الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني الأفكار الوسواسية وأحاول تجاهلها دون جدوى، أحتاج لتوجيهكم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة أبلغ من العمر 33 سنة، مشكلتي في كثرة التفكير والاسترسال بالأفكار المهمة أو التافهة، أسترسل بها إلى أن أصاب بالضيق والخوف الشديد، علما أنه قبل شهرين أصبت فجأة بحالة من الخوف الشديد وإحساس بالغربة عن الذات، شعرت وكأنني منعزلة عن العالم، وبعد مراجعة الطبيب، أعطاني الباروكستين والكويتيابيين جرعة 100 ملغرام، لمدة ثلاثة أسابيع.

أخبرني الطبيب بأنه سوف يزيد الجرعة تدريجيا، مشكلتي أن عقلي لا يتوقف عن التفكير، أصبحت أراقب ذاتي كثيراً، أسأل نفسي لماذا نتكلم، وما هي فائدة وجودنا، ولماذا نفكر ونتكلم مع أنفسنا؟ ثم تطورت هذه الفكرة وأصبحت أخاف من فكرة التكلم مع نفسي، وأصاب بنوبة خوف شديدة، وأفكر بالانتحار، قد تبدو فكرة سخيفة ولكنها سيطرت على تفكيري إلى حد كبير، أعلم أن الله خلقنا مع النفس التي تحدث الإنسان، وهذا الشيء مسلم به، ولكن بالنسبة لي أصبحت الفكرة ترعبني، وتشكل لي ثقلا كبيرا، قد تبدو الفكرة غير منطقية ولكنها أثرت علي سلبا.

لا أدري لماذا أصبحت أرفض نفسي، ولا أرى أي فائدة للاستمرار في الحياة، فهل هناك شخص عادي يكره التحدث إلى نفسه ويعتبرها نقمة رغم أنها نعمة، ولماذا تهاجمني الأفكار طوال اليوم، أفكار جميعها سلبية، تصيبني أفكاري بالخوف، أنا أم ولدي أطفال، وعندي مسؤوليات كثيرة، ولكن حياتي تغيرت إلى الأسوأ بشكل كبير، ولا أرى أمامي مخرجا مما أعاني.

أرجو منكم الرد سريعا على مشكلتي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وبارك الله فيك، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: رسالتك واضحة جدًّا، وما وصفته بالاسترسال في الأفكار وتضخيم الأشياء الغير مهمة من الناحية الفكرية، وكذلك الشعور بالضيق والخوف، هذا كله ناتج من أفكار وسواسية.

القلق مكوِّن رئيسي للوساوس، والوساوس تؤدي إلى اجترارات، وتؤدي إلى تفكير متشتت، وقلق المخاوف الوسواسي شائع جدًّا، وهو الذي تعانين منه الآن، ونسبة لغرابة هذه التجربة وأنها أتتك بصورة مفاجئة وشعورك باضطراب الأنية –أي الغربة عن الذات– هذا كله أدى إلى ما نسميه بالاكتئاب الثانوي.

الحالة –أيتها الفاضلة الكريمة– بإذن الله تعالى بسيطة، أحزنني جدًّا تفكيرك في الانتحار، أنت -إن شاء الله تعالى- لن تقدمي على هذا العمل المنكر، هذا العمل البشع، -لا حول ولا قوة إلا بالله-، استعيذي بالله تعالى من هذا الفكر، وتمسَّكي بإسلامك، وأعيدي لنفسك الثقة من خلال أن تثقي بالله تعالى أولاً، ثم في مقدراتك، وأن تعرفي أن الذي ينتابك الآن هو أمر عابر ومؤقت وسوف يزول -إن شاء الله تعالى-، وأرجو أن تراجعي هذه الروابط: حول حكم الانتحار أو التفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).

نحن يهمُّنا جدًّا التأكيد على التشخيص، والإنسان حين يعرف ما به هذا في حدِّ ذاته يؤدي إلى حل المشكلة ولو جزئيًا، كما ذكرتُ لك أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي مع وجود اكتئاب ثانوي، هذه ليست حالة مقعدة أبدًا، شائعة وكثيرة، وتأتي للنساء على وجه الخصوص.

الذي أريده منك إذًا هو: تفهم حالتك، تحقير الفكر السلبي، وأن تستفيدي من أوقاتك بصورة صحيحة، لأن القلق يستشري مع الفراغ أو مع سوء تدبير واستغلال الوقت.

الفكرة السلبية التي تأتيك عليك بتحقيرها، وأن تنقلي نفسك لفكرة أخرى تكون أكثر جدّية، حين تأتيك هذه الفكرة التافهة انتقلي لفكرة أخرى، قولي: (هذه فكرة حقيرة ولن أشغل نفسي بها، لماذا لا أفكر في خطة مستقبلية أدير من خلالها حياتي؟! لماذا لا تكون لديَّ مشاريع معينة؟ أضعُ الآليات التي تُوصلني إليها) وهكذا.

كما أن الإكثار من الاستغفار مهم، فيه تنفيس كبير للنفس وللكُرب، وأريدك أيضًا أن تُطبقي بعض التمارين الاسترخائية، وهذه أشرنا إليها في استشارة إسلام ويب والتي تحت رقم (2136015)، أرجو أن ترجعي لهذه الاستشارة وتطلعي على كل تفاصيلها وتطبقي ما ذكرنا فيها من إرشادات، سوف تجدي فيها نفع كبير جدًّا.

اعتمادك على النوم الليلي المبكر، وتجنب النوم النهاري، وممارسة الرياضة، هذا سوف يؤدي التوازن حقيقي في كيمياء الدماغ لديك، مما يعني أن معنوياتك سوف تتحسن، سوف تصبحين أكثر استرخاءً وأكثر تركيزًا، فاحرصي على ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة-.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الباروكستين عقار رائع، وأعتقد أنك تحتاجين لجرعة أربعين مليجرامًا. فكرة الطبيب فكرة ممتازة، وهو أن يرفع الجرعة بالتدريج، أربعين مليجرام من الباروكستين أراها كافية جدًّا، والكواتبين يمكن أن يكون بجرعة أقل إذا تحسَّن عندك النوم، خمسة وعشرين إلى خمسين مليجرام ربما تكون كافية، لكن أترك هذا لطبيب الكريم.

والأمر -إن شاء الله تعالى- سوف يُحسم، سوف تتحسَّنين، التحسَّنُ قطعًا يأتي تدريجيًا، أريدك أن تكوني صلبة، أن تكوني إيجابية، أن تسعي دائمًا أن تكوني نافعة لنفسك ولغيرك، اهتمِّي ببيتك، بحياتك، أشياء طيبة وجميلة جدًّا في حياتك، فاتركي هذا القلق وهذا الشعور الوسواسي، -وإن شاء الله تعالى- بحسن إدارتك لوقتك واهتمامك أكثر بأولادك وزوجك، وأن ترفّهي على نفسك بما هو طيب وجميل.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الأسس نفسية وسلوكية عامة، من يتبعها يستطيع أن يُغيِّر نفسه، والتغيير دائمًا سوف يكون تغييرًا تدريجيًا، لكن في نهاية الأمر تكتمل الصورة العلاجية الإيجابية -إن شاء الله تعالى-.

ختامًا: نشكرك كثيرًا على التواصل مع استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة ام فرح

    اعاني مثل ماتعانينه فعلا بداية اكتئابي خوف ونوبات هلع وتطور الامر الى الخوف من الذات ، اتألم لحالي واخاف ع ابنتي ، اتعبني تأنيب الضمير من كل شي لا اعلم مانهاية ما انا به اسأل الله العضيم ري العرش العظيم ان يشفينا وجميع المسلمين
    رعاكم الله وسدد خطاكم تفقدو رسالتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً