الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك علاقة بين الالتزام والفقر الذي أصابني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله؛ أنا التزمت بالصلاة والقيام وقراءة القرآن، وذلك منذ سبعة شهور، ولكن هناك شيء يحيرني بأن أموري المادية كانت على ما يرام، ولا أعيش في أي ضائقة مالية، ولكني منذ ستة شهور تقريبا وأنا أعيش في ضنك، وحالة مادية متأزمة جدًا، أسأل من حولي يقولون المؤمن مصاب، والبعض يستغرب فعلا من حالتي ويقول منذ بدأت الالتزام بالدين ألمت بك كل هذه الشدائد، والضيقة المالية التي تكاد تخنقني، أنا أريد أن أتثبت بديني، ولا أريد أن أسمع لشياطين الإنس والوساوس، ولكن سؤالي هل هناك علاقة بين الصلاة والفقر الذي أصابني؟ أفيدوني رجاء لأني لا أملك الإجابة.

وإذا لديكم سور أو أحاديث عن توسعة الرزق، أرجوكم أفيدوني.

بانتظار إجابتكم، وأشكر لكم جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، ونسأل الله لك الثبات والتوفيق والسداد.

أما نصحنا لك فيكمن في الآتي:

- التوبة والاستقامة والالتزام بالعمل الصالح من الأمور اللازمة على العبد المسلم، والحمد لله الذي أعانك على حسن التدين.

- وما تشكو منه من ضائقة مالية هذا ابتلاء من الله تعالى، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، رواه مسلم برقم 2999.

وليس هناك ارتباط بين التدين والضائقة المالية أبدًا، فالتدين لازم في كل حال سواء في حال السراء ويصحبه الشكر، وفي حال الضراء ويصحبه الصبر.

- وسوسة الشيطان وكلمات الناس الذين قالوا بأن التدين كان سببا فيما أنت فيه، هذا خطأ جسيم ومدخل شيطاني خطير، وأنا أحيي فيك أنك لم تستجب إلى هذا، وهذا علامة على حسن تدينك، وقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم من حال من يعبد الله على أمل السعة في الرزق وصلاح الحال، فإذا جاءه البلاء ترك التدين وتغير حاله، قال تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين}، [الحج : 11].

ولهذا إذا جاءتك هذه الخواطر والوسواس فاتركها، ولا تلتفت إليها، واستعذ بالله من شر الشيطان، وأكثر من الذكر والاستغفار.

- هناك مقياس خاطئ عند الكثير يظنون أنه إذا كان لدى الإنسان مال كثير فهذا يدل على أن الله يحبه، وأنه إذا كان لديه مال قليل، فهذا يدل على أن الله لا يحبه، وقد رد الله على هذا المفهوم الخاطئ، قال تعالى {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن* وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن* كلا } [الفجر 17،16،15]، ومن المعلوم أن أفضل خلق الله هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يكن غنيا، بل مات ودرعه مرهون عند يهودي، وكان يمر شهران من الزمان لا يوقد في بيته نارا، فعليك بالصبر، وسيأتي الفرج بإذن الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط» رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2110.

- أما مفاتيح الرزق وسعته فهي كثيرة، وأبشر بخير وأدلك على بعض منها:

* قوة الإيمان والإخلاص، وحسن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في العمل الصالح، قال تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل : 97].

* كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، قال تعالى حاكياً ما قال نوح لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يرسل السماء عليكم مدرارا *ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} [نوح، 12،11،10].

* حسن التوكل على الله تعالى، وتفويض الأمر له بعد أخذ أسباب الرزق المشروعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو أنكم توكلون على الله تعالى حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5254

* حسن الظن بالله تعالى، وأن الله سيزرقك من حيث لا تحتسب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله) رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4315، والحديث له أصل في الصحيحين بمعناه.

* كثرة الدعاء والضراعة إلى الله بسعة الرزق، والاستعاذة بالله من الفقر.

* السعي في طلب الرزق، واستغلال الفرص المتاحة في توسيع الرزق.

* ترشيد الإنفاق في وقت السعة حتى إذا جاءت ضائقة مالية.

وفقك الله إلى ما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً