الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يطلبني أحد للزواج.

السؤال

السلام عليكم..

أشكركم على تفضلكم بإيجاد حلول لمشكلاتنا.

مشكلتي تكمن في أنني وحتى الآن لم يطرق أحد بابي، ولم يطلبني أحد للزواج ألبته، فعمري 20 سنة ولم أسمع في حياتي أحداً سأل عني، أو أعجب بجمالي وشكلي، لست كباقي الفتيات اللاتي حالما يخرجن إلى أي مناسبة أو حفلة الكل يسأل عنهن، ويطلبهن، ويسأل أمهاتهن عنهن، ويبدون إعجابهم بهن ظاهراً، علماً أنني أعيش في السعودية حيث لا اختلاط عندنا أبداً.

أنا لم يسأل عني أحد منذ عقلت، أريد أن أشعر أني كغيري، ترغب النساء بي زوجة لأبنائهن، أنا سمينة بعض الشيء، ولا أعلم إن كان هذا هو السبب، حاولت أن ألتزم بنظام لتخفيض الوزن، ولم يحدث تأثيراً يذكر، كما أنني أشعر أن هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلني بعيدة عن أنظارهن، فليست لدي أي مشكلة بالشكل: إذ أتمتع ـ بحمد الله ـ بشكل ممتاز.

أشعر بالنقص، وكلما سمعت خبر خطبة إحداهن، تنقلب الدنيا أمام ناظري رأساً على عقب، أنا لا أشعر بالكراهية لهن، على العكس، بل أدعو لهن، وأتمنى لهن التوفيق من كل قلبي، ولكن شعوري بالنقص يقتلني! أدعو الله دائماً أن يرزقني الزوج الصالح.

أشعر أن هذا الشيء سببه بعض المعاصي التي فعلتها سابقاً، إذ أنني تهاتفت مع بعض الشباب عندما كنت غير واعية ومدركة للأمر، لكن -بحمد الله- تبت إلى الله، ولم أعد إلى مثل هذا الأمر، وأيضاً كانت لي علاقة غير سوية مع إحدى الفتيات، ولكني أيضاً تركت هذا الأمر بشكل نهائي! فهل هذا هو السبب؟ أم سمنتي؟

أعلم أن الله ـ عز وجل ـ بيده هذا الأمر، ولا يملك أحدنا أي يد فيه، لكن أريد حلاً أتجاوز به هذه المشاعر الصعبة؛ لأني لا أريد أن أفسد حياتي بأمور كهذه، لا يهمني الزواج بحد ذاته، ولكن ما يهمني أن أشعر أني امرأة مرغوب بها.

أصبح هاجس الزواج هماً لا ينفك عني! بدأت أقلق من أن تتزوج أخواتي الأصغر مني قبلي، مع أني أتمنى لهن كل السعادة، لكني لا أحتمل الألم.

ولكم جزيل الشكر.

أسأل الله أن يوفقكم ويرزقكم جنته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،


نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا!
فإنه لا داعي للقلق، وسوف يأتيك ما قدره الله لك في الوقت الذي يريده سبحانه، وحتى إذا كنت سمينة، فهناك من يرغب في أمثالك، وهذه حكمة الله! فلولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، والجمال أمر نسبي، فاشغلي نفسك بطاعة الله، وأكثري من الدعاء من أجل أن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يعينك على طاعة الله.

واعلمي أنه لا خير في الاختلاط، بل هو سبب البلايا والفتن، ولم تكثر حالات الطلاق وخراب البيوت إلا لأن بعض الناس توسعوا في مسألة الاختلاط، وهذا مما يغضب الله: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63]، كما أن الاختلاط يجعل الشباب ينفر من الزواج؛ لأن الأشرار سوف يجدون ما يريدون بالحرام والعياذ بالله.

وإذا استطعت أن تخففي من الوزن، فهذا مفيد من الناحية الصحية، ومن النواحي الأخرى أيضاً، وأرجو أن يكون مثل هذه الخطوة بعد استشارة طبيبة مسلمة تخاف الله، حتى لا يحدث لك ضرر.

وليس هناك داع للشعور بالنقص، وما كل من تتزوج سعيدة، ولكن احرصي على طاعة الله، وعندما يطرق الباب خاطب اجعلي همك في صلاح دينه وخلقه، ولا يحملنك تأخر الخطاب على الوقوع في مخالفات كما تفعل بعض الجاهلات.

وشكراً لك على مشاعرك الطيبة تجاه زميلاتك، وهذا دليل على بذرة الخير في نفسك، وسوف يعوضك الله خيراً بفضله وكرمه.
واحرصي على تجنب المعاصي، فإن للذنوب آثارها، واصدقي في توبتك ورجوعك إلى الله، ولا شك أن للذنوب والمعاصي آثاراً وثمارا مرة، ولكن إذا علم الله منك صدق التوبة، فسوف يقبلك ويسددك، والفتاة مثل الثوب الأبيض لا يحتمل الأوساخ، وأحسن من قال: (إن البياض قليل الحمل للدنس)، وربما يحتاج الناس إلى وقت حتى يتأكدوا من صدق توبتك، ولكن المهم هو أن يرضى الله عنك، فإنه سبحانه إذا رضي عن عبده أو أمته صرف قلوب الناس إليه، وحاولي معاملة الزميلات بالحسنى واللطف؛ فإن كل فتاة لها أشقاء من الذكور، وهي تنقل لهم كل ما تلاحظه.

واحرصي على أن تستري نفسك، ولا تذكري هذا الماضي لأحد من الناس، فإن الإنسان إذا تكلم بأسراره أصحبت ملكاً لغيره، وفي الناس من لا يخاف الله.

وليس من مصلحة الفتاة أن تكون في أعين الناس وألسنتهم، ولكن السعيدة هي التي تسيطر على قلب زوجها، فلا يلتفت إلى غيرها ولا تعجب إلا به، وهذا وصف كمال في المرأة، وقد وصف الله نساء الجنة بأنهن قاصرات الطرف، يعني على أزواجهن فقط، وبأنهن مقصورات في الخيام، وقف على أزواجهن فقط.

ويؤسف الإنسان أن يقول أن بعض النساء لا همّ لها إلا التزين للناس، وربما قصرت في تزينها لزوجها، ولكنها إذا خرجت بالغت في التزين، ولست أدري لمن تتزين؟ ومثل هذه التصرفات تدل على نقص وخلل وكما قيل: (الذي يعرف مكانته وعزه يستريح)، ولابد أن نعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك، فالفتاة التي تبالغ في التزين قد تسمع كلمات الإعجاب، لكنها منهزمة في نفسها، والناس يجاملونها ويظهرون لها البشاشة، لكنهم إذا ابتعدوا عنها ذكروا الجوانب السلبية، واتهموهما بالتكبر، والإسراف، وحب الظهور، وعدم الحياء.

وأرجو أن تعرفي أن نعم الله مقسمة، فهذه تتزوج ولكنها تحرم العافية، وهذه تعطي مال وتحرم السعادة، ولن يضرك زواج أخواتك الأصغر أو الأكبر، فكل إنسان يأخذ رزقه ولا يعرف الإنسان أين يكون الخير، وعجباً لأمر المؤمن: إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء، شكر، فكان خيراً له! أو أصابته ضراء، صبر، فكان خيراً له.

وليكن همك أن تنالي رضوان الله، فإن السعيد هو الذي يوفق للطاعة، وقد بحث الناس عن السعادة في المال فلم يجدوها، وطلبوها بالزواج فلم ينالوها، وظنوها في الذهب والفضة والمظاهر فلم تغن عنهم شيئاً؛ لأن طريق الطمأنينة والسعادة يبدأ بطاعتنا لله وحرصنا على ذكره وشكره عبادته.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً