا يمكن أن أصاب بفصام؛ لأن معي اضطراب مزاج ثنائي القطب.

1- فما هي حالة الإحساس بزيادة الأفكار بهذا الشكل القوي؟ وهل ممكن أن تكون بسبب الريسبيريدون أم بسبب الضغوط والوسواس؟ وهل من الممكن أن تهدأ؟ لأني تعبت جدا منها.

2- هل ما قاله الطبيب لي عن عدم إمكانية إصابة المصاب باضطراب المزاج ثنائي القطب بالفصام صحيح؟ لأنني أتمنى ذلك لخوفي الشديد من الفصام؟

3- ما هو الفرق بين الذهان والنوبة الذهانية؟ وهل ممكن أن يمارس صاحب النوبة حياته بشكل طبيعي دون أي خوف أبدا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء.

لقد أحسنت بأن ذهبت إلى الطبيب النفسي؛ لأن المناظرات المباشرة والفحص النفسي الدقيق مطلوب في بعض الحالات، وأعتقد أن حالتك هي أحد هذه الحالات.

بالنسبة لإحساسك بزيادة الأفكار بالشكل القوي الذي مررت به: لا أعتقد أن ذلك بسبب الرزبريادون، أعتقد أن قابليتك للقلق وللتوتر وتداخل الأفكار وتشويشها هو الذي أدّى لذلك، ويُعرف كثيرًا أن الأخوة الذين يُعانون من الوساوس على وجه التحديد تأتيهم نوبات قلق شديدة في بعض الأحيان.

هذه الحالة إن شاء الله تعالى تهدأ، وساعد نفسك من خلال: ممارسة الرياضة، والنوم الليلي المبكر، وممارسة تمارين الاسترخاء، وقد أوضحنا كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء من خلال الشرح المفصّل والبسيط الذي أوردناه في استشارة إسلام ويب والتي رقمها (2136015) فأرجو أن تستفيد منها، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذُكر بها من إرشاد وتوجيه.

سؤالك الثاني: هل ما قاله الطبيب عن عدم إمكانية إصابة المُصاب باضطراب ثنائي القطبية بالفصام صحيح؟ مع احترامي الشديد لهذا الرأي إلا أنه غير صحيح، فبعض مرضى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية قد تأتيهم بعض الأعراض الفصامية، وهنا نُسمي الحالة بالفصام الوجداني، أو الاضطراب الوجداني الفصامي.

هذه هي الحقيقة العلمية، لكن –يا أخي الكريم– مخاوفك وسواسية، وليس أكثر من ذلك، وأنا أؤكد لك أنك لن تُصاب بإذن الله تعالى بمرض الفصام، فلا تشغل نفسك أبدًا بهذا الشيء.

وأخي الكريم: أنا لاحظت أنك تتناول البروزاك، والبروزاك دواء رائع جدًّا لعلاج الوسواس القهري، لكنّه في ذات الوقت ليس من الأدوية الجيدة في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، حتى وإن كان من درجة خفيفة، وذلك لأن البروزاك قد يدفعك نحو القطب الانشراحي، قطب زيادة النشاط، وهذا يُشكل إشكالية كبيرة جدًّا، فأرجو أن تذكر هذه النقطة لطبيب الكريم، وربما ينقلك إلى عقار آخر، تحتاج لمثبتٍ للمزاج، وتحتاج لدواء مثل الزيروكسات والذي يُعرف علميًا (باروكستين) لأنه دواء رائع جدًّا في علاج الوسواس، وكذلك المخاوف، ويُحسِّنُ المزاج، وأعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا فيما يتعلق بمخاوفك من الإصابة بمرض الفصام.

فشاور طبيبك في هذا السياق، وأعتقد أنه سوف يُوافق على مقترحنا هذا، ونسأل الله لك العافية.

سؤالك الثالث: ما الفرق بين الذهان والنوبة الذهانية؟
الذهان مرض متكامل، يكونُ هنالك اضطرابًا عقليًا يتعلق بالأفكار، يتعلق بالوجدان، القدرة على توجيه الإرادة في بعض الأحيان، والمرض له تبعاته الاجتماعية والنفسية والمهنية، فالذهان مرض شامل.

أما النوبة الذهانية فهي نوع من الاضطراب العقلي الحاد، وغالبًا ما يكون محدودًا، ويختفي تمامًا دون أن يترك آثارًا سلبية على الإنسان فيما يتعلق بتكويناته ومهاراته وصفاته التي ذكرتها سلفًا، وصاحب النوبة يمكن أن يمارس حياته بصورة طبيعية جدًّا، وحتى صاحب مرض الذهان الآن يمكن مساعدته بصورة ممتازة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً