الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا طالب طب وأحلام اليقظة تدمر حياتي.. هل أتناول الفافرين؟

السؤال

السلام عليكم

أحيانا أثناء المذاكرة أسرح وتبدأ أحلام اليقظة ويأتيني شخص ما ويبدأ يحدثني وأنا أرد عليه، وتأخذ من وقتي كثيرًا طبعًا دون صوت، ولا حركة باليد بيني وبين نفسي، والله أعاني معاناة كثيرة جدا، وأعاني من حالة اكتئاب شديدة تصعب علي المذاكرة، وأنا -ولله الحمد- أدرس كثيرا، ولا أمل، يضيع مني وقت كثير جدًا.

أحيانا أفكر بالانتحار ووضعي مزر جدًا، أنا طالب طب، وأنتم تعلمون الضغوط على الطالب، ومما زاد في حالتي هي اللغة، ورغم كل هذا متأخر ترم أيضا عن الجامعة، هذه كلها عوامل ساعدت على الاكتئاب، أريد دواء، أرجوكم حالتي صعبة جدا، وأكتب لكم ودموعي بعيني، هل دواء فافرين مفيد لي؟

علمت بانه مفيد لمثل هذه الحالات، أحلام اليقظة ستدمر حياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.
أيها الفاضل الكريم: لا أريدك أبدًا أن تتهم نفسك بالفشل أو بالضعف، طاقاتك موجودة، الله تعالى حباك بالعقل وبالبصيرة وبالمقدرات المعرفية، وبسلامة الجسد، وأنت -الحمد لله- تدرس في كلية الطب، وهذا دليل واضح على أن مقدراتك الأكاديمية ممتازة، ولا شك في ذلك.

طريقة التفكير سلبية، وأعتقد أن هذا هو الذي أدى إلى شعورك بالكدر واهتزاز ثقتك في مقدراتك، أؤكد لك مرة أخرى أن طاقاتك موجودة، كل الذي تحتاجه هو أن تُغيِّر فكرك من فكرٍ سلبيٍ مُحبطٍ إلى فكرٍ إيجابي، وأن تُنظِّم وقتك – هذا مهم جدًّا – الذي لا يُدير وقته بصورة صحيحة لا يمكن له النجاح أبدًا.

خذ قسطًا كافيًا من الراحة، مارس الرياضة، خصص وقتًا للمذاكرة، ووقتًا للعبادة، احرص على صلاة الجماعة، احرص على بر والديك، التواصل الاجتماعي... هذه كلها أسس رئيسية للتغيير السلوكي الصحيح.

لا تتعجَّل نحو الأدوية، ولا تعتقد أن الأدوية سوف تحل كل مشكلة، إذا لم تُغيِّر طريقة تفكيرك وتجعلها أفضل مما هي عليه الآن.

أحزنني جدًّا قولك أنك تفكر في الانتحار، هذه بضاعة خاسرة، صاحبها خسر الدنيا والآخرة، لا أريدك أبدًا أن تتشبَّث بمثل هذا الكلام، واعلم أن الله تعالى قال: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وقال: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرًا}، والسنة المطهرة مليئة بالأحاديث التي تُحرِّم قتل الإنسان نفسه، وأنه خالدًا مخلدًا في النار إذا أقدم على ذلك.

كل الذين يأتوني ويبدؤوا كلامهم بأنهم يفكرون في الانتحار، دائمًا يأتيني شعور حقيقي أنهم لن ينتحروا أبدًا، إنما هي محاولة لاستجلاب الانتباه، وهذا أمرٌ لا نرفضه، لكن بالخوض في موضوع الانتحار أعتقد أن ذلك فيه الكثير من الامتهان للشخصية ولإضعافها، لا، أنت مسلم والحياة طيبة، وأمامك إن شاء الله خير كثير، فلا تفكّر على هذه الشاكلة.

أيها الفاضل الكريم: بما أنك طالب في كلية الطب فيمكن أن تتواصل مع أحد الأطباء النفسيين من أساتذتك، أنا متأكد أنه سوف يُقدِّم لك العون التام، وذلك بجانب ما ذكرته لك.

بالنسبة لمضادات الاكتئاب: سوف تساعدك ولا شك في ذلك، لكن لا أريدك أن تعتمد عليها الاعتماد المطلق، طبِّق ما ذكرته لك، وإن ذهبت لأحد الأساتذة سوف يختار لك الدواء المناسب، وإن كان ذلك صعبًا أعتقد أن عقار (سيرترالين) والذي يعرف باسم (مودابكس) في مصر، ويسمى (لسترال)، ومن مسمياته التجارية أيضًا (زولفت)، سيكون دواءً مناسبًا لك، والجرعة المطلوبة هي جرعة بسيطة، خمسة وعشرون مليجرامًا (نصف حبة) تتناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبة واحدة – أي خمسين مليجرامًا – ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول السيرترالين، وهو قطعًا من الأدوية السليمة، وهذه الجرعة التي وصفناها لك جرعة صغيرة؛ لأن الجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى مائتي مليجرام في اليوم – أي أربع حباتٍ في اليوم – لكنك لا تحتاج لمثل هذه الجُرعة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً