الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس العقيدة والنية ما أتخلص منه بالدواء حتى يرجع، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية عانيت منذ خمس سنوات من الوسواس القهري في العقيدة والنية عند بداية أي عبادة من العبادات -والحمد لله على كل حال-، وبعد أن أصبحت وساوس مطبقة، ذهبت إلى الطبيبة، وقد كتبت لي paxitab مع جرعة صغيرة من الريدون، وبعد سنة تركت الدواء؛ لأنه قد زاد وزني، وأصبحت أشعر بتحسن كبير -الحمد لله-، حيث انتهت حالة البكاء والمخاوف، لكن بقيت بعض الوساوس، حيث كنت لا أستطيع صلاة الفريضة بمفردي، لا بد من الصلاة مع أحد، أو صلاة الجماعة، وعندما أحاول تركها ومجاهدتها وتجاهلها، تعود الوساوس كلها من جديد، كرهت المجاهدة ولست راضية عن حالتي.

بعد مرور سنتين على ترك الدواء، بدأت أشعر بعودة القلق والمخاوف من جديد، والصعوبة أكثر في النية، لا أعلم ماذا أفعل؟ هل أعود لنفس الدواء من جديد؟ أم هناك دواء آخر آمن تنصحوني به؟ علماً أني لا أحب تناول الأدوية لمدة طويلة، فأنا خائفة من زيادة الوزن.

تأتيني حالة غريبة غير دائمة لمدة دقيقة أو دقيقتين، أحتار في تشخيصها، حيث إذا كنت على برنامج أو في مكان ما، ورأيت أحدا يظهر عليه علامة الالتزام، يكثر من الصلاة أو يقول كلاماً جميلا عن الإيمان، أجد غرابة في داخلي من فعله، رغم أنني أشعر أيضا بالغبطة في نفس الوقت من فعله، ثم أعود طبيعية، وبعدها أتوتر بسبب هذا الشعور.

أخشى أنني مصابة باختلال الأنية، وأيضا تأتيني حالة أخرى، مثلا عندما أذهب للوضوء، وفي أثناء القلق الذي يأتيني والتساؤلات الوسواسية، أشعر بشعور داخلي بتضارب الأفكار في رأسي، ما الذي أريد أن أفعله؟ هل فعلي صحيح؟ لماذا أتيت إلى هنا؟ رغم أنني أعلم ما أريد، لكن الشعور الداخلي يشعرني أنني لا أريد الوضوء، أريد القيام فقط بحركات، مما يشعرني في بعض الأحيان أنها حالة فصام.

أسأل الله لكم التوفيق والسعادة في الدارين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aisha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ورسالتك واضحة جدًّا، وبالفعل أنت لديك وساوس قهرية متذبذبة تزيد وتنقص حسب الحالة المزاجية لديك، وكذلك اجتهادك في تحقيرها وطردها، وكذلك تناول العلاج الدوائي.

الوساوس –أيتها الفاضلة الكريمة- يجب أن تُقتلع اقتلاعًا من حياتنا، والوسواس يجب ألا نقبل بوجوده، ويجب أن نُحقره، وكي نتخلص منه يجب أن نكون فطنين وحصيفين في ألا نناقش الوساوس، ألا نخضعها للمنطق، ألا نذهب ونبحث عن الفتيا هنا وهناك، الأمر في غاية البساطة، ما نصحنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الأفضل، حين تأتي هذه الوساوس للإنسان يجب أن ننتهي، (قل آمنت بالله ثم انتهي) هكذا نصح الرسول -صلى الله عليه وسلم-، نصح الذي أطبقتْ عليه الوساوس، انتهي، لا تُناقش، تُحقِّر، تتجاهل تجاهلاً تامًّا.

في بعض الأحيان حتى مقاومة الوسواس الشديدة قد لا تكون مُجدية، لأن الشيء الذي تُقاومه يعني قد أعطيتيه قيمة واعتبارًا وجعلتيه جزءً من حياتك، أما الشيء الذي تُحقِّريه فهذا يعني أنك لم تجعليه جزءً من حياتك.

اجعلي هذا منهجيتك – أيتها الفاضلة الكريمة – وأمرٌ آخر: ممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك التمارين الاسترخائية مهمة جدًّا، لأن جُلَّ الوساوس قلق، وأنتِ ما تحدَّثتِ عنه حول الحالة الغريبة التي تأتيك وكذلك عند ذهابك للوضوء، هذه – أيتها الفاضلة الكريمة – كلها أمور قلقية وسواسية، أنتِ حسَّاسة، شديدة اليقظة، شديدة المراقبة لنفسك، وهذا هو الذي يجعلك تحسِّين بمثل هذه التجارب التي تتحدثين عنها، ليس لديك أي اضطراب في الأنِّية، فأرجو أن تطمئني، وأن تتخذي هذا المنهج السلوكي الذي ذكرته لك.

العلاج الدوائي مهم، ومهم جدًّا، وأبشرك أن البروزاك هو الأنسب لك، والبروزاك لا يزيد الوزن، ليس إدمانيًا، لا يؤثِّر على الهرمونات النسائية أبدًا، مطلقًا، ابدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا، وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا، تناوليه بعد الأكل نهارًا حيث لا يُسبب أي نوع من النعاس، وبعد شهرٍ اجعليها كبسولتين في اليوم، يمكنك أن تتناوليها كجرعة واحدة.

أربعين ملجيرامًا – أي كبسولتين في اليوم – تعتبر جرعة علاجية ممتازة، لكن لا بد أن تصبري عليها ليحدث الأثر التجمُّعي الكيميائي الإيجابي، وهذا لا يمكن الوصول إليه قبل شهرين من الاستمرار على العلاج، مدة العلاج على الكبسولتين يجب أن تكون ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك تنتقلين إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة واحدة من البروزاك يوميًا لمدة عامٍ، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، بعد ذلك ابدئي في جرعة التوقف التدريجي، وهي كبسولة واحدة يومًا بعد يومٍ لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أراه، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً