الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضعف العزيمة بعد أن كنت نشيطاً

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الفاضل / محمد عبد العليم تحية طيبة.

أنا بعمر 36 سنة، وغير متزوج، لدي مشكلة حدثت منذ 16 سنة، وهي: أني منذ أيام المرحلة الابتدائية إلى الصف الثاني الثانوي كانت لدي إرادة وقوة عزيمة هائلة، ونشاط وراحة نفسية.

عند وصولي للمرحلة الحاسمة، وهي الصف الثالث الثانوي أصبت بانتكاسة قوية، هبوط عزيمة وضعف إرادة وتبلد عجيب، وفشل ذريع، ولا أعلم ما الأسباب؟!

بعد تخرجي من الثانوية العامة بدأت بالعمل، ولكن وجدت نفسي بدوامة كبيرة، وهي عدم اللامبالاة بالشعور بالمسؤولية اتجاه نفسي وعملي.

صرت أتغيب وأتـأخر بشكل متكرر دون سبب، حتى بالوظائف الثانية، وتنقلت كثيراً بين شركات ولا زال التقاعس موجوداً، وكأني بسن مراهقة!

تمت استقالتي من كذا منصب وظيفي ممتاز ومرتب ممتاز بدون سبب، هكذا فقط نفسي تريد العزلة والتبلد والجلوس عاطلاً بالمنزل إلى يومنا هذا.

تأتيني نصائح وانتقادات من الأشخاص الذين حولي، وأشعر بالمسؤولية والكبر بالعمر والأيام تمشي، ولقد تعبت من جميع النواحي، وأريد إصلاح حالي بكل الطرق، ولا أستطيع، كأني مرتبط بحديد أضع جداول شهرية وسنوية، ويومية للبدء بحياة جديدة ولكن لا فائدة.

ذهبت إلى أكثر من دكتور نفسي، وشرحت فقط أسباب ضيق الصدر والحزن والكسل، وتم إعطائي علاجات كثيرة، بدأت بالبروزاك والاميكتال 100 مرتين باليوم لمدة 6 شهور تحسنت قليلاَ وانتكست، واستخدمت السيروكسات، والافكسور، واللسترال، مع إضافة دوجماتيل كداعم.

صرت أستخدم عن طريق استشاري علاج نفسي وليبرتين 150 ملجم مرتين باليوم، ولكني متخوف من موضوع البؤر الصرعية، ولا يوجد لدي -الحمد لله- صرع، وسيبراليكس 10 ملجم + فلونكسول نصف ملجم صباحاً ومساء.

يعلم الله أني تعبت، وأريد تغيير حياتي للأفضل من بعد توفيق الله سبحانه، ولكن لا أستطيع، أشعر أني مقيد، وخمول وكسل وتبلد وعجز، فأرجو من الله سبحانه، ثم بدعمكم إعطائي حلاً لهذه المشكلة، وأين الطريق الصحيح الذي أذهب إليه لأتعالج من هذا الهم المحيط بي؟

لا وظيفة لا زواج، وباستطاعتي -بعد فضل الله- ولكن مقيد، لا أحب أن أفعل أي شيء، وأتهرب من الوظائف والعمل والنشاط، لأذهب إلى النوم والجلوس بالمنزل والعزلة.

وفقكم الله لما يحب ويرضى، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ موسى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هنالك مبادئ سلوكية بسيطة جدًّا، لو اعتمدتَّ عليها يمكنك أن تتغيَّر، وهي: قناعتك التامة أن الله تعالى قد حباك بطاقاتٍ عظيمة ومهارات كثيرة قد تكون مختبئة لفترة من الفترات، ولكن بشيء من العزم والإدراك والنية الصادقة، والنية – أخي الكريم – هي القصد والعزم، كل الأمور تتطلب نية صادقة، فاجعل هذا هو ديدنك، واعلم أن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.

ثانيًا: الإنسان سلوكيًا هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، هذا المثلث بأضلاعه الثلاثة يُمثِّل التركيبة السلوكية عند الناس، وقطعًا الأفكار قد تكون سلبية في بعض الأحيان، والمشاعر تكون سلبية جدًّا، ولذا نقول أن الأفعال هي التي يجب أن يعتمد عليها الإنسان. حرِّك أفعالك مهما كانت مشاعرك ومهما كانت أفكارك. هذه هي الوسيلة التي من خلالها تستطيع أن تؤدي.

الأفعال – أيها الفاضل الكريم – يلزم الإنسان نفسه بها من خلال أن تضع جدولاً يوميًا لما تُريد أن تقوم به، ولا بد أن تقوم بالأفعال. ابدأ بالنوم الليلي - ضع جدولك على هذا - النوم الليلي المبكر، الاستيقاظ لصلاة الفجر في وقتها.

هذه هي البدايات السليمة، وبعد ذلك تضع لنفسك ما يُناسبك من برامج، بشرط أن تكون متنوِّعة، والذي يُنجز – ولا بد للإنسان أن ينجز – يحدث له ما نسميه بالمردود النفسي الإيجابي، الإنسان يُكافئ نفسه بنفسه، وهذا أفضل أنواع المكافئة، بدون كتابةٍ واضحة للبرنامج اليومي لا أعتقد أنك سوف تستطيع أن تُنفذ أي شيء، وابدأ بالنوم الليلي المبكر وصلاة الفجر كما ذكرتُ لك.

الأمر الآخر: الرياضة – يا أخي الكريم – الآن اتضح أنها هي التي تُحرِّك كل المواد الدماغية المطلوبة، كل الموصِّلات العصبية، هي مُجددة للطاقات، وتزيل تشوهات النفس – كما أُحبُّ أن أقول – فاحرص على ذلك.

أخي: الرفقة الطيبة الصالحة، الرفقة والصحبة الداعمة، الرفقة والخِلَّة التي تبني فيك طاقات جديدة، وهم كُثر وكُثر جدًّا، فاتجه في هذا الاتجاه، وأعتقد أن هذه هي الوسيلة أو الوسائل المتاحة جدًّا لأن تتغيَّر، وسوف تتغيَّر.

بالنسبة للعلاج الدوائي: هذه الأدوية متشابهة، ومتشابهة جدًّا، وأنا أرى أنه ربما يكون لديك شيء بسيط من ثنائية القطبية، كنتَ فعّالاً ثم بعد ذلك انخفض كل شيءٍ، هذا ربما يكون مطابقًا للمعايير التشخيصية لأنواع معينة من ثنائية القطبية البسيطة، ولذا أرى أن الويلبيوترين يُضاف إليه اللامكتال سيكون هو الأفضل في حالتك.

ولا تتخوف من البؤرة الصرعية؛ لأنها تحدث نادرًا، وعندما تكون جرعة الويلبيوترين أكثر من أربعمائة وخمسين، وعمومًا اللامكتال سوف يجعل كهرباء الدماغ عندك منتظمة جدًّا وسليمة.

اللامكتال يجب أن يصل إلى مائتي مليجرام في اليوم، تبدأ تدريجيًا – كما تعرف أيها الفاضل الكريم -، وربما تكون جرعة بسيطة من السوليان، خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً أفضل لك من الفلوناكسول وكذلك السبرالكس.

هذه هي مقترحاتي فيما يتعلق بالرزمة العلاجية التي أراها تناسبك، ويفضل أن تناقش موضوع الأدوية مع طبيبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً