الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أشعر بالرهاب الاجتماعي في كل وقت ومكان!

السؤال

السلام عليكم

أتمنى من الله ثم منكم أن تنقذوني مما أنا فيه، فأنا شخص بعمر 31 سنة، متزوج ولي ولد، كنت اجتماعي لدرجة لا بأس بها، ولا زلت لكن بنسبة أقل من السابق.

ذهبت إلى أربعة أطباء نفسيين وكلهم أجمعوا على أني مريض بمرض الرهاب الاجتماعي، حيث كنت أشتكي بعض الأحيان من الخوف عند الانتقاد، حتى ولو بمزح من الأصدقاء، وكنت أشعر بالخوف، وبعد أن ذهبت إلى الأطباء وتناولت الأدوية منذ سنتين زاد الأمر سوءاً، فأصبحت أشعر بالرهاب الاجتماعي في كل وقت ومكان وزمان.

ليست مقتنعاً بالتشخيص، ولقد تناولت انافرانيل ولوسترال وزيروكسات وفكسال وبرستيك، ولمدة شهر ونصف أستخدم ايفكسور XR 75 وندرال 10 ملي، مرتين يومياً، ومن دون أي تحسن، بل زاد الأمر سوءاً، وصرت أشعر بخوف شديد عند النقد أو قبل الذهاب إلى العمل، أتمنى أني لا أقابل أحداً من زملائي، وأن أعمل وحدي.

لذا أتمنى منكم تشخيص حالتي وإرشادي بما هو صحيح، فأنا اجتماعي، ومن السهولة بالنسبة لي تكوين العلاقات، لكن من الصعب تقوية العلاقات.

بعض الأوقات أكون في أحسن أحوالي من حيث النشاط والكلام والتركيز فأستطيع أن أحاور وأتكلم بطلاقة، وضعف ذلك بعد استخدامي للأدوية، وأحياناً لا أستطيع أن أرد ولا أقدر على أخذ حقي، لدرجة أني أشعر بضعف شديد.

أنا دائماً مزاجي منخفض، ومحبط من كل شيء، واستخدمت الفيتامينات وحبوب كبد الحوت، من دون أي فايدة، فما تشخيص حالتي؟ وما العلاج المناسب؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: أنت تعاني من بعض الأعراض التي وصفتها بوضوح، ولا أريد أن يكون أمر التشخيص مزعجًا بالنسبة لك؛ لأن الاتفاق حول التشخيصات في الطب النفسي لا يتجاوز أكثر من 40%، يعني إذا عُرض المريض على خمسة أو ستة من الأطباء المتميزين فقد يكون اتفاقهم على تشخيص معين بنسبة 40%.

إذاً الطب النفسي متداخل، النواحي التشخيصية ليست مهمة، لكن النواحي الوصفية – يعني أن توصف الأعراض – أعتقد أن ذلك مهم، وأنت قد وصفت حالتك بصورة جيدة جدًّا.

أعتقد في المقام الأول أن الأمر يتعلق بشخصيتك، شخصيتك شخصية حساسة، هذا أمرٌ واضح جدًّا، وهذا يمكن تأكيده من خلال إجراء بعض الفحوصات النفسية المتعلقة بتحليل الشخصية، والشخصية الحساسة كثيرًا ما تكون عُرضة للانتقاد الذاتي والنظرة السلبية، وشيء من الضعف النفسي في المحيط الاجتماعي.

حساسيتك – أيها الفاضل الكريم – هي التي دفعتك نحو كل هذا، فكل المطلوب منك ليس الاعتماد على الأدوية، نعم الأدوية لها دورها، لكن أعتقد يجب أن تُعيد النظر في شخصيتك، أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، وهذا ليس خداعًا، هذه حقيقة، لا تقبل هذه المشاعر السلبية التي تأتيك.

الأمر الآخر هو: أن تُحتِّم أن تكون مُنجزًا، والإنجاز لا يمكن أن يصل إليه الإنسان إلا إذا حدد أهدافه بوضوح، ووضع الآليات التي توصله إلى أهدافه، والتزم بالخارطة الزمنية في التنفيذ، فيا أخي الكريم: اجعل هذا هو منهجك.

الأمر الآخر: بما أن لديك بعض التقلبات المزاجية أيضًا سيكون من الجميل لك أن تمارس الرياضة باستمرار، الرياضة تُحسِّن المزاج، وتبني ثقة كبيرة في النفس، وقوة الأجسام وقوة النفوس تأتي من الرياضة، والأبحاث معظمها متجهة في هذا الاتجاه.

الأمر الآخر أيضًا: أن تطور علاقتك الاجتماعية، أن تُحسِّن من نسجيك الاجتماعي، هذا مهم جدًّا، والحرص على صلاة الجماعة في المسجد أمرٌ عظيم من حيث تكوين الشخصية وبنائها، والتخلص من الخوف والرهاب الاجتماعي، المساجد مكان آمن، يعتاد المساجد الصالحون من الناس، والطيبون والمحسنون.

أخي الكريم: التمازج مع هذا المحيط يعطيك شعورًا كبيرًا بالثقة في النفس، أنا أنصحك بهذا كما أنصح نفسي.

أمر مهم جدًّا: حياتك فيها إيجابيات عظيمة، لماذا لا تتذكرها دائمًا وتطورها؟ اجعل هذا منهجك، أريدك – أخي – أن تكون شخصًا فعّالاً ومُنجزًا وصاحب أهداف مهما كانت المشاعر سلبية، ومهما كانت الأفكار سلبية، فالإنسان حين يُصِرُّ على الإنجاز، ويُصِرُّ أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره سوف تتبدّل مشاعره وأفكاره وتُصبح إيجابية جدًّا.

أخي الكريم: هذه هي نصيحتي لك، وبالنسبة للدواء: أنا أرى أن عقار (زيروكسات CR) قد يكون هو الدواء الأنسب بالنسبة لك، لكني لا أريدك أن تُغيّر الدواء وتتوقف عن الـ (إفكسور) إلا بعد مشاورة طبيبك، لكن إذا أردت أن تستبدل فليس هنالك إشكالية أبدًا، اجعل الإفكسور 37.5 مليجراماً يوميًا، لأن الإفكسور يجب أن يتم التوقف عنه تدريجيًا، وفي ذات الوقت ابدأ في تناول الزيروكسات CR بجرعة 12.5 مليجراماً، استمر على هذه الكيفية لمدة شهر، بعد ذلك اجعل جرعة الزيروكسات CR خمسة وعشرين مليجرامًا.

هذه هي الجرعة العلاجية الكافية، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم اجعلها 12.5 مليجراماً يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها 12.5 مليجراماً يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراماً مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، والذي أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

الالتزام بالدواء بالكيفية التي توصف، وكذلك تطبيق الإرشادات السلوكية تؤدي دائمًا إلى نتائج إيجابية جدًّا.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً