الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصابتني نوبة خوف من الموت وهرع مفاجئة، فهل هناك خلاص من حالتي هذه؟

السؤال

السلام عليكم.
نشكر لكم هذا المجهود العظيم لكل العاملين على هذا الموقع.

أنا طالبة جامعية، عمري 21 سنة، كنت أنعم بحياة هادئة، إلى أن جاء يوم وكنت في فترة الامتحانات، ولم أكن متوترة، فقط أحسست بشيء يخترق صدري، وانتابتني حالة خوف رهيبة، وأصبحت أظن أني سأجن، فصرخت وقلت لهم بأني خائفة ومرعوبة، وكأني سأفقد حياتي، ومنذ ذلك اليوم وأنا لم أعرف طعم الراحة، أصبحت أتخيل الشياطين، وكأن شخصا ما يقف خلفي، مع أني لا أرى شيئا، وأصبحت خائفة ومتوترة طوال اليوم، أنام بصعوبة، وأخاف من النوم وحدي.

بعد هذه الحالة تأخرت دورتي لأسبوع واحد، ولكنها رجعت وانتظمت، وأصبحت أتخيل أن هنالك شيطانا خلفي مع توارد أفكار سيئة.

أصبحت أبكي كثيرا، وما يزيد لدي هذه الحالة هو سماع أحد يصرخ أو يصدر صوتا عاليا، فأتوتر وأبكي، وقلت لنفسي أنا مصابة بوسواس قهري، ولكني قرأت عنه، ولم أجد أني أقوم بأفعال وسواسية -والحمد لله-، فاعتقدت بأني قد أكون محسودة، فأصبحت أرقي نفسي، وانتظمت في صلاتي، ولكن دون جدوى، ثم ظننت بأني مصابة بانفصام، عل الرغم من أني اجتماعية، ومرحة، وراضية عن شكلي، فلما قرأت عن الأعراض تبين لي بأني لم أصب به.

لا أنام بسهولة بسبب الخوف، و دائما ما أكون شبه مستيقظة وشبه نائمة، سمعت صوتا ينادي على اسمي، فقمت وهرعت إلى أمي، وبكيت، ومنذ ذلك الحين لا أريد أن أنام، وأتمنى لو كنت صماء كي لا أسمع صوتا وأجن، وقد قالت لي أمي: أن هذا كله ناتج عن التفكير السيء، وأني أتوهم وأوسوس.

لا أريد أن أنام، ولا أريد أن أمارس حياتي، ولا أريد أن أفعل أي شيء، وأدعو الله إذا كنت مصابة بهذا المرض أن يعجل بقدري، فهل أنا مصابة بمرض خطير؟ وهل سوف أجن في المستقبل؟

أرجو المساعدة، لأن حياتي شبه جحيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، هوني عليك -أيتها الفاضلة الكريمة- فالأمور ليست سيئة بالصورة التي تتصورينها، أنا أقدر مشاعرك جداً، وأقول لك أن الحالة التي تعانين منها حالة منتشرة، فالذي تعانين منه يسمى بقلق المخاوف، وهي ظاهرة نفسية تصيب الكثير من الناس، وفعلاً قد يأتي القلق والخوف دون أي مقدمات، وفي هذه الحالة يكون الخوف من نوع الهرع أو الفزع، وأنت وصفته بأنه حالة خوف رهيبة أصابتك حين أحسست كأن شيئا يخترق صدرك، وهذا وصف جميل حقيقة أعجبني كثيراً؛ لأنك بالفعل وصفته النوبة الهرعية التي أصابتك هي غالباً تكون حادة، وتكون مفاجأة، ومكون الخوف يكون هو الأكبر، والهلع والفزع هو نوع من القلق النفسي الحاد ليس أكثر من ذلك، وقد لا تكون له أي أسباب، لكن هنالك بعض الناس ربما يكون لديهم قابلية واستعداد لقلق المخاوف.

كما أننا نشاهد ذلك وسط بعض الأسر، لا أقول أن هنالك أثراً وراثياً مباشرا، لكن هنالك نوع من الميول الجيني أو الوراثي لأن يكون بعض الناس عرضة لنوبات القلق والهلع والفزع، إذاً فالذي بك أمر واضح، أرجو أن توضحي ذلك لوالدتك الكريمة هذه الحالة من الناحية التشخيصية تسمى بقلق المخاوف، والأمر لا أعتقد أنه له علاقة بالحسد أو الجن أو المس أو خلافه، وعموماً أنت قمت بالتحوطات الشرعية المطلوبة، وهذا أمر جميل، ولكن حافظي على أذكار الصباح والمساء، والصلاة في وقتها، واجعلي لنفسك ورداً قرآنيا، ونسأل الله تعالى أن يحفظك من كل مكروه فهذا يكفي تماماً.

وفي ذات الوقت أريدك أن تصرفي انتباهك عن هذه الأعراض، وأن تكونين إنسانة مثابرة في دراستك، وأن تكون لك خطط مستقبلية تحسنين من خلالها إدارة وقتك، فأنت ما شاء الله تبارك الله في سن جميلة جداً، فيها الكثيرة من الطاقات النفسية والجسدية والمعرفية، وقطعاً لديك آمال عريضة في هذه الحياة، فاسعي لأن تصلي إلى مبتغاك، وبالله التوفيق والسداد.

أريد أن أوضح لك: أن الصحة النفسية يمكن أن تتحسن من خلال أشياء معينة، أهمها:
- التفكير الإيجابي.
- حسن إدارة الوقت.
- والنوم الليلي المبكر.
- التواصل الاجتماعي المثمر.
- التغذية السليمة.
فهذه كلها مطلوبة في حياة الإنسان، فاحرصي عليها، وإن شاء الله تعالى ستجدين فيها خيراً.

أنا أيضا أرى أنك محتاجة لعلاج دوائي بسيط، وتوجد الآن علاجات دوائية سليمة ممتازة وغير إدمانية، شاوري والدتك حول هذا الموضوع، وأنا اخترت دواء يسمى سبرالكس، واسمه العلمي استالبرام من أروع الأدوية لعلاج الهرع والفزع وقلق المخاوف، والجرعة بسيطة في حالتك 5 مليجراما، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرامات، يتم تناولها يومياً لمدة 10 أيام، بعد ذلك تصبح الجرعة 10 مليجرامات يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 5 مليجرامات يومياً لمدة شهر، ثم 5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، والدواء ليس إدمانيا، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، والجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة جداً.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أشرت سلفاً لأهمية التمارين الرياضية، أرجو أن تحرصي على ذلك، وأريدك أيضاً تمارسي التمارين الاسترخائية، وقد أوضحنا كيفية ممارستها في استشارة إسلام ويب، والتي هي تحت الرقم2136015 فطبقي هذه التمارين، وسوف تجدين فيها نفعاً كثيراً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً