الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع عصبية والدتي وأتمكن من برها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة بعمر 27 سنة، مشكلتي في علاقتي مع أمي، فوالدتي إنسانة تتسم بالعصبية، وورثت هذا الأمر منها، حاولت أن أحبها لكنني لم أستطع، سعيت إلى برها ولم تفلح محاولاتي.

تضربني منذ طفولتي حتى بعد تخرجي من الجامعة، كانت تضربني لأسباب تافهة، تضربني بالسلك لو أنني فكرت في التغيب عن محاضرتي الجامعية، وفي المرحلة الابتدائية ضربتني بكأس الشاي على رأسي حتى انكسر، وضربتني بالحديد والزجاج عدة مرات، وعندما رفضت عريسا تقدم لخطبتي، لأنه لا يعمل وليس لدية وظيفة، ويدخن، صارت تدعو علي وغضبت بشدة، وطلبت أن أخرج من البيت وأذهب إلى أماكن تجمع الشباب، أعتقد بأن هذا الكلام يعتبر قذفا، وفكرت في قص شعري بسبب ضعفه فدعت علي.

هزت والدتي ثقتي بنفسي في الطفولة، فلو أردت مساعدة أي شخص في حمل شيء ما، تحرجني أمامه وتحذره أنني أسقط الأشياء لأنني خرقاء، حينما أرفض تناول الطعام بسبب الشبع تصرخ وتقول بأنني مريضة نفسيا، لو أردت الذهاب في مشوار معها تصرخ علي، ولا تقبل أي عذر، وتشعرني بأنني أقل من بقية الفتيات، وترفض كل فكرة أطرحها، حتى اختيار مطعم لتناول العشاء، والكثير من التفاصيل التي لا يمكنني ذكرها!

مشكلتي أنني أبادلها الصراخ حينما تستفزني، وتصادر حقي بالاختيار، لا أستطيع تحمل سيطرتها ورفضها لكل شيء أحبه أو أتمناه، تعبت من هذه العلاقة السيئة، أصبحت أتجنبها حتى لا أقول لها كلاما لا ينبغي أن أنطق به وأرفع صوتي، أتمنى أن أبرها، لكنني لم أنجح في ذلك، أخاف من ربي، وأخاف عقابه بسبب عقوقي، يعلم الله أنني أكره هذا الشيء وأندم دائماً.

أرجو منكم مساعدتي، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عفاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وعندما قرأت ما جاء في طلب الاستشارة، فالذي يمكن أن أشير به عليك فإنه يكمن في الآتي:

بداية: أحيي فيك صبرك وقوة تحملك لكل ما جرى، فأبشري فلك أجر عظيم الأجر عند الله تعالى، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، [سورة الزمر اية ١٠]، وعليك الاستعانة بالله تعالى، والإكثار من الذكر، ومن قول -لا حول ولا قوة إلا بالله- وحاولي أن تدخلي ما حصل لك من معاناة في طي النسيان، واجعليه من الماضي الذي لا ينبغي أن يذكر، واستشعري الأجر عند الله، وجزاء الصابرين.

مما يلزم عليك البر بالوالدة على كل حال، لأن هذا فريضة شرعية، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما}، [الإسراء : 23].

أرجو أن تعرفي أن تصرفات الوالدة نحوك بالقسوة لعل لذلك لأسباب، منها:

الأول: ذنوب ومعاصي تقع فيها الوالدة، ومن آثار هذه الذنوب ما فقدت فيه الرحمة بك، والشفقة عليك.

الثاني: لعل الوالدة تجهل كيف تكون التربية، أو أنها اعتادت على هذا من أسرتها.

أرجو أن تكوني صاحبة نفس كبيرة وكريمة، تحملين الود للوالدة مهما بدر منها نحوك من غلظة وشدة، فأنصحك أن تسامحي الوالدة من صميم قلبك، بل أرجو مساعدتها بالدعاء لها في ظهر الغيب، ونصحها إن كانت مقصرة في طاعة الله، وحاولي أن تأخذي الوالدة إلى محاضرة، وقدمي سؤالا للشيخ المحاضر، وفيه: ما نصيحتكم لفتاة تلقى قسوة غير طبيعية من أمها؟ ولعل أمك إذا سمعت الجواب يمكن أن تتغير -بإذن الله تعالى-، وكذلك عليك إعانتها على قراءة أذكارها والمحافظة على ذلك، حتى يطمئن قلبها ويهدأ غضبها، فإذا فعلت كل هذا فتكسبين البر بها حتى يخلفك الله ببر أبنائك لك.

لا تنسي أن تكثري من التضرع إلى الله تعالى، وخاصة في ساعات الاستجابة، بأن يصلح حال الوالدة، وأن يلين قلبها نحوك.

حاولي أن تكلمي أحدا من قريباتك من الأسرة لتبوحي لها بما يحدث، حتى تستطيع لفت نظر الوالدة حتى تحسن التعامل معك.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر فاعل خير

    شجاعة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً