الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكلوزابين سبب لي هلوسة في وقت النوم.. هل أترك الدواء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من ذهان (حيث إني أشك كثيرا في أي شيء، وكل شيء)، وأشعر كأني في حلم، وقلق حاد، ولدي ميول انتحارية شديدة جدا، حيث إني حاولت أن أنتحر أكثر من 3 مرات، ولي سنة ونصف وأنا أجرب الأدوية، لكن النتيجة ضعيفة وليست كاملة، والآن أنا على هذه الجرعات:
- ايفكسر 300 مج
- ليثيوم 800 مج
- سوليان 400 مج
- اولازين 10 مج

لكني قرأت عن الكلوزابين، حيث إنه يستعمل للحالات المستعصية للاضطرابات النفسية، فقررت أن أستعمله بدون استشارة الطبيب، ومن ثاني يوم من استخدامه سبب لي هلوسة شديدة في وقت النوم، هل إذا تركت الدواء ستختفي الهلوسة؟ وهل لي أمل في العلاج؟ لأني في حالة يأس شديد، وأخطط أن أنتحر في نهاية الشهر الحالي.

أرجوكم ساعدوني، أرجوكم لا تذكروا العلاج السلوكي المعرفي؛ لأن فائدته في الاكتئاب الخفيف، لكن مرضي أنا شديد جدا وانتحاري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أحزنني كثيرًا – أخي الكريم – أن تقول أنك تُخطط لأن تنتحر في نهاية هذا الشهر، هذا -يا أخي الكريم– أمرٌ محزن جدًّا، أرجو ألا تقدم على هذا فتخسر الدنيا والآخرة معًا، ولا تملك أي عذر عند الله تعالى في ذلك، قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا * ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرًا}، وقال: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يُحب المحسنين} فأحسن إلى نفسك بأن لا تُوردها المهالك، والله لطيف بعباده، ولن يغلب عسر يُسْرين {فإن مع العسر يسرًا * إن مع العسر يسرًا}.

أخي الكريم: هذه أفكار شريرة، وأنا متأكد أنك كمسلم ومؤمن لن تقدم عليها، لكن مجرد الحديث عنها أو التفكير فيها هو أمرٌ محزن جدًّا، أرجو أن تراجع طبيبك، اذهب إلى الطبيب النفسي –أخي الكريم – الطبيب الذي تثق فيه، أنت محتاج لا أقول لك لعلاج سلوكي معرفي، أنت تحتاج فقط لشيء من المساندة النفسية، والطبيب الثقة المؤهل سوف تجد منه -إن شاء الله تعالى- هذه المساندة.

تحدَّث مع والديك، مع أصدقائك، مع إمام مسجدك، فرِّغ كل الاحتباسات النفسية والاحتقانات السلبية التي داخل نفسك، واحرص على أذكار الصباح والمساء، فهي حافظة.

مارس شيئًا من الرياضة حتى ولو كانت رياضة المشي، قم بزيارة الأصدقاء، شارك الناس مناسباتهم -أخي الكريم-، امش في الجنائز، اذهب إلى الأعراس، لا بد أن تُخرج نفسك – أيها الفاضل الكريم – من هذا الذي أنت فيه، وهذا ليس بعيد المنال.

أسأل الله أن يحفظك - أخي الكريم – وأن يرفع ما بك.

بالنسبة للعلاجات: الأمل دائمًا موجود، الأدوية كثيرة، والأدوية فاعلة، الأمر فقط يحتاج لشيء من الترتيب – أخي الكريم -. إقدامك على تناول الـ (كلوزابين) دون استشارة طبية أمر خاطئ، أنا أحترم وأقدِّر جدًّا وجهة نظرك، لكن الكلوزابين ليس بالدواء السهل، الكلوزابين له ضوابط وله طرق في استعماله، كما أن فائدة الكلوزابين لا تأتي قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر من الاستعمال المتواصل، ولا بد أن تكون هنالك فحوصات دورية معروفة: فحوصات الدم، تخطيط للقلب، هذا كله مطلوب.

فأنت ما دمت تريد استعمال الكلوزابين هذا أمر جيد يجب أن نشجعك عليه، لكن لا بد أن تكون تحت إشراف الطبيب، وأنا شخصيًا أستعمل الكلوزابين كثيرًا، وقد تحصَّلنا على نتائج رائعة، لكن المريض يجب أن يبقى معنا في الوحدة الداخلية لمدة أربعة أسابيع على الأقل خاصة في بداية العلاج، وفي بدايات العلاج ليس فيها فائدة علاجية للمريض، على العكس تمامًا هنالك آثار جانبية سلبية، لكن بعد ذلك يأتي الفرج، ويأتي التحسُّن.

فأخي الكريم: أرجو أن تنظر إلى هذا الأمر بكل كياسة وبكل فطنة، والأدوية السابقة إذا لم تفدك هنالك مخارج كثيرة جدًّا، هنالك أدوية قد تكون أكثر فعالية، لأن الأدوية – يا أخي الكريم – أحيانًا تعمل من خلال التوافق الجيني، كل إنسان الحق عز وجل أعطاه بناءً جينيا معيَّنا، وقد اتضح الآن أن الأدوية تستجيب من خلال هذه الجينات، وطبعًا الخارطة الجينية للبشر لم تُحدد كاملاً، لكن ما حُدد فيها أفاد، ونحن الآن نُجرِّب الأدوية ليس من قبيل التجربة، لكن لأننا لا نعرف بالضبط التوافق الجيني للناس، وكثيرًا ما يستفيد الناس من أدوية لا نتصورها، على سبيل المثال – أخي الكريم – لديَّ أحد الأخوة الذين يترددون عليَّ في العيادة مُصاب بمرض الفصام، وحقيقةً لم يستجب لمعظم الأدوية، فتح الله عليَّ وعليه، أعطيته دواء اسمه (بموازيت / أوراب) من الأدوية القديمة جدًّا، استجاب استجابة رائعة، وهذا الدواء ليس معروفاً عنه أنه علاج ممتاز للحالات المستعصية أبدًا، تفسيري للأمر أنه بفضلٍ من الله تعالى حدث له توافق جيني مع هذا الدواء، وهكذا.

فأرجو أن تراجع مع طبيبك، -وإن شاء الله تعالى- الأمر فيه سعة، ونحن – يا أخي الكريم – في نعم عظيمة، -وإن شاء الله تعالى- تخرج من كل الذي أنت فيه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً