الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصيب أبي بجلطة دماغية أثرت على حياته

السؤال

السلام عليكم.

أصيب أبي قبل أربع سنوات بجلطة بالدماغ، ولقد ضعف نظره، وقل تركيزه بالأشياء بعض الأحيان، وأصبح كثير الكلام، وكثير الشكوى، وكثير البكاء، والحمد الله أنه يستطيع أن يمشي ويتحرك ولم يصب من أعضاء جسمه أي شيء سوى النظر لديه ضعيف، لكن يشتكي من وجع في القلب والصدر، والصدع، وألم بظهره، وعدم القدرة على النوم، وضيقة بالصدر، ويحلم بالأموات، وأنه سوف يموت، كل مرة يشتكي من نفس المشكلة ويكررها كثيرا مع أي أحد بالبيت أو أي أحد من الأقرباء، وكل يوم يشتكي من طقم الأسنان المتحرك الذي عملناه له، تقريبا 4 أطقم أسنان، آخر طقم قبل شهر تقريبا، ويشتكي عدم القدرة على الأكل بسبب الطقم، وعدم القدرة على الكلام، لكن في بعض الأحيان يتكلم بطريقة عادية وطقم الأسنان عليه، وأوقات يتكلم بطريقة الأطفال ونبرة حزن .

المشكلة أنه لا يريد أن يذهب للمستشفى أو حتى إحضار الدكتور للبيت أبدا مهما حاولت وتكلمت معه يرفض، ولا يريد أن يأخذ أي علاج، حتى إنه توقف عن أخذ علاج القلب والضغط والدهون، وفقد الكثير من وزنه، أصبح وزنه 50 كيلو .

المشكلة أنه لا يريد أن يذهب أحد من البيت سواء كانت أمي أو إخواني أو أخواتي، ويتظاهر أنه مريض ومتعب ويريد المستشفى، وعندما تقول له هيا نذهب للمستشفى يقول لا، أنا ليس بي أي شيء، وبعض الأحيان لا يصلي، وأحاول معه كثيرا حتى يقوم ونصلي بالبيت، ولا يريد أن يخرج من البيت إلا في بعض الأحيان يذهب لوحده للحلاق أو البقالة، ولا يريد أن يذهب معه أحد .

أريد من الله ثم منكم الحل والعلاج، وكيف طريقة التعامل معه؟ لا أستطيع أن أجبره على الذهاب للمستشفى، ولا أقدر على إحضار الطيب للبيت، أخاف أن تسوء الأمور وتتعقد أكثر ولا أعرف كيف أعلاجه.

أبي عمره 55 سنة تقريبا .

أفيدوني، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Naif حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى لوالدك الكريم العافية.

المتغيرات التي ذكرتها من حيث ما طرأ على سلوك الوالد ناتجة من السكتة أو الجلطة الدماغية، والحمدُ لله تعالى هو من الناحية الحركية جيد. التغيرات الوجدانية والعاطفية التي أُصيب بها غالبًا - كما ذكرتُ لك - هي ناتجة من الجلطة، ويظهر أن الجلطة قد أصابتْ المراكز الوجدانية في الدماغ، وهي مراكز معروفة.

أعتقد أنه يحتاج لتناول أحد محسِّنات المزاج، هذا سوف يفيده كثيرًا.

بالنسبة لتكرار الكلام وكثرته في بعض الأحيان: هذا نُشاهده بعد الإصابات الدماغية خاصة بالنسبة للذين لديهم تصلُّبا في شرايين الدماغ، وأحسبُ أن ذاكرته جيدة، لأن هذا محور مهم جدًّا، الجلطات الدماغية أيضًا قد تكون مرتبطة أو تُسبب ضعفًا في الذاكرة والإدراك، وهذا لم يحدث الحمد لله للوالد، وهذا أمرٌ جيد جدًّا.

بالنسبة لرفضه الذهاب إلى المستشفى وتناول الأدوية: يُعرف تمامًا أن الجلطات الدماغية تؤدي أيضًا إلى نوع من التصلب في المواقف، وأن الإنسان دائمًا يستأثر برأيه ولا يقبل رأي الآخرين، لكن بشيءٍ من العلاقة الحميدة معه والتودد إليه أعتقد أنه يمكن أن يتناول الأدوية ويمكن أن يذهب إلى المستشفى. الأمر يحتاج لشيء من الصبر، وشيء من الحوار الذي فيه نوع من التقرُّب الإيجابي إليه.

من المهم - أخي الكريم - أن يكون هنالك سعي حثيث بأن لا تحدث له جلطة أخرى، هذا مهم جدًّا، إذا كان في حاجة لتناول الأسبرين أو الأدوية الأخرى التي تُساعد على سيولة الدم، هذا أمرٌ مهم جدًّا، حتى ولو رفض الوالد الذهاب معك إلى الطبيب اذهب إلى الطبيب الذي عالجه في المرة الأولى، مهم جدًّا أن نسعى ألا تحدث له جلطة أخرى.

طبعًا قد لا يكون من الحكمة أن تعطيه الدواء بدون فحص الطبيب، لكن أود أن أقترح عليك اسم دواء من محسِّنات المزاج المعروفة والتي قد تُساعده، لكن يجب ألا يُعطى له إلا بعد إذن الطبيب الذي كان يُعالجه، الدواء هو الـ (سبرالكس) ويسمى علميًا (استالوبرام)، دواء جيد، مُحسِّنٌ للمزاج، يُناسب كِبار السِّن، ليس له تدخلات سلبية مع الأدوية الأخرى، والوالد قد يحتاج لجرعة صغيرة، وهي خمسة مليجرام (مثلاً) يوميًا، يستمر عليها حتى تتحسَّن حالته، وإن لم يتحسَّن يمكن أن تُرفع الجرعة إلى عشرة مليجرام بعد ذلك، علمًا بأن الجرعة القصوى هي عشرين أو حتى إلى ثلاثين مليجرامًا في اليوم، لكن الوالد إن شاء الله تعالى لن يحتاج لهذه الجرعة، وحتى إن احتاج لها يجب أن يكون هذا تحت الإشراف الطبي.

أيها الفاضل الكريم: دائمًا تحدَّثوا مع الوالد حول الأمور التي يُحبها، كونوا مبشِّرين له دائمًا، هذه أحد وسائل التعامل المهمة، وفي ذات الوقت حاولوا دائمًا استشارته في أموركم، حتى وإن كنتم أنتم أصحاب القرار، إلا أنه يجب أن تُشعروه بمكانته وكينونته، وأنه شخص مرغوب فيه، وأنكم في حاجة إليه. هذا أيضًا يُساعده كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً