الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغضب إذا قام صديقي بالتحدث مع غيري لدرجة قطع العلاقة، فما تفسير ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا أبحث عن صديق وحين أجد صديقاً ويصير مقرباً مني جداً لا أحتمل أن أراه يتكلم مع شخص آخر غيري، وأشعر بحزن وغضب شديد إذا رأيته يبتسم أو يضحك مع شخص آخر، حتى لو كان أخوه، فإني أنهي صداقته فوراً!

أريد منكم تشخيص حالتي، وطرق علاجها، فمنذ صغري لا أستطيع أن أكون اجتماعياً، فأصدقائي في المدرسة دائماً يجتمعون ويضحكون، وفي بعض الأحيان أكون معهم، ولكن مشكلتي أني لا أستطيع مجاراتهم في الكلام، ولا أستطيع إيجاد الكلمات المناسبة لأندمج معهم! ليس لأني لا أمتلك الشجاعة ولكن لا أجد شيئا أقوله، وحتى لو تكلموا معي؛ أبدأ في التلعثم في الكلام كشخص خجول، وبالتالي لا يتكلمون معي كثيراً، ولو حصل الأمر وتحدث معي أحد يتكلم برسمية فقط، ومن باب الاحترام لا غير.

أظن أن هذه المشكلة وراثية، لأنني أشبه أبي كثيراً، فهو أيضا لا يجيد الكلام، ويبقى صامتاً عندما يكون مع أصدقائه أو أحد أفراد العائلة، ونفس الحال مع أخي الصغير، خصوصاً أن عمي وأولاده يتحدثون كثيراً، واجتماعيون.

ما نصيحتكم؟ فهذا الأمر يسبب لي الحزن والاكتئاب الشديد، لأني أحب أن يكون لي عدة أصدقاء، وأخاف أن أجد نفسي مثل أبي في هذه الحالة.

أرجو أن تنصحوني، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بكل هذا، أعانك الله وخفف عنك.

لا شك أن الأمور التي ذكرتها في سؤالك تتعلق ببعضها، فالغالب أنك أخذت طابع التجنب الاجتماعي من والدك، حيث كان هو قدوتك منذ نعومة أظفارك، وهذا ينسجم مع المدرسة النفسية السلوكية، مما سبب عندك شيئاً مما يمكن أن يكون قد وصل لحالة من الرهاب الاجتماعي في تجنب الناس والحديث والاختلاط معهم.

نحن نعالج الرهاب الاجتماعي أيضاً وفق المدرسة السلوكية، والتي تدعو لضرورة الإقبال على الناس والاختلاط بهم، فالتجنب لا يحل من المشكلة شيئاً، بل على العكس يزيدها تعقيداً، فاحرص على الاجتماع بالناس بالرغم من صعوبة الأمر في البداية على الأقل، إلا أن هذه الصعوبات ستخف مع الزمن.

الصفة الأولى التي ذكرتها من انزعاجك عندما يتواصل صديق لك مع شخص آخر، فربما نسمي هذه الصفة النفسية بحب التملك أو الاستحواذ، وهي صفة ربما موجودة عندك بسبب المشكلة الأولى من الارتباك الاجتماعي، ولذلك فعندما يكون عندك صديق فأنت لا تريده أن يتواصل مع الآخرين مما يمكن أن يضطرك للتواصل معهم أيضاً مما يمكن أن يسبب بعض الارتباك والحرج.

حتى هذه الصفة يمكن أن نعالجها وفق مبادئ المدرسة المعرفية السلوكية عن طريق تعويد نفسك على فكرة أن أصدقاءك ليسوا لك فقط، وإنما هم لك وكما هم للناس الآخرين.

مما يعين على تقبل هذه الفكرة تعريض نفسك لبعض التجارب، كأن تقبل بأن يكون هناك شاب صديق إلا أنه يتكلم ويتواصل مع غيرك أيضا، وعندما تبدأ بتقبل هذا والتعايش معه فسيصبح الأمر أسهل من السابق.

ربما يفيدك في علاج كل هذا العمل على رفع ثقتك في نفس، عن طريق اهتمامك بهواياتك كالرياضة وغيرها، مما يعزز عندك ثقتك في نفسك، وفي نفس الوقت ستتيح لك الرياضة فرصاً طبيعية للتواصل مع الشباب الآخرين.

وفقك الله، ويسّر لك الخير والفلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً