الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للأدوية النفسية تأثير على ابنتي الرضيعة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أعاني منذ سنوات من وساوس قهرية تظهر وتختفي، تتعلق بالطهارة والعقيدة، وكنت أستخدم الرقية الشرعية للتخلص منها، وبالفعل كانت هذه الوساوس تقل وتختفي.

ومنذ ما يقارب السنة بدأ عندي وسواس يتعلق بالأرقام والأمور المالية، ولأني أعرف أن الأشياء التي لا يغفرها الله تعالى: هي قتل النفس، وحقوق الناس من الأمور المالية، أصبح أي رقم يعلق في بالي، وأي تعامل مادي يحدث أمامي، أشعر أنه يخصني، أنه علي دفع مبلغ مالي لهم، وأنني شريكة في الموضوع، حتى لو كان لا يخصني.

بدأت أبحث في الأنترنت عن حالات مشابهة، وعن علاجات وأدوية لهذه الوساوس، لكن خفت من إيذاء ابنتي الرضيعة؛ لأن الأدوية قد تحتوي على آثار جانبية تحرض على القتل، أو تؤذي طفلتي؛ لأني أرضعها.

أرجو إرشادي إلى الدواء المناسب، وكيفية استخدامه، وإلى العلاج السلوكي المناسب.

وجزاكم الله الخير كله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قطعًا -أيتها الفاضلة الكريمة- الذي تتحدثين عنه، والتجارب التي مررت بها وتمرين بها الآن، هي وساوس قهرية، والوساوس قد تتشكَّل وتتبدَّل وتتلوَّن، وقد تأخذ أبعادا ومحاور مختلفة، هنالك وساوس الأفكار، هنالك وساوس الأفعال، هنالك وساوس الترتيب، هنالك وساوس الترقيم، هنالك الصور الذهنية الوسواسية، هذا كله معروف ونشاهده كثيرًا، وهي قطعًا تنتمي في بوتقة واحدة.

أيتها الفاضلة الكريمة: من الناحية السلوكية أرجو تجنب مناقشة الوساوس، وأرجو ألا تُحللينها، وألا تخضعينها للمنطق أو السببية، فهي لا منطق فيها، وتعاملي معها من خلال التحقير، والتحقير التام والتجاهل التام، هذا هو البرنامج السلوكي الأول.

البرنامج السلوكي الثاني هو: أن تربطي هذه الوساوس بأفعالٍ مضادة لها، مثلاً اجلسي في مكانٍ مريح وتصوري هذه الأفكار أو استحضريها، ثم قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح طاولة مثلاً، الهدف هو أن تحسِّي بألمٍ شديد حين الضرب على يدك، وتُقرني هذا الألم بالفكرة الوسواسية أو بالفعل الوسواسي، هذا الاقتران وجد أنه يؤدي إلى تفكيك الفكر الوسواسي أو الفعل الوسواسي، قطعًا عملية الضرب على اليد هذه تُكرر، أقل شيء لمدة عشرين مرة، بمعدل مرتين في اليوم.

البرنامج السلوكي الثالث هو: أن تستبدلي الفكرة الوسواسية بفكرة مخالفة لها، دون التمعُّن أو التدقق أو الفتكُّر أو التأمُّل أو التحليل في الفكرة الوسواسية.

هذه هي التمارين السلوكية العامة والخاصة، وأيضًا وجد أن ممارسة الرياضة، وألا تتركي مجالاً للفراغ الذهني أو الزمني، هذا أيضًا صرف انتباهك كثيرًا عن الوساوس.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فأقول لك أبشري، فالأدوية موجودة، والأدوية فاعلة وممتازة، عقار (فلوكستين) والذي يُسمى تجاريًا (بروزاك) وربما يوجد في العراق تحت مسميات تجارية أخرى، يُعتبر دواءً جيدًا وفاعلاً وسليمًا وغير إدماني، أسأل الله أن ينفعك به.

تبدئين بجرعة كبسولة واحدة في اليوم (عشرون مليجرامًا)، تتناوليها بانتظام بعد الأكل، يمكن تناول ليلاً أو نهارًا، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجرامًا - وهذه هي الجرعة الوسطية المطلوبة في حالتك، علمًا بأن الجرعة القصوى للبروزاك في اليوم هي ثمانين مليجرامًا - أي أربع كبسولات - وقلة من الناس يحتاجون لهذه الجرعة.

إذًا في حالتك الجرعة العلاجية هي كبسولتين، استمري عليها لمدة ستة أشهر، وهذه المدة هي المدة المطلوبة، وليست مدة طويلة أبدًا. بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة، وهذه هي مرحلة الجرعة الوقائية، واستمري على كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذه هي الخطة العلاجية الدوائية - أيتها الفاضلة الكريمة - ولا تجعلي للوساوس مجالاً لتشوش عليك، وتُقنعك بعدم استعمال الدواء، لا، الدواء سليم، الدواء مفيد، ليس هنالك أبدًا خطورة أو إيذاءً لابنتك الرضيعة أو لجسدك، نسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً