الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفسيتي محطمة وأمي مستعجلة في أمر الزواج، أرشدوني ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٥ سنة، دائماً أؤمن أن الزواج قسمة ونصيب، ولست مستعجلة في موضوع الزواج، فالله -عز وجل- سيرزقني بنصيبي حين يأذن، لكن أمي حلمها وهدفها الوحيد في الحياة هي أن تزوجني بأية طريقة، سبق وأن تقدم لخطبتي شاب وقبلت لكن عائلته أحدثت بعض المشاكل فأنهينا الخطوبة، ثم تقدم لي شاب آخر بهدف الزواج، لكن اكتشفت في الآخر أنه يريد التسلية فقط فانفصلت عنه.

أمي كانت تؤيدني في انفصالي في كلا المرتين؛ لأنها رأت أن الأسباب مقنعة، ولكن ما إن يمر وقت قصير حتى تبدأ بلومي وتقول: إنني أطرد العرسان، وإنني طفولية ولا أريد الزواج.

مع تقدم سني بدأ الناس من حولي يتكلمون بسوء عني، ويقولون عانس، ومعقدة، ومسحورة، وهم ناس مقربون من العائلة، ولكن ليست هي تلك المشكلة لأنني غالبا لا أهتم لكلام الناس، ولكن المشكلة هي أن أمي تؤيدهم، ولا تدافع عني، ولا توبخهم بل تتعامل وكأني قمت بجريمة لتأخر زواجي.

مؤخراً إحدى النساء اللواتي يتكلمن عني بسوء قالت لي: إنها إن لم تزوجني هي فلن أتزوج أبداً وأتت لي بعريس، ولكنني رفضت لحفظ كرامتي وعزة نفسي، فأمي غضبت غضبا شديدا وبدأت تصرخ، ونعتتني بالعانس، وطلبت مني أن أبتعد عنها، وأنني إن لم أقبل به فستسخط عني، أمي ليست فقط مثل الأمهات تتمنى الخير والاستقرار لابنتها، بل هي تراني كعاهة وعار لها وتريد تزويجي بأي طريقة حتى تتخلص من كلام الناس، إن سمعت عن عرس في العائلة تبدأ بالبكاء وتوبخني وكأن أمر الزواج بيدي.

والله إنني أعيش جحيما، نفسيتي تحطمت، ولم يعد لدي رغبة في العيش، لا أريد أن أخسر أمي وأريد رضاها، لكنني أحس أن حبها ورضاها لي يرتبطان فقط بالزواج رغم أنها امرأة متعلمة.

ساعدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ kaouthar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أمك تريد راحتك وسعادتك، وتريد أن تسعد بسعادتك وتفرح لفرحك، والدليل على ذلك حرصها على تزويجك وليس على التخلص منك، فلا تحملي الموضوع أكبر من حجمه، بل يجب أن تكوني واثقة بأمك ثقة تامة، فهي تفكر من منطلق الأمومة ولو كنتِ أنت مقامها لربما فعلتِ نفس الفعل.

الذي أنصحك به إن كان الشاب الذي أتت به تلك المرأة تتوفر فيه مواصفات شريك الحياة وأهمها الدين والخلق كما أرشدنا لذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان، فإن كان كذلك فلا أرى داعيا للرفض، ولا تعتبري قبوله فيه إهانة لك أو أنه يخدش في كرامتك وعزة نفسك، ولقد أحسنت حين قلت إنك لا تبالين بكلام الناس، فاعتبري هذا من هذا الباب.

الزواج كما ذكرت في استشارتك قدر ونصيب يأتي في الوقت الذي يقدره الله، والله وحده يعلم هل يكون هذا الشاب الذي جاءت به تلك المرأة من نصيبك أم لا؟ لأن الزواج قد لا يتم فلا تفتحي بابا للوم والدتك وسخطها، فإن لم تتوفر فيه الصفات فرفضك سائغ، وإن توفرت فيه الصفات فأنصحك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعي بالدعاء المأثور، ومن ثم وافقي وامض على بركة الله، فإن سارت الأمور بيسر وسهوله فاعلمي أن الله قد اختاره زوجا لك، وسيجعل الله فيه الخير والبركة، واختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، وإن تعسرت الأمور فهذا دليل أن الله قد صرفه عنه، وبذلك تحقق ما تريدينه في كلا الحالتين، كونك وكلت أمرك لله يختار لك ما يشاء.

عليك بالتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وفي أوقات الإجابة وسليه أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يختار لك الخير، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً