الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش مأسأة حقيقية لعدم قدرتي على الزواج ممن أحب!

السؤال

السلام عليكم

يا شيخ: أحببت فتاة حبا صادقا شريفا، ولكنها أصبحت لشخص ثانٍ؛ لأن ظروفي لا تسمح لي بخطبتها الآن، وهذا الكلام منذ سنة أو أكثر بقليل، وإلى اليوم وحتى هذه اللحظة أقسم بمن رفع السماء أن دموعي كل يوم تقريبا تنزل كالمطر اشتياقا لها.

يا شيخ: أيقنت أن الله قذف حب هذة الفتاة في قلبي لأني شخص لا أتعلق بأي شخص، حتى إن أمي لو غابت عني أشهرا لا أشتاق إليها كثيرا (فقط لأقرِّب لك الصورة) لكن هذة الفتاة ممكن أن أنسى أتنفس ولكن لا يمكن أن أنساها لحظة، والمشكلة أنها تحبني أيضا، لكن بسبب ظروفي وعدم قدرتي على خطبتها اضطرت إلى الموافقة على خطيب آخر.

يا شيخ: كل صلاة أدعو الله أن لا تتزوج؛ لأني ممكن أن تنتهي حياتي، ولا أقصد الانتحار، لكن سأعيش جسدا بلا روح.

وقصتي في الاستشارة رقم: (62289527).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، ونسأل الله أن يصلح حالك؛ وأن يأخذ بيدك إلى الخير والهداية، وبعد الاطلاع على الاستشارة يمكن أن نجيب عليك بالآتي:

- بالنسبة لتلك العلاقة التي كانت بينك وبين تلك الفتاة؛ كانت علاقة فيها مخاطر كبيرة عليها وعليك؛ لأن شريعتنا حرمتها لما فيها من الخلوة المحرمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري برقم 5233، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان "رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2546.

ومن مداخل الشيطان أن يصرح كل طرف للآخر بمشاعره، ثم يستدرجهم إلى محرمات أخرى، منها الكلام الخادش في الحياء، من كلام الحب والغرام؛ ثم التواصل والنظرات المحرمة، كل ينظر للآخر نظرة شهوة، وهذا مخالف لمقتضى الإيمان بالله، الذي يأمر بغض البصر، قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} [النور : 30]، ثم يحصل الاستدراج أكثر بأن يزين الشيطان كل طرف للآخر، حتى يقع ما لا يحمد عقباه.

والحب الحقيقي هو الحب المشروع الذي يكون بعد الزواج وليس قبل الزواج، والمسلم الغيور الذي يغار على محارمه لا يحب أن يُقال إن أخته تحب شخصاً ما وتتواصل معه؛ وما لا يرضاه المسلم لأخته لا يرضاه لبنات المسلمين!

- بما أنك عجزت عن الزواج بها، وقد خطبها غيرك؛ فاعلم أن الله لم يقدر لك الزواج بها؛ وفي هذا خير، وعليك أن تسلم للأمر، وتقول قدر الله وما شاء فعل، ولا ينبغي أن تشكو ما حصل لأحد، ولا لمجرد التفكير في الانتحار فضلا أن تقدم عليه؛ فصحتك وحياتك لا تستحق أن تستهين بها، فهي رأس مالك في الدنيا، وبها تسعد، وبها تتعبد لله تعالى؛ فحافظ عليها، والحياة ما زلت أمامك، ويمكن أن تستأنف حياتك دون هذه الفتاة، وما تفكر فيه من الانتحار أمر خطير وعظيم، فاسع جاهدا إلى التخلص منه؛ لأن هذا من مداخل الشيطان عليك، فإن هذا الأمر لو حصل لا قدر الله ستخسر به دنياك وآخرتك، قال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" النساء 29.

وقد ورد فيه وعيد شديد؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا" رواه البخاري برقم: 5778.

- من أجل أن نساعدك على نسيانها عليك بعمل الآتي:

* أن تعرف أن العلاقة معها كانت محرمة؛ ولا يجوز أن تستمر.

* أن تعلم أن الله أراد بك خيرا عندما صرفها عنك، حتى يبعدك عن الحرام؛ ويهديك إلى طريق الاستقامة.

* أكثر من الصلاة والذكر والاستغفار.

* أشغل نفسك بما ينفع من أعمال دنيوية نافعة.

* سارع في خطبة غيرها فلعل الخير في ذلك.

* عاملها بالمثل، هي نستك وأخرجتك من دائرة اهتمامها؛ وقبلت بغيرك لأن ظروفك لم تسمح بالزواج بها؛ فأنت أيضا كن شجاعاً وأخرجها من تفكيرك ودائرة اهتمامك؛ والنساء غيرها كثير.

وفقك الله إلى ما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً