الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي الصغيرة تتصارع مع وسواس الطهارة والصلاة، فكيف نساعدها؟

السؤال

السلام عليكم

أختي عمرها 14 سنة، مصابة بالوسواس القهري، وصرف لها الطبيب فلوزين 20 ملجم منذ أسبوع.

نحن نعلم أن العلاج الدوائي للوسواس يلزمه علاج سلوكي، وهي بطبعها عنيدة جداً، ففي بعض الأمور لا تستجيب لنا، فنتابعها في وضوئها لكي لا تعيده، لكنها تفرك الأعضاء وتسرف في الماء، وفي الصلاة نقوم بإمامتها وتتأخر بمتابعة من يؤمها، رغم أننا ننبهها ونحذرها، فتقول: لا أستطيع.

في الحقيقة هي تجاهد نفسها في أشياء، وأشياء أخرى تقول لا أستطيع، مثل الوقوف قبل الوضوء وترداد أذكار لا أصل لها لمدة قد تصل لربع ساعة، مع رغبتها بقطع هذه العادة.

ونعاني من كثرة الأسئلة حتى عن أشياء مضى عليها أشهر، وتعيد السؤال علينا مرات عديدة في الوقت نفسه، وحتى في نظافتها الشخصية لا تهتم بنفسها، فهي لا تغسل شعرها أكثر من أسبوع، ولكن في قضاء الحاجة لا يقل وقت مكوثها في الحمام عن 20 دقيقة، فهي تستنجي بالصابون كل مرة.

نحن لا نعلم ما التصرف الصحيح معها، لأن النصح والتوجيه والتحذير بالله وبالأمراض لم يجدي معها إلى الآن، نريد طريقة نتبعها معها مع مراعاة أنها عنيدة بطبعها، ومتخوفة من تطبيق ما نقول.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد العزيز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لهذه البُنيَّة العافية والشفاء.

الوسواس القهري في فترة اليفاعة قد يكون شديدًا ومُطبقًا في بعض الأحيان، والوساوس الدينية على وجه الخصوص مؤلمة جدًّا لنفس هذه الصغيرة، ولا بد أن يكون هنالك نوع من المساندة لها.

أولاً: لا بد أن نُشعرها أنها عضو فعال في الأسرة، هذا مهم جدًّا -أيتها الفاضلة الكريمة-، لا نتحدث فقط عن الوسواس وكيفية علاج الوسواس، لا بد أن نُشعرها بذاتها، بكينونتها، أن نقف بجانبها، أن نُساعدها في تنظيم وقتها، كيف تُرفِّه عن ذاتها؟ متى تنام؟ كيف تُرتِّب خزانة ملابسها؟ كيف تُشارك في أعمال الطبخ في البيت، هذه مهمة جدًّا، وهذا هو صميم صرف الانتباه عن الوساوس. كثيرًا ما نركز فقط على الوسواس، لا، تطوير الآليات والمهارات الأخرى لهذه البُنيَّة سوف يُساعدها كثيرًا.

استحوذ عليها الوسواس لأننا لم نُعطيها البدائل الأخرى، ولم نُعطها مهاما تشغلها عن الوسواس، فيجب أن تتنبهوا لهذا الأمر، والآن الأمر يتطلب منك الصبر، والتواصل الإيجابي معها، وأن نُحفِّزها، ونُشجعها على أي فعلٍ أو قولٍ أو تصرُّفٍ إيجابي، هذا مهمٌّ جدًّا، الإنسان يستجيب للمردود النفسي التحفيزي والإيجابي، هذا أمرٌ ثابت ولا شك فيه.

بعد ذلك نأتي للعلاجات التخصصية لهذا الوسواس، بكل مودة نشرح لها ما هو الوسواس، ما هي هذه الحالة التي تعاني منها، وهذا هو واجب الطبيب الذي يُعالجها، يجب أن يشرح لها بلغة مبسطة أن هذا وسواس، أن هذا فعلٌ مستحوذ، أنه متسلط، نحن نعرف أنها لا تقع في عمل هذه الأشياء، لكن الوسوسة هي التي تدفعها نحو ذلك، وهذا إن شاء الله دليل على أنها فاضلة، أنها طيبة، أنها مؤمنة، أنها صحيحة الإيمان، كل هذا يجب أن نقوله لها ونُشجعها -أيتها الفاضلة الكريمة-.

بعد ذلك نلجأ إلى أسلوب التعريض مع منع الاستجابة، الوضوء مثلاً، كما تفضلت: يجلس أحد ويتوضأ معها، خطوةٍ بخطوةٍ: النية، غسل اليدين، المضمضة، الاستنشاق والاستنثار، وأنا قد شاورتُ العلماء في هذا الموضوع، غسلة واحدة تكفي لصاحب الوسواس، قد يكون الأمر مؤلمًا جدًّا على نفسه، لكن إذا صبر على ذلك وعوَّد نفسه على ذلك يستطيع أن يَحدَّ من عُنف هذا الوسواس.

ولا بد أن تُحدد كمية الماء، حتى عند الاستنجاء والاستبراء، هذه البُنية يجب أن تعرف أن الماء محدود، كميته محدودة، وأنا لا أمانع أبدًا أن يُغلق الصنبور، أن يؤمَّن الماء، ويكون لديها ماء بكمية معقولة في إناء أو إبريقٍ أو خلافه، هذا ينجح، وقد نجح مع كثيرين.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: هذه هي الأسس السلوكية الرئيسية لعلاجها، ولا بد أن نُدربها على تمارين الاسترخاء، لأن الوسواس يعطي دفعات وحفزات من القلق الفظيع للنفس، التمارين الاسترخائية تُساعد كثيرًا في القضاء على هذه الفورة القلقية، وإسلام ويب أعدتْ استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تطلع عليها هذه الصغيرة وتُطبق ما بها من تمارين، ويجب أن يُساعدها أحد في ذلك.

العلاج الدوائي جيد، البروزاك جيد، والآن تم إقراره تمامًا من الحياة العلمية بأنه يمكن أن يُعطى في هذا العمر، والفعالية الدوائية تستغرق بعض الوقت، لا أتوقع أي تحسّن حقيقي من جانب الفعالية الدوائية قبل مرور أربعة أسابيع، وربما تحتاج لجرعة أربعين مليجرامًا، بعض الأطباء يفضلون إعطاء الفلوزين - أو الفلوزاك أو البروزاك - مع الفافرين، لكن هذا الأمر سوف أتركه لطبيبها المعالج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً