الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقب وضعي لمولودي قبل 6 أشهر أصابتني وساوس الموت

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة ولدت قبل 6 أشهر، كنت أعيش حياة هادئة وطبيعية، وأصبحت أعاني من القلق والوسواس منذ 3أشهر تقريباً، وأعاني من وسواس الموت، وظهرت علي هذه الأعراض تدريجياً: سرعة في التنفس، وخفقان في القلب، ووخز في الرأس، والإحساس بوجود شيء عالق في حلقي، وشعوري أنني لست موجودة في هذه الدنيا، حتى أصبحت تلازمني هذه الأعراض طوال الوقت، ولم أعد أطيق عمل أي شيء، أجريت عدة فحوصات شاملة وكانت كلها سليمة -الحمد لله-.

ذهبت لطبيب نفسي، وصف لي الدواء، ولكنني لم آخذه لخوفي من الأدوية، فهل يمكن أن تختفي تلك الأعراض بدون أدوية طبية؟

أحيانا أفكر أنني مصابة بأي مرض لا يستطيع الأطباء اكتشافه، فهل أذهب لطبيب نفسي، وهل آخذ الدواء، وهل يمكن أن أموت من تلك الأعراض إن لم آخذ الدواء؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بما أنك وضعتِ مولودك قبل ستة أشهر، وهذه الأعراض بدأت قبل ثلاثة أشهر، فهذا يعني أنها بدأت بعد الولادة، ومن الأشياء المعروفة في الطب النفسي، أن حالات الاكتئاب ما بعد الولادة تكثر بصورة ملحوظة، وتقريبًا 50% من النساء بعد وضعهنَّ يشعرنَ بنوع من الاكتئاب والقلق، وهذا ما حدث معك، أعراض قلق واكتئاب نفسي، وإن كان ليس شديدًا، ولكنّه من الدرجة المتوسطة تقريبًا.

والاكتئاب النفسي أو القلق النفسي من الاضطرابات النفسية، لذلك الفحوصات كلها تكون سليمة، وهذا ما حصل معك، لم يكن بسبب أن الأطباء فشلوا في تشخيص مرض، بل إحساسك بأن عندك مرض خطير، هذا جزء من المشكل النفسي، والأعراض الأخرى التي ذكرتِها واضح أنها أعراض نفسية محضة للقلق، مثل الخوف من الموت، ووسواس أنك ستموتين، وذكرتِ أعراض قلق ووسواس واضحة، حتى الأعراض الجسدية التي ذكرتِها هي أعراض جسدية للقلق النفسي، ليس إلَّا.

الشيء المهم: نعم هذه الاضطرابات النفسية -بإذن الله- لا تؤدي إلى الموت، وليست خطيرة من هذه الناحية، وأيضًا يمكن أن تذهب بدون علاج نفسي، أي تأخذ وقتها ويتحسّن الشخص دون أن يذهب إلى طبيب نفسي، ودون أن يتلقى علاجًا نفسيًا، ولكن المشكلة هي المعاناة، والألم الذي يمر به الشخص في هذه الفترة، والشيء الآخر: إن كانت هي تؤثّر على الشخص في وظائفه الحياتية والعائلية وعلاقاته الاجتماعية، أو تؤثِّر في أدائه الوظيفي إن كان في العمل أو إذا كان طالبًا، فوجود هذه الأشياء يتطلب تدخل علاجي، لكي ترجع الوظائف إلى طبيعتها، وتنتهي المعاناة الزائدة.

فإذا كنت تحسِّين بهذه الأشياء، فلا بد من الذهاب إلى طبيب نفسي، والشيء المهم الذي أحب أن أؤكده لك: ليس العلاج كله بالأدوية، هناك علاجات نفسية قد يُرشدك إليها الطبيب النفسي، أو قد يحوّلك إلى معالج نفسي، وهناك أدوية نفسية آمنة جدًّا الآن، وأضرارها الجانبية بسيطة، ولا تُحدث إدمانًا، وهناك أيضًا أدوية نفسية الآن يمكن استعمالها للمرأة المُرضع، وهي أيضًا لا تؤثِّر على الطفل الرضيع، ولا تُوجد بكميات في لبن الأم حتى يؤثِّر على الطفل الرضيع.

إذًا إذا كنت تُعانين -يا أختي الكريمة- أو إذا أثَّرتْ هذه الأعراض في حياتك بشيء ما فعليك مقابلة طبيب نفسي -كما ذكرتُ- ليقوم بمساعدتك، والمساعدة قد تكون ليست في الأدوية وحدها.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً