الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن عقلي فارغ ولا أملك أفكارا للتفكير في مستقبلي.. كيف أطور نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي كالتالي:
أولا: أشعر بأني أعاني من ضعف تركيز لدرجة أن من حولي يخبروني بأني ضعيفة التركيز.

ثانيا : لا أستطيع رفع مستواي الدراسي، وأهرب من الدراسة مرارا وتكرارا، وأعاني من تسويف الوقت وتمطيطه، عندما أشارك في مسابقات لا أفوز؛ لأني أمطط الوقت إلى حين أن تأتي المسابقة، وأكون غير متقنة لما أحفظ.

ثالثا: أنا إنسانة حساسة وخجولة وعشوائية، كما أني أعاني من رهاب اجتماعي عندما أقف أمام جمع من الناس.

أحب الكمال؛ لذا أخاف الخطأ، وهذا يؤثر على مشاركتي في الفصل؛ لذا نادرا ما أشارك، وأشعر بأني لا أملك شخصية، فأنا لا أعرف ما أحب، وما أكره، ولا أعرف نفسي، لا أملك عزيمة، أو إصرارا أو بالأحرى، أنا إنسانه انهزامية وأشاهد للمسلسلات الكورية.

رابعا: أشعر بأن عقلي فارغ، ولا أملك أفكارا للتفكير في مستقبلي مثلا، بالرغم من أني في سنتي الأخيرة من الثانوي لا أشعر بعظم المسؤولية، ولا أدرس بجد أبدا على الرغم من أني أعرف إذا اجتهدت أني سأحقق درجات عالية.

كنت من المتفوقين في المتوسط، وأما الآن فانقلب كل شيء، ونسبتي في انخفاض، أخاف أن أوهم نفسي بأشياء ليست فيّ كإعجابي بإحدى زميلاتي، فأنا متأثرة قليلا بالعقل الباطن، أحيانا أقول لنفسي ربما أني مريضة بمرض في عقلي حتى أني أجد ما ألقي اللوم علي، أهلي يضعون آمالا كبيرة عليّ ولا أريد أن أحزنهم.

أريد أن أنمي ثقتي بنفسي، وأغير شخصيتي للأحسن، وأكون إنسانة ناجحة نجاحا باهرا.

دلوني أثابكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفراح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، ومعذرة عن تأخر الجواب بسبب السفر وغيره.

لا شك أن سؤالك يطرح العديد من المواضيع، والتي هي مرتبطة ببعضها، والتي ربما تعود لصفتين أساسيتين موجودتين عندك وردتا في سؤالك، الأولى هي الميل أو النزعة للكمال والمثالية.

الصفة الثانية: هي شيء من ضعف الثقة بالنفس.

وإذا بدأنا بالثانية، فطبعا ليس هناك إنسان عنده ثقته بنفسه 100%، وإنما يختلف الأمر من شخص لآخر، وحتى عند نفس الشخص قد يختلف الأمر من وقت لآخر، فالشخص العادي، والذي ثقته بنفسه لا بأس بها قد يشعر بالتردد وضعف الثقة بالنفس نوعًا ما عندما يكون أمام تحد جديد.

وهناك خطوات عديدة يمكن أن تبني ثقة الشخص في نفسه، واطمئني فأنت بمجرد الكتابة إلينا فقد قمت بالخطوة الأولى، وهي أن يشعر الإنسان أو يقرّ بأنه يحتاج للتغيير ولرفع الثقة بالنفس.

حاولي أن تتعرفي إن استطعت على بعض أسباب ضعف الثقة بالنفس عندك، فهل هي طبيعة التربية، أو وجود من يكثر انتقادك من الأهل؛ لأن هذا مما يضعف الثقة بالنفس، وأحيانا مجرد انتباهك لهذا يمكن أن يحميك من المزيد من الضعف.

تذكري بأنه لا يوجد إنسان "كامل" فكل واحد يمكن أن يرتكب أخطاء، فحاولي أن تتعلمي بعض الدروس من أخطائك.

ومما يعزز الثقة بالنفس كثيرا موضوع تعزيز إيجابياتك ونجاحاتك المختلفة في الحياة، فتعرفي على نقاط القوة عندك، وافتخري بها، هل أنت جيدة في مادة أو مادتين؟ هل تحبين اللغات؟ هل تتحلين بالروح المرحة؟ هل تتقنين هواية فنية من الهوايات؟...

اشكري الله تعالى على الدوام على النعم التي أنعم بها عليك، فالشكر على النعم تزيد ثقتك بنفسك: {ولئن شكرتم لأزيدنكم}.

حاولي أن تكوني إيجابية مع نفسك، ومع الآخرين، وانظري لنصف الكأس الممتلئ، وليس فقط للنصف الفارغ. وإن تقديرك لما عند الآخرين يعزز ثقتك في نفسك، ساعدي الآخرين فيما يحتاجون، وهذا من أكبر أبواب زيادة الثقة بالنفس.

وفي نفس الوقت إن مدحك أحد على أمر إيجابيّ عندك فاقبلي هذا المدح، واشكري الله عليه.

انظري في المرآة، وابتسمي لنفسك، وقولي -الحمد لله- على ما وهب!

وعندما تكوني مع الناس الآخرين، حاولي أن تعبّري عن رأيك في الأمور، وإذا رأيت التمسك بهذا الرأي فلا بأس.

وفي بعض لحظات الضعف، لا بأس أن تتصنعي أو تتظاهري بالثقة في النفس، فهذا لن يضرك، وإنما يعطيك الشجاعة والثقة، تصرفي وكأنك أكثر فتاة ثقة بنفسها، ولماذا لا؟! وقد وجد من خلال الدراسات أن الصفة التي نتمثلها ونتصنعها لبعض الوقت تصبح صفة أساسية عندنا ومن دون تمثيل، بل تصبح طبيعية.

وتذكري بأن النجاح يؤدي لنجاح، والثقة القليلة بالنفس يمكن أن تزيد هذه الثقة، وهكذا...

ولعل في كل ما ذكرته لك من خطوات يكفيك لتعزيز ثقتك بنفس.

وأما بالنسبة لنزعة الميل للكمال، فحاولي أن تتجنبي مثل هذا الميل للكمال، وبأن أمورك يجب أن تكون كلها أفضل ما يمكن، فهذه الصفة قد تتعب صاحبها كثيرا، فأحيانا لا بد أن نقبل بأقل مما هو الأفضل، وهكذا هي الحياة.

ولا شك أن نمط الحياة الصحي من التزام الصلاة، وساعات النوم الكافية، وتوازن الصحة الغذائية بالابتعاد عن الوجبات السريعة، وبشكل خاص النشاط الرياضي... كل هذا سيقويك على القيام بالتغيير المنشود، وسيقوي من قدرتك على الانتباه والتركيز...

وفقك الله ويسّر لك الخير، وأعانك على التغيير المطلوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً