الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخجل الزائد والرهاب الاجتماعي والانطواء، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر 30 عاماً، كاتب كتابي الزوجي والفرح خلال شهور قليلة، بإذن الله.

أعاني من الخجل الشديد منذ الدراسة الابتدائية، أخجل من أسئلة المدرسين لي في الفصل، وأخجل من الإجابة، واستمر هذا الموضوع حتى الآن.

الموضوع تحجم في جوانب وتطور في جوانب أخرى، وأنا -ولله الحمد- مثقف نسبياً، ومطلع ومحب للقراءة، مما جعلني أحاول أن أتغلب وأواجه الناس ولا أستسلم لحالة الانطواء.

أعراض الخجل التي تظهر من احمرار شديد في الوجه، ويظهر علي هذا الاحمرار، وسرعة نبضات القلب والإحساس بالدوخة أحياناً إن طال الموقف، مما جعل الأمر يتطور حتى في بعض الأحيان أجد نفسي لا أرد على من يحدثني، حتى وإن كان مجرد أنه يلقي السلام.

إن أجبت فإن صوتي في الغالب لا يُسمَع كثيراً، وما زاد الأمر سوءاً هو ضعف السمع أو التركيز، فكثيراً ما أطلب ممن يحدثني أن يعيد كلامه مراراً، حتى أستطيع فهمه، مما يزيد من احراجي واحمرار وجهي، ويجعلني أتجنب هذه المواقف، وأرد بكلام مقتضب، وأنهي الموقف بأي كلام لأتجنب الإحراج.

أعاني من فقدان الثقة في النفس، يدعمها بشدة هذا الخجل الزائد، مما يجعلني أتجنب جميع المناسبات الاجتماعية، حتى الواجبات التي أقوم بها على الهاتف، كالعزاء أو التهنئة أنهيها سريعاً، ولا أجد أي كلام أقوله إطلاقاً، وأظل قبل المكالمات أجهز وأعد كلماتي التي سأقولها، وأتمني إن كانت جميع المواجهات عن طريق رسائل كتابية، وهو مستحيل بالطبع، خاصة بحكم وظيفتي أقابل الكثير من الناس وأعاملهم.

لدي أيضاً مشكلة تقلب المزاج وانحداره فجأة بدون أدني سبب، والدخول في حالة اكتئاب شديدة، وتحدث أحياناً عندما لا أنام جيداً، وأحياناً بدون سبب، مما يسبب مشاكل بيني وبين زوجتي إن هاتفتها وأنا في هذه الحالة غالباً ينقلب الموضوع إلى مشكلة أفتعلها، وأنهال عليها بتوجيه الاتهامات بالتقصير وخلافه، ثم حين أستفيق أسترد نفسي وينتابني شعور شديد بتأنيب الضمير والظلم نحوها.

كما أنه لدي فرط في حركة الكتف الأيسر و القدم اليسرى بشكل شديد حتى أشعر بالألم فيهما، ولكن أحاول السيطرة على ذلك أمام الناس.

أريد نصيحتكم وقرأت على موقعكم عن عقار مضاد للاكتئاب ومقاوم للخجل اسمه الزيروكسات، فما الجرعة المفضلة لحالتي والتي تنصحوني بها؟ وما أضرارها الجانبية؟

وفقكم الله وجعل عملكم في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الخجل سمة من سمات الشخصية، نعم قد يؤدي إلى نوعٍ من الرهاب والقلق الاجتماعي، لكنه سمة من سمات الشخصية، ويمكن التغلب عليه بالعلاج النفسي أكثر من التغلب عليه دوائيًا، ولكن الخجل سبَّب لك أعراضاً نفسية أخرى، مثل ضعف التركيز وأعراض قلق نفسي – مثل زيادة ضربات القلب – وأدَّى إلى تقلُّب المزاج، تقلب المزاج عادةً نوع من الاكتئاب النفسي، والاكتئاب أيضًا يؤدي إلى تقلب المزاج.

إذًا – يا أخي الكريم – بالنسبة للعلاج وسؤالك عن الزيروكسات: الزيروكسات هو من فصيلة أو مجموعة الـ (SSRIS)، وهو من الأدوية التي تعمل على زيادة مادة السيروتونين في الخلايا العصبية للدماغ، وهي فعّالة في علاجات حالات الاكتئاب والقلق والرهاب الاجتماعي كذلك.

من آثارها الجانبية: الغثيان والدوخة والتعرُّق وآلام المعدة، خاصة في الأسبوعين الأولين، لذلك يُستحسن دائمًا أن يبدأ المريض بجرعة بسيطة، إذا بدأتَ بعشرين مليجرامًا – أو أحيانًا تأتي في خمسة وعشرين مليجرامًا CR – ابدأ بنصف حبة بعد الأكل حتى تخفّ أو تقل الآثار الجانبية مثل عُسر الهضم والغثيان، ويتم تناول هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك يمكنك أن تزيد وترفع الجرعة إلى حبة كاملة، واعلم أن الفائدة العلاجية من هذه الأدوية لا تأتي قبل أربع إلى ستة أسابيع، وبعد ذلك يمكنك الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم يتم التوقف عن تناوله بالتدريج، أي تخفيض ربع حبة كل أسبوع.

الشيء المهم هو أنك تحتاج إلى علاج نفسي مع تناول الزيروكسات، تحتاج إلى جلسات سلوكية لتدعيم الذات، وتعليمك مهارات سلوكية للتغلُّب على الخجل، وذلك يكون بالتدريج، التغلُّب على الخجل وزيادة الثقة بالنفس، وذلك من خلال جلسات سلوكية مُحددة، عادةً تكونُ أسبوعيًا، وتحتاج عادةً من عشرة إلى خمسة عشر جلسة، ويُفضّل أن يكون هذا تحت إشراف معالج نفسي متمرِّس، ويستحسن الجمع بين تناول الدواء والعلاج النفسي، إذِ الجمع بينهما أفضل من الاستغناء بأحدهما عن الآخر.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً