الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأمراض النفسية جعلتني أتشاءم وأعتزل عن الناس.. فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، بعمر27 عاماً، لا أعمل منذ 4 سنوات، مخطوبة منذ سنتين، ولم أتزوج بحكم ظروف خطيبي المادية، قبل الخطبة والارتباط به كنت مرحة ومحبة للحياة، ولكن تدهورت حالتي النفسية تدهوراً ملحوظاً من قبل خطيبي، وعائلتي، وأصدقائي.

أنا أتوقع بسبب ظروف خطيبي، والسبب الأكبر فراغي الدائم، وقله المال لدي، توظفت لمدة 3 أشهر، ولم أتقبل العمل بسبب الجهد الكبير وبيئة العمل السيئة والعائد المادي قليل جداً، وعملت مشروعاً خاصاً بي في المنزل ولكن وللأسف لم أنجح؛ بسبب رأس المال الذي لم يتوفر لي، والأشخاص الذين تعاملت معهم كانوا أصدقائي، لذك لم أربح كثيراً.

أنا متعبة نفسياً أشعر بأرق، وتوتر، وانخفاض في السكر، وعصبية، وقلق، وهلع، ووسواس، وعزلة دائمة، ولا أثق بشكلي حتى أني مررت بمواقف لم يساعدني أحد من صديقاتي، وانخذلت من أقربائي، وأنا مراهقة ومررت بتجربة فاشلة في الزواج، وأحبطت من جميع النواحي.

منذ سنتين وأنا أحاول التواصل معكم، أريد فقط أخذ حبوب مهدئة تعطيني إحساس الراحة، وأستطيع أن أجتمع بالناس؛ لأني لم أعد أتحمل أن أتواصل أو حتى أجامل أحدا.

بدأت أشك بمن حولي دائما أنهم سيخذلونني قريبا، حتى إنني بدأت أشك بأمي وخطيبي وصديقاتي أنهم لا يحبونني وسيتركونني، مع العلم أني أشك من تصرفات رأيتها منهم لا أريد التفكير بأحد أو أحمل هم من حولي، مع أنني -ولله الحمد-محافظة على صلاتي، وقراءة القرآن، وصلاة الليل، ولله المغفرة عن القصور بطاعتي أو زلاتي، وحتى أستطيع أن أخرج وأجتمع مع الناس لأني أصبحت أحب العزلة، ولا أستطيع الذهاب لأطباء نفسيين بسبب المبالغ الطائلة التي يطلبونها للاستشارة.

وشكراً جزيلاً لما تقدمونه لنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا تفهمتُ رسالتك، وأسأل الله لك العافية، وإن شاء الله تعالى الموضوع ليس بالسوداوية التي تتصورينها، نعم هنالك سلبيات، هنالك شيء من الكدر وشيء من الكرب، لكن -إن شاء الله تعالى- أنت أفضل مما تتصورين، أنت محافظة على صلاتك وعلى تلاوة القرآن، طائعةً لربك، أنت في عمرٍ جميل، عمر الطاقات النفسية والجسدية، أنت لديك المقدرة على تفهم الحياة، إيجابياتها وسلبياتها، جميلها وقبيحها، أنتِ تستطيعين أن تعيشي بقوةٍ نفسية أكبر.

أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تكوني أكثر ثقة في نفسك، وقلة المال ربما يُسبب إشكاليات، لكن كلها أمور مؤقتة، إن شاء الله تعالى تجدين ما يقضي حاجتك، بشيء من القناعة، وبشيء من التخطيط السليم والتوكل -إن شاء الله تعالى- حتى القليل الذي تمتلكينه سوف يُشكل لك قناعات عظيمة جدًّا في حياتك.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا تنعزلي، بناء النسيج الاجتماعي من أفضل الأشياء، اذهبي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن في المنطقة التي تعيشين فيها، هذا نوع من التواصل الاجتماعي العظيم، الإنسان يحتاج لمن يؤازره ولمن يُسانده، وبيئة القرآن بيئة عظيمة جدًّا، فمقترحي هذا أرجو أن يجد عندك قبولاً، وإن كان الأمر ليس بالسهل – ولا أحسبُ ذلك – فابحثي عن أي نشاط اجتماعي آخر معقول ومقبول، وكوني فعّالة داخل أسرتك، خذي المبادرات، هذا سوف يُشعرك بأن قيمتك الذاتية أحسن مما تتصورين، والصحة النفسية الإيجابية تُبنى على هذا الأساس، أن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره، أن يكون هناك نسيج اجتماعي إيجابي، وهذا كله متوفر.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أبشرك أن الأدوية موجودة، وأنك بالفعل سوف تستفيدين كثيرًا من أحد الأدوية المحسِّنة للمزاج، لا أريد أن أعطيك مُهدئًا، لا أريد أن أعطيك دواءً تعوديًا أو إدمانيًا، أنا سأصف لك -إن شاء الله تعالى- دواء صحيح مُحسِّنٌ للمزاج، والدواء بسيط جدًّا، عقار (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) وهو متوفر في المملكة ولا يحتاج لوصفة طبية، وهو من أفضل هذه الأدوية التي نصفها في مثل حالتك.

ابدئي في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – وهذه جرعة وسطية معقولة جدًّا، استمري عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذه الطريقة المتدرجة الجيدة لتناول هذا الدواء.

الدواء ليس له آثار جانبية خطيرة، ربما يفتح شهيتك نحو الطعام قليلاً، هذا هو الأثر الجانبي الوحيد الذي يحدث لبعض الناس، ليس له آثار إدمانية، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسوية.

أسأل الله تعالى أن يُسهل لك أمر الزواج، وكل جراحاتك الماضية -إن شاء الله تعالى- تُذبل في هذا الزواج الذي أسأل الله تعالى أن يكون قريبًا كما ذكرتُ لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً