الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب الشديد والرهاب الاجتماعي، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم
دكتور محمد عبد العليم وجميع القائمين على هذا الموقع المتميز، جزاكم الله كل خير، وتقبل منكم صالح أعمالكم.

أنا صاحب الاستشارة (2300748)، في الحقيقة أنا بداية علاجي وقبل أن أتوجه إليكم بالاستشارة السابقة كان طبيبي المعالج عن طريق المراسلة، حيث أن حالتي كانت سيئة جداً لدرجة أنني لم أكن أملك القدرة النفسية حتى على مواجهة طبيب، وكان قد شخص حالتي على أنها اكتئاب ذهاني، ووصف لي زيبريكسا 5مغ وزولوفت 50 مغ.

حين استشارتكم نصحتموني باستبدال زولوفت 50 مغ ب بروزاك بعد استشارة طبيبي، لكن طبيبي أصر علي لزيارة طبيب أمراض نفسية بشكل شخصي، وفعلت، حيث أن حالتي -بفضل الله- كانت متحسنة بشكل رائع، ولم أعد أخشى مواجهة الناس إلى حد ما.

راجعت طبيباً بعد بحثي في الانترنت عن الأفضل، فأنا في أوروبا الشرقية، ومستوى الأطباء متدنٍ جداً، لدرجة أن الطبيب لم يوافق على سماع قصتي المرضية السابقة، وإصراره على سرد فقط ما أعانيه حالياً إلا بعد الحاح شديد مني، رغم أن مدة المعاينة ساعة و10 دقائق.

شرحت له، -ولله الحمد- أني عوفيت من كثير من الأعراض السابقة، لكن ما يؤرقني بعض الاكتئاب وبشكل كبير، وبالأخص الرهاب الاجتماعي، نوبات الرهاب أصبحت قليلة، وعند تعرضي لها أتصبب عرقاً بشكل لا يوصف، وأبقى بعدها عدة أيام منزعجاً ومكتئباً، بالإضافة إلى أنني أرغب بوصف دواء لي تأثيره المنوم أقل من سابقه.

شخص حالتي على أنها اضطراب في الشخصية وليس اكتئاباً ذهانياً، ووصف لي كفيتيابين 100مغ و تريتيكو 100مغ، والدواءان لهما تأثير منوم، وأثرهما في علاج الرهاب ضعيف.

أستعمل الدواء منذ خمسة أشهر، وأصبحت أنام لساعات طويلة، مما يزيد في اكتئابي، رغم أني خفضت جرعة الكفيتيابين من تلقاء نفسي إلى 25 مغ، وما زالت تنتابني حالات الرهاب الاجتماعي.

أرجو منكم أن تختاروا لي دواءً يستهدف الرهاب بالأخص، وقليل التأثير سلباً على الحالة الجنسية، وهل من وجهة نظركم أني ما زلت بحاجة لمضادات الذهان؟ كما أرجو منكم أن تصفوا لي كيفية ترك الأدوية السابقة، والبدء بما ستصفونه لي، وهل من موقع للعلاج النفسي والتربوي ترشدونا إليه؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أخي الكريم– مرة أخرى في الشبكة الإسلامية.

حقيقة الأمر تشعب عليَّ جدًّا، وأشعر أنني أصبحتُ في موقفٍ قد لا أعطي النصيحة الدقيقة، قطعًا هذا ليس قصدًا، إنما نسبةً لكثرة الآراء الطبية والتشابك الذي نتج من هذه الآراء.

أنا لا زلتُ أرى أن المقابلة الشخصية مع طبيب هي أكثر فائدة وجدوى، هذا لا شك فيه، بالرغم من أنك ذكرت أنك لم تستفد من الطبيب بعد سبعين دقيقة من المناظرة النفسية، وأن رأيه كان مختلفًا للآراء السابقة.

أرى أن المتابعة معه ستكون ذات فائدة، وربما قصدَ أن اضطراب الشخصية الذي لديك هو جزئي، لأن اضطراب الشخصية غالبًا يكون مصاحبًا لتشخيص أساسي آخر، كالاكتئاب النفسي، كالاضطرابات الذهانية، فربما قصد أن محور تشخيصي موجود أكثر وضوحًا بالنسبة له، وبما أنك ذهبتَ إليه في حالةٍ جيدة فلم تظهر عليك الأعراض الإكلينيكية الأخرى.

فإذًا المتابعة مع هذا الطبيب هو الذي أنصحك به، وتعدُّد الآراء وتشتتها واختلافها قد لا يكونُ أمرًا جيدًا وحميدًا، الطب النفسي علم يتطلب المتابعة، ومن خلال المتابعة يفهم المُعالِج والمُعالَج بعضهما البعض بصورة أفضل، مما يتأتَّى عن ذلك ثمرة علاجية إيجابية جدًّا. هذا هو مقترحي الذي أراه والأفيد بالنسبة لك.

حول اختيار الدواء: بما أنك من المفترض أن تُقابل الطبيب وتتحدَّث معه، والأدوية التي تناولتها يمكن أن تتبدَّل، عقار (تريتيكو) وهو الـ (ترازيدون) دواء جيد، يمكن أن تُخفض جرعته إلى خمسين مليجرامًا، والترازيدون يتميز بأنه ليس له أي آثار جنسية سلبية، نعم هو ليس من الأدوية الأساسية في علاج الرهاب، لكنّه يُساعد كثيرًا لأنه مُحسِّن للمزاج، فهذا ربما يكون مدخلاً جيدًا – أيها الفاضل الكريم –.

بديل آخر يمكن أن نقترحه، وهو العقار (فافرين) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) هو في الأصل جيد لعلاج الاكتئاب وكذلك لعلاج الوساوس، لكن أيضًا ذو فاعلية ممتازة لعلاج الخوف والرهاب، ويُميَّزه أن آثاره الجنسية السلبية قليلة.

التخلص من الأدوية السابقة حين تُقرر ذلك لا مشكلة أبدًا، فكلها أدوية متقاربة، حتى ما سوف تتناوله من دواء في المستقبل – إن كان الفافرين أو تستمر على الترازيدون بجرعة أقل – يمكن أن تتوقف عن الأدوية الباقية دون أي جزع أو مخاوف، فإذا كنت لا زلت على (زولفت) مثلاً – ولا أعتقد أنك تتناوله – يمكن أن تكون الجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله. أما الـ (بروزاك) فهو يتم التوقف عنه مباشرة، لأنه ليس هنالك ارتدادات سلبية من تناوله.

مضادات الذهان لا تستعجل في التوقف منها، فهي داعمة فقط. جرعة خمسة مليجرام من الـ (زيبريكسا) ليست جرعة كبيرة، وليس لديَّ مواقع نفسية معيّنة أو تربوية أُوصي بها، وتوجد مواقع كثيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً