الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب كثرة الحوادث والدماء التي شاهدتها أغسل يدي كثيراً

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلة تتعبني كثيراً، وهي أني بسبب رؤيتي لعدة حوادث بالطرق، ورؤيتي للدم ينزل على الطريق، وعند دخولي مستشفى رأيت شخصاً ينزف دماً على الأرض، بسبب كل هذا أصبحت لدي حساسية من الدماء بشكل غريب.

أنا في تخيلي أن هذه الدماء أصبحت موجودة في أي مكان في الطريق، لأني أعتقد أن السيارات التي تمر على هذه الدماء إذا كانت هناك حادثة أنها تنقل إلى كل مكان في الأرض، أو أن أحداً نقلها بحذائه!

المشكلة المترتبة على هذا التخيل، أن الدم أصبح موجوداً في كل مكان في الطريق، وإذا وقع مني شيء على الأرض ممكن لا آخذه، وإذا أمسكته أظل أغسل يدي كثيراً، لدرجة أن يدي ابيضت من كثرة استعمال الصابون!

أصبحت أيضاً لا أدخل المستشفيات، وإذا سلمت على أحد الأطباء أظل أغسل يدي إذا استطعت أن أسلم أصلاً، وإذا دخل أحد بحذائه في شقتنا أقول في نفسي: إنه نقل الدم إلى شقتنا، فأريد أن أعرف ما هذه الحالة؟ وما سبب خوفي وقرفي من الدماء؟

هل فعلاً الدماء يمكن أن تنقل بفعل الأشخاص أو السيارات إلى كل مكان؟ وما علاج هذه الحالة لدي؟

أرجو الرد بتفصيل، لأني مللت من نفسي وتعبت كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعاني منه بالأصح نسميه (رهاب الدم) وليس (وسواس الدم) والرهاب هو خوف غير مبرر من شيءٍ مُحدد، ومحاولة تفادي هذا الشيء بكل الطرق، فعندك رهاب الدم، وما يجول بخاطرك هي محاولة تفادي أي شيءٍ له علاقة بالدم، ولذلك - كما ذكرتَ - تتجنب مصافحة الأطباء، وتتجنب أي شيء قد يجلب دمًا إلى منزلك أو أن تتعامل معه باللمس أو بشيء آخر.

إذاً ما عندك هو رهاب الدم، والرهاب - كما ذكرتُ - خوف من شيء غير مبرر، والأسباب غير واضحة، ولكن قد تكون البداية حادثاً معيَّناً بعدها يتكون الرهاب ويزداد، والدم طبعًا لا يمكن أن ينقل الأشياء التي ذكرتها، كل هذه الأشياء ما هي إلا خوف غير مبرر يدور في ذهنك - أخي الكريم -.

العلاج لذلك مثل علاج أي رهاب، ويكون العلاج الأساسي للرهاب أو المخاوف غير المبررة - أو الفوبيا Phobia - هو العلاج السلوكي المعرفي، إذ يتم فيه تعرُّض الشخص للشيء الذي يخاف منه بطريقة متدرجة ومنضبطة، كُلُّ مرَّة نُعرِّضه للشيء الذي يُثير الفوبيا، لكن بطريقة متدرجة ومنضبطة، تبدأ بشيء بسيط وتزيد التعرُّض لهذا الشيء، وفي نفس الوقت تُساعد الشخص على الاسترخاء والتعامل مع الخوف؛ لأنه ينتج هناك خوف شديد عندما يتعرض الشخص للشيء الذي يُسبب الرهاب، ويتم هذا عادةً في عدة جلسات، وبواسطة معالج نفسي متدرِّب.

كما أن هناك أدوية كثيرة يمكن أن تُساعد مع العلاج السلوكي المعرفي، خاصة أدوية أو مجموعة الـ (SSRIS).

إذاً - يا أخي الكريم - عليك بالتوجُّه إلى طبيب نفسي ليقوم بالإشراف على العلاج السلوكي المعرفي، إمَّا أن يقوم به هو، أو يقوم بتحويلك إلى معالج نفسي، ويصرف لك العلاج المناسب.

هذه حالة مرضية تسمى برهاب أو فوبيا الدم، ويمكن علاجها.

وفقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً