الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بخوف من الموت وتسرع نبضات القلب بعد وفاة عمتي!

السؤال

السلام عليكم

عمري 14 سنة، وأعيش في هولندا، لدي مشكلة أن عمتي توفيت منذ أسبوع رحمها الله، ورحم أموات المسلمين جميعا، وتقريبا منذ 4 أيام أصبت بخوف شديد من الموت، وقد أتاني تسرع في نبضات القلب، ووجع في الجهة اليسرة من جسمي بجانب قلبي وأسفله، ولكني ذهبت إلى المستشفى، وقالوا لي: قلبك سليم، لا يوجد شيء -والحمد لله-.

في اليوم التالي أتتني نفس الحالة، وأصبت بوجع في رأسي، ووجع في الجهة الخلفية أسفل رأسي، ووجع في الجهة اليسرى من جسمي بجانب القلب وأسفله، لكن أغلب الأحيان فقط في الليل.

في المدرسة لا أشعر بكل هذا، ولكن أصاب بوجع خفيف، أما في البيت فأخاف أن أجلس وحدي، وأحيانا تأتيني رعشة، وجسمي وقدمي دائما باردتان، وأشعر أني سوف أموت قريبا، وليس لدي شهية للأكل، وطوال الوقت أشعر أني لا أريد فعل شيء، كسول، لا يمكنني وصف الشعور جيدا، ماذا أفعل؟ أنا خائف جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Karam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى الرحمة لعمتك ولجميع موتى المسلمين والمسلمات.

الشعور بالقلق والخوف والتوتر الذي ينتابك مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحدث وفاة عمتك - رحمها الله - فالعمّة في مقام الوالدين، والموت تجربة ليست بالسهلة، والموت له هيبته، والموت بالرغم من أنه أبدي وحقيقة ثابتة وجلية وأن كل المخلوقات مآلها الفناء ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام، بالرغم من ذلك تتولد هذه المشاعر القلقية والتوترية، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى – أيها الفاضل الكريم -: مثل هذه التفاعلات نعتبرها – إن شاء الله تعالى – رحمة في القلوب، قلبك فيه شيء من اللطف، وما حدث لك نعتبره تفاعلاً إنسانياً طبيعياً، خاصة أنك في سِنٍّ يسهل فيه التأثُّر العاطفي والوجداني.

فإذًا لا تعتبر أبدًا نفسك مريضة، تفاعلك تفاعل مرتبط بحدث معيَّن، وقد يكون أيضًا تعبيرا عن الأحزان، هذا الخوف وهذا القلق وهذا الذي حدث فيه شيء أيضًا من التعبير عن حزنك على عمّتك، وعلى مستوى العقل الباطني.

هذه الأعراض تتلاشى تدريجيًا، أنت لست مريضًا، هذا تفاعل ظرفي، أمر الموت معروف، والموت حتمي، والخوف من الموت لا يؤخر في عمر الإنسان، ولا يعجّل في أجله أبدًا، وأنت -إن شاء الله تعالى- مؤمن بذلك، ادعُ بالرحمة والمغفرة لعمتك، وعش حياتك بصورة طبيعية.

المحافظة على الصلاة في وقتها وعلى أذكار الصباح والمساء – على وجه الخصوص – تزيل تمامًا هذه المخاوف.

أنا أرى أنه في ظرف ثلاثة إلى أربعة أسابيع سوف تتقلص هذه الأعراض وتختفي تمامًا، فقط اجعل منهجية تفكيرك إيجابية، اجعل نظرتك نحو الموت نظرة شرعية وواقعية، بمعنى ألا يكون الخوف من الموت عائقًا عن عمل الصالحات والانطلاق في الحياة، فعش حياتك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا، وانطلق في الحياة، عش الحياة بقوة، اجتهد في دراستك، مارس الرياضة، تواصل اجتماعيًا، مع ضرورة الحرص على الصلاة في وقتها، والدعاء... هذا مهم جدًّا، وأنت تعيش في هولندا، -الحمدُ لله تعالى- توجد مجموعات كثيرة من المسلمين، فاربط نفسك بالشباب المسلم، بالشباب الصالح، بالشباب النقي؛ لأن الرفقة الصالحة مهمة جدًّا في مثل عمرك هذا.

أنت لست محتاجًا لأي علاجٍ دوائي، اتبع ما ذكرته لك، وركّز كثيرًا على التمارين الرياضية، وهذا -إن شاء الله تعالى- يجعلك أكثر حيوية من الناحية النفسية والجسدية وحتى الفكرية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً