الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بشيء مثل صعقات الكهرباء في جسمي مع قلق وأرق.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الهلع والخوف والوسواس القهري؛ نتيجة التعرض لموقف شديد الرعب أحسست فيه أني سأموت، وكان هذا في 2008، واستمرت هذه كلها حتى أفسدت حياتي ومتعة الأشياء، وانعزلت في البيت كثيرا، وقررت الذهاب لطبيب نفسي، وكتب لي باروكستين 20 مع دوجماتيل, وتحسنت حالتي -الحمد لله- حتى انقطعت عن الدواء، فتدهورت حالتي مرة أخرى، وذهبت للطبيب ونصحني بنفس الدواء، وتحسنت حالتي مجددا، وانتابني شعور أني سأعيش حياتي بنفس المرض، ولكني لم أخف منه، وقررت أن آخذ باروكستين، وفعلا تناولته لمدة 3 سنين، ولكن بشكل غير منتظم ممكن يوما آخذ قرصا، ويومين لا، وأوقات كنت أمتنع 4 أيام، أو أسبوعا.

أشعر بشيء مثل صعقات الكهرباء في جسمي، فأعود وأتناوله مجددا، ولكن ليس يومياً، منذ أسبوع تقريبا حدثت لي انتكاسة، ورعب شديد، وخوف من الموت، وقلق وأرق، نفس الحالة التي حدثت لي من قبل.

قررت الذهاب للطبيب مجددا، وقال لي إنها حالة "هلع" وكتب لي دواء قال لي إنه جديد، وفعال جدا مع حالتي اسمه بيدرمين (Bedremine 100) مع زولام، وأن أستمر على نصف قرص من باروكستين.

أود معرفة رأى حضراتكم في حالتي، وهل هذا علاج فعال؟ هل سأعيش حياتي على الدواء؟ اليوم كان أول يوم أخذ الدواء، ولكني متوتر منه وخائف من أي آثار تدهور حالتي أكثر.

مع العلم أني متزوج، وأنتظر مولودا خلال الشهور المقبلة -إن شاء الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
حقيقة نوبات الهلع والخوف والوساوس أصبحت شائعة ومنتشرة جدًّا في زماننا هذا، وأكثر شعور يُتعب الإنسان هو شعوره بأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، أو أن الموت قد أوشك، وهذا يُولِّدُ الكثير من الوسوسة والخوف.

شيءٌ أريد أن أؤكده لك بصورة قاطعة أن أعراضك هذه ما دامتْ هي نتيجة لتعرُّضٍ لموقفٍ شديدٍ من الرُّعبِ، فهذا يُبشِّر بأن حالتك سوف تتعالج؛ لأن كثيرًا من الناس تأتيهم مخاوف دون أسبابٍ واضحة.

أنت في حالتك المُسبب واضح جدًّا، عامل الإثارة موجود، وكل الذي أطلبه منك هو: أن تتذكَّر ذاك الموقف الذي مررت به في بداية عام 2008، وتقوم بتحليلات نفسية لتُحقِّر ذاك الموقف، أي أن تُقلِّص كمية الخوف التي أصابتك في ذلك الوقت، هنا نكون قد أحدثنا نوعًا من الخلخلة بالقاعدة التي منها نشأ الخوف والتوتر والمخاوف، وهذا – يا أخي – مهم جدًّا، وأنا دائمًا حين أعرفُ كيف بدأت المخاوف والوساوس – وإن كان هناك سبب واضح – دائمًا هذا يحمل بشارة في الشفاء.

الأمر الآخر هو: أن هذا الخوف الذي عشت معه يجب أن تتجاهله، وأن تتجنب الفراغ، املأ وقتك بما هو مفيد، املأ فكرك بما هو مفيد، ولا تتعامل مع الخوف من الموت خوفًا مرضيًا، تعامل مع الموت من خلال ما أسميه بالخوف الشرعي، وهو أن الموت آتٍ ولا شك في ذلك، وأن الأعمار بيد الله، لكنّ الخوف من الموت لا يُقْصِرُ من عمر الإنسان، ولا يزيد فيه لحظة واحدة.

توكل على الله، وادعُ الله دائمًا بحسن الخاتمة، واعمل لآخرتك كأنك تموتُ غدًا، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وعش الحياة بقوة، هذا مهم جدًّا، والرياضة وتمارين الاسترخاء والتواصل الاجتماعي نحن ننصح بها دائمًا في هذه الاستشارات؛ لأنها بالفعل مفيدة.

بالنسبة لعقار (باروكستين): أتفق معك، هو دواء رائع، لكن أي خلل في مواصلة استعماله أو عدم الانتظام في تناوله يؤدي إلى ما يُعرف بالآثار الانقطاعية أو الانسحابية، والتي بالفعل تظهر في شكل قلق وصعقات كهربائية في الجسم، يحسُّ بها الإنسان على هذه الشاكلة، وهي مشاعر سخيفة جدًّا.

السبب في أن الباروكستين يُسبب هذا الأمر أنه لا يظلُّ في الدم لفترة طويلة، العمر النصفي للباروكستين حوالي 20 إلى 25 ساعة، يعني لا بد أن يتم تناول الجرعة يوميًا، وهذا الدواء يتم استقلابه وتمثيله أيضًا بصورة سريعة جدًّا، يعني أنه ينسحب تمامًا من الدم، ولا تُوجد له إفرازاتٍ ثانوية، وهذا بالفعل يؤدي إلى الآثار الانسحابية؛ لذا حين يتم التوقف عنه لا بد أن يكون هنالك تدرُّج شديد وشديد جدًّا حتى لا تحدث الآثار الجانبية.

والطبيب قد أحسن حين نصحك الآن أن تستمر على نصف قرص من الباروكستين، بالرغم من أنه أعطاك جرعة ممتازة من العقار الذي يُعرف (دسفلافاكسين Desvnlafaxine)، هذه الجرعة – أي مائة مليجرام – جرعة كافية جدًّا.

الدواء ممتاز، والدواء فاعل، تناوله بالصورة التي وصفها لك الطبيب، وتذكّر دائمًا أن الشفاء آتٍ، وأنك لن تعيش مع الدواء طُول حياتك، وتنشيط آلياتك السلوكية يُساعدك حتى حين التوقف من الدواء، فقد اتضح وبما لا يدع مجالاً للشك أن التوجُّه السلوكي للإنسان يلعب دورًا حتى في الآثار الانسحابية للأدوية إيجابًا أو سلبًا.

ختامًا: أتمنى لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً