الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب الأنِّيَّة والتغرب عن الذات منذ عدة سنوات، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، أعاني من اضطراب الأنية والتغرب عن الذات منذ عدة سنوات، حيث أشعر أنني أعيش في حلم، أو كأنني شخص آخر أراقب تصرفاتي وأفعالي، وحركات جسدي منفصلة عن الواقع الذي أعيش فيه متغرباً عن شعوري وإحساسي.

متبلد المشاعر، لا أشعر بأي فرح أو حزن، لا أدرك الواقع والمسؤليات من حولي، ولا أدرك نتائج تصرفاتي مطلقا، لا أفكر في أي شيء، ولا أشعر بالحياة، ولا أشعر بأي دافع أعيش من أجله، ثم تطورت هذه الحالة إلى التشتت التام والسرحان، وعدم القدرة على التركيز، والدوار والدوخة والخمول والكسل الشديد، كأن مخي مغيب، وأجد صعوبة بالغة في التعامل مع الآخرين، ولا أستطيع استيعاب الكلام وفهمه حتى بعد تكراره، مما سبب لي القلق والاكتئاب الشديد والتوتر، وأصبحت أتجنب التعامل مع الناس، وأميل إلى العزلة والكآبة.

أمارس الرياضة بانتظام، وقمت بإجراء التحاليل والفحوصات، وأشعة على المخ للتأكد من سلامة كل شيء، وكانت النتائج سليمة، قرأت في عدة مواقع على الإنترنت أن هذه مشكلات نفسية، وأن هناك العديد من الأشخاص تحسنت حالتهم بالعلاج، والأدوية النفسية كمضادات الاكتئاب وغيرها، فهل يمكن إيضاح الأدوية المناسبة للعلاج، والجرعة، والمدة اللازمة للعلاج؟ مع العلم أنني أحاول تجاهل هذه الأعراض منذ بداياتها، وأقنع نفسي بأنني سأتحسن في اليوم التالي، ولكنه واقع أعيش فيه، حتى أصبحت أفكر في الانتحار بشدة، فما تشخيصكم لحالتي؟

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الأخ الكريم: اضطراب أو عرض الأنّية تعني أن الإنسان يشعر بأنه غريب عن نفسه، أو أن مشاعره غريبة، أو يحسّ بالغربة بداخله، ويحس بالغربة من حوله، ويبدأ يراقب نفسه كأنه شخص آخر، أو ينظر إلى نفسه كأنه شخص آخر، وهو عرض من أعراض القلق والتوتر.

إذا كان هذا العرض لوحده، وليست هناك أعراض توتر وقلق يُسمى (اضطراب الأنّية)، وما ذكرته من أعراض ليست أعراضاً لاضطراب الأَنِّية، قد يكون عندك عرض الأنية، وليس تجمُّد المشاعر والأحاسيس، والتشتت والسرحان، وعدم القدرة على التركيز والخمول والكسل الشديد، والآن تدرَّجتْ إلى التفكير في الانتحار، كلها أعراض اكتئاب نفسي -يا أخي الكريم- وطبعًا التحاليل والفحوصات تكون سليمة، سواء كانت للمخ أو للدم أو للأشعة، لأن الاكتئاب النفسي مرض نفسي، وليس عضوي.

الرياضة قد تُساعد في القلق والتوتر، ولكن ليست من العلاجات التي تساعد في التخلص من الاكتئاب، الاكتئاب إمَّا أن يكون بسيطًا أو متوسطًا أو شديدًا، الاكتئاب البسيط يُعالج نفسيًا بالجلسات النفسية، ولا تُصرف له أدوية، والاكتئاب المتوسّط يُعالج بالجلسات النفسية في غالب الأمر، وأحيانًا قد تُصرف له أدوية، أما الاكتئاب الشديد فيُعالج بالأدوية في المقام الأول.

يبدو من الأعراض التي ذكرتها أن اكتئابك اكتئابًا متوسِّطًا، وهناك أدوية كثيرة تُساعد في علاج الاكتئاب، خاصة مجموعة السيرترالين، التي هي من فصيلة (SSRIS)، التي تعمل على زيادة مادة السيروتونين في دماغ الإنسان، سيرترالين/ زولفت 50مليجرام، ابدأ بنصف حبة ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وتحتاج إلى ستة إلى ثمانية أسابيع لزوال معظم هذه الأعراض، وبعد ذلك يجب أن تستمر عليها لفترة لا تقل عن ستة أشهر، وبعدها تخفض الجرعة تدريجيًا بسحب ربع حبة كل أسبوع، حتى تتخلص منها تمامًا، وإذا كان طريقًا لبعض العلاجات النفسية فلا بأس مع تناول الأدوية، ولكن تحتاج إلى علاج بالأدوية -يا أخي الكريم- مع العلاج النفسي، ولا بد من الاستمرار فيه للفترة التي ذكرتها.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً