الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تعيش في ملل وضيق.. هل نعطيها السبرالكس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقع إسلام ويب، جزاكم الله كل خير، ونفع الله بكم وجعله في موازين حسناتكم.

الدكتور محمد عبد العليم أشكرك نيابة عن الكل على اهتمامك وحرصك وتواجدك الدائم، وأقول لك: أطال الله في عمرك وجزاك الجنة.

الوالدة تعاني من اكتئاب وقلق وأرق شديد جدا منذ سنوات، ذهبنا بها إلى عدة مشايخ وقراء، ولكن لا فائدة، وقد تصيبها اضطرابات القولون، وتستخدم علاجا مهدئا للمعدة، وتستخدم علاجا للحساسية؛ لأنها تعاني من حساسية، والآن مستمرة على الدوائين، ولكنها تعاني من أرق شديد لا تنام إلا من 3 إلى 4 ساعات في النهار ومتقطعة غير متواصلة، وتتبع حمية في الأكل، ولا تأكل إلا قليلا جدا، ولا تخرج من المنزل وأغلب وقتها تعيش في ملل وضيق وكراهية لكل شيء.

ليست متقدمة في العمر كثيرا، عمرها 50 سنة، وقد تكون كل هذه الأعراض نتيجة مشاكلها الأسرية مع زوجها في العهد السابق من خصام وطلاق وعدم اتفاقيه بينهم.

قرأت عن السبرالكس ومفعوله الممتاز في علاج الكثير، وقررت أن تستخدمه وذهبت واشتريت لها علبة 10 مليجرام، وسوف تستخدمه من اليوم بمشيئة الله.

سؤالي يا دكتور: هل تنصحنا بالسبرالكس؟ وهل يتعارض مع أدوية الحساسية والمعدة؟ وما هي الطريقة الصحيحة والسليمة في استخدامه؟ وكم مدتها؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد فلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا، وجزاك الله خيرًا وبارك الله فيك على اهتمامك بأمر والدتك، والتي أسأل الله تعالى لها العافية والشفاء.

أخي الكريم: أعتقد أنه بالإمكان أن تعرض والدتك على أحد الأطباء النفسيين، وهم كثر جدًّا في المملكة، هذا لا يعني أنني سوف أتخلى عنك أو لم أقدم الإرشاد اللازم، لا، المقابلة الشخصية مع الطبيب المقتدر دائمًا فوائدها عظيمة.

من ناحيتي أقول لك – أخي الكريم -: الاكتئاب مرض يُصيب النساء أكثر، خاصة في مثل عمر والدتك؛ لأن هنالك تغيرات هرمونية كبيرة عند النساء قد تلعب دورًا في ذلك، وأنت تحدثت عن الصعوبات الحياتية التي قابلت والدتك، هذا يحدث – أيها الفاضل الكريم – في أُسرٍ كثيرة، وأنا لا أنكر أبدًا الدور السلبي للصعوبات الأسرية وانعكاس ذلك على الحياة المزاجية للإنسان، لكن -إن شاء الله تعالى- والدتك بالرُّشد والإتقان والحكمة ستتجاوز كل هذا.

من المهم جدًّا – أخي الكريم – أن تُشعروا والدتكم بأنها هي أيقونة الحياة بالنسبة لكم، وأنها صاحبة الحكمة، وأنها هي التي تُستشار، وأن هنالك حاجة حقيقية لها، من أخطر الأشياء أن يحس الإنسان – خاصة الوالد أو الوالدة – بأن دوره في الحياة قد تقلص، هذا شعور سيئ جدًّا.

أخي الكريم: يجب أن نُعطيها هذا الدور، دور الفعالية، دور أنكم في حاجة إليها، هذا مهم جدًّا.

بما أن شخصية الوالدة أصلاً قد تكون قلقة، وكما تفضلتَ أنها مُصابة بالقولون العصبي، وأن لديها مشاكل الحساسية، هنا يجب أن نُساعدها على التواصل الاجتماعي مع صديقاتها ومع أرحامها، أن تذهب مثلاً إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن؛ هذا كله علاج اجتماعي مطلوب في حالتها، فالاكتئاب لا يُعالج فقط من خلال الدواء، نعم الدواء يلعب دورًا، لكن المكونات العلاجية الأخرى التي تحدثت عنها مهمة جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي – أخي الكريم -: والدتك تحتاج لدواء مضاد للاكتئاب، والـ (سبرالكس) دواء رائع، وسليم أيضًا، ولا يتفاعل مع الأدوية الأخرى، فأنا أقول لك: ليس هناك ما يمنع من تناول السبرالكس، لكن أعتقد سوف يكون من الحكمة أن نُدعمه بعقار (ريمارون)، والذي يُسمى علميًا باسم (ميرتازبين)؛ لأن الميرتازبين يُحسن النوم بصورة رائعة جدًّا، ويُحسِّن الشهية نحو الطعام.

السبرالكس تبدأه الوالدة بجرعة خمسة مليجرام صباحًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة صباحًا، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، أعتقد أن هذه مدة كافية، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أما الميرتازبين/ريمارون فتبدأ الوالدة في تناوله بجرعة ربع حبة – أي: 7.5 مليجرام – وتتناولها ليلاً- الحبة تحتوي على ثلاثين مليجرامًا- وتستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم تجعلها نصف حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم ربع حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

شجعوا الوالدة أيضًا على رياضة المشي؛ لأنها بالفعل سوف تؤدي تحسُّنا كبيرا جدًّا في الجانب المزاجي، كما أنها تُقلل كثيرًا من فرصة حدوث هشاشة العظام، والتي هي علة منتشرة جدًّا وسط النساء بعد سِنِّ الخمسين.

أيها الفاضل الكريم: جزاك الله خيرًا مرة أخرى على اهتمامك بأمر والدتك، وها أنا الآن قد عرضتُ عليك مجموعة من التوجيهات والإرشادات، وكذلك الطريقة الصحيحة لاستعمال الأدوية.

أسأل الله تعالى أن ينفعها بذلك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً