الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبة قلبية عابرة قلبت تفكيري قلقا وخوفا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 21 سنة، منذ شهرين أصبت بحالة غربية جدا، كنت في الجامعة واقفا أمام المدرج الذي تلقى فيه المحاضرة؛ فجأة أحسست بكتمة على قلبي، قلت في نفسي: أذهب من أجل الاستناد على الحائط؛ فبدأ قلبي يضرب بسرعة، وشعرت برعب كبير، فقلت في نفسي: هذه سكتة قلبية داهمتني وسأموت الآن.

انطلقت بسرعة إلى المنزل، ركبت سيارة الأجرة، ثم تحسنت حالتي، وهدأت، وبعد بضعة دقائق عاد نفس الأمر؛ فبدأ قلبي يخفق بسرعة، وبدأت أتعرق، وبدأت أجد برودة وسخونة في نفس الوقت، و ضيق في التنفس؛ فاتجهت إلى المستشفى، ذهبت إلى طبيب عام ففحصني، وقال: كل شيء سليم، وأعطاني دواء "avrocardly" ودواء ثاني "oxymag".

لم أطمئن كثيرا؛ فقلت أذهب إلى طبيب متخصص في القلب، وبالفعل ذهبت وعملت تخطيطا للقلب، وفحصا، وكان قلبي سليماً، وأعطتني الطبيبة نفس دواء الطبيب الأول "avrocardly" فاطمأننت كثيرا.

بعدها تغير طعم الحياة، وأصبح مستقبلي وحاضري كله هو الموت، ودائما تجدني مريضا، وأعاني من أعراض مختلفة، كل يوم عرض مختلف، ضغط وسط الصدر، غصة في الحلق، ضيق تنفس، لا تأتي مع بعضها في نفسي الوقت، أصبحت موسوسا جدا من ناحية الموت، حتى عندما أفسر أحلامي أجد أنها تقول قرب الأجل.

أنا سمين، ولا أعلم وزني تقريبا، لكن لدي بطن كبيرة، وأخاف من الخروج من المنزل، فلم أعد أذهب إلى الجامعة، ولست مصابا بالاكتئاب، بالعكس أحب الحياة، وأريد أن أحصل على الإجازة، رغم أني فشلت في الجامعة 3 سنوات، إلا أنني أطمح أن أحسن من مستواي.

أصبت بنوم الفزع، أغمض عيني قليلا ثم أستقيظ مفزوعا، أخاف أن أذهب إلى جهنم، فلدي ماضٍ سيِّئ جدا، ولقد تبت منه، أدعو الله أن يغفر لي، فأنا تائه، لم يعد لدي مستقبل، أصبت بحالة غربية، وأحس بضربة قوية من قلبي تأتيني أكثر من مرة في اليوم.

انصحوني رجاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ salim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وتقبَّل الله طاعاتكم.

أخي: بعد تدارسي لرسالتك هذه أستطيع أن أقول لك وأنا على درجة عالية جدًّا من اليقين أن الذي حدث لك في بداية الأمر هي نوبة تُسمى بنوبة الفزع، أو الهلع، أو الهرع، وهي نوبة من القلق النفسي الحاد جدًّا، وقد لا يكون هنالك سبب واضح له، وفعلاً يعطي هذا الشعور السخيف، الشعور بالهلاك أو بقرب المنيَّة، أو أن هناك شيئًا سيئًا سوف يقع، وهكذا، ويبدأ الإنسان في رحلة الخوف والوسوسة حول الذي حدث.

فإذًا –أخي الكريم– مُجمل القول أن تشخيص حالتك أن الذي حدث لك والذي تعاني منه الآن هو قلق المخاوف الوسواسي، اللجوء لسوء التأويل وإلى التفكير التشاؤمي، والتحليل غير المنطقي للأعراض الجسدية والنفسية هي سمة من سمات قلق المخاوف الوسواسي.

أخي الكريم: الحياة جميلة، وإن شاء الله تعالى أمامك مستقبل باهر جدًّا، وكلامي هذا مبني على أساس أنك في عمر فيه طاقات إنسانية عظيمة يجب أن تستغلها، فاجتهادك في تعليمك، اجتهادك في بناء صداقات جيدة وممتازة وفاعلة، اجتهادك في عباداتك وأمور دينك وبر والديك، وشعورك الإيجابي الداخلي الذي يُحفِّزك ويحثَّك على أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، هذا هو الذي تحتاج له.

وفي ذات الوقت أريدك أن تذهب إلى طبيب نفسي أو حتى إلى طبيب الأسرة ليصف لك أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي، وبما أنك في بريطانيا، فهنالك طبيب الأسرة يتميز بإلمامه الكبير جدًّا بالحالات النفسية، خاصة مثل حالات قلق الوساوس والمخاوف الذي تعاني منه، حيث إنه منتشر جدًّا.

العلاج الذي سوف يُساعدك ويُفيدك هو عقار اسمه (زولفت) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، يوجد عقار آخر يسمى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام) هذه أدوية مفيدة جدًّا، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، وسوف يتخيَّر لك الطبيب ما هو مناسب وحسب ما هو موجود.

أنا أرى أن السيرترالين سيكون ممتازًا، وسوف أذكر لك الجرعة من أجل المعرفة، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا)، تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة (خمسين مليجرامًا) تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلاً –أي مائة مليجراما– وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك.

الجرعة الكلية مائتي مليجراما في اليوم –أي أربع حبات في اليوم– لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة أبدًا، مائة مليجراما (حبتين) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنقصها وتجعلها حبة واحدة يوميًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخر، ثم تخفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، أعتقد أن ذلك سوف يكون علاجًا دوائيًا كافيًا ونافعًا إن شاء الله تعالى، إذًا أمامك هذا الخيار أو أي خيار آخر يراه الطبيب النفسي.

مجمل القول أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، هذه الحالة مزعجة لكنها ليست خطيرة، وسوف تزول تمامًا، اصرف انتباهك عنها، كن إيجابيًا في كل شيء، في عواطفك، في مشاعرك، في أفكارك، وفي أفعالك، أنت لديك طاقات عظيمة حباك الله بها في هذا العمر، يجب أن تستفيد منها، يجب أن تكون لك خطة حياتية واضحة تبني من خلالها مستقبلك، والرياضة أيضًا يجب أن يكون لها وجود في حياتك، والالتزام بالصلوات في وقتها، والصحبة الطيبة، وبر الوالدين، وممارسة التمارين الاسترخائية، هذه كلها إضافات علاجية يجب أن تهتم بها وتطبقها، وذلك بجانب تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً