الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من كتمة ولا أستطيع السفر خارج بلدي بسببها

السؤال

السلام عليكم

جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الناجح والمتميز.

أنا شاب بعمر 25 سنة، غير متزوج، مشكلتي مع الكتمة غيرت جميع حياتي، لدرجة أني صرت أخاف أن أسافر خارج بلدي، ومنذ 4 سنوات ما سافرت بسبب الخوف منها، علماً أن حالتي في تطور، صرت أوسوس وأقول ليس بداخلي أكسجين! وتعقدت حالتي، وعندي إصرار ألا أستخدم العلاجات النفسية، وأهلي لا يعلمون بي.

أتتني والدتي قبل أيام وقالت: هل في العطلة هذه ستسافر مثل الناس؟ قلت: إن شاء الله سأسافر، وأنا أدري أني لن أسافر.

أحسست بالحزن والضيقة، وتذكرت أن الناس سيسافرون وأنا جالس، وتشجعت وذهبت إلى دكتور نفسي وشكوت له حالتي فصرف لي علاج السيبرالكس 10 نصف حبة لمدة أسبوع ثم كاملة لمدة شهر، فأخذت العلاج ولم أستخدمه بسبب الوسواس والخوف من الأعراض الجانبية.

هذه حالتي، وأرجو من الله ثم منكم إفادتي بالمزيد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية وكل عامٍ وأنتم بخير.

أخي الكريم: الكتمة التي تحسّ بها ناتجة من القلق الداخلي، وسبب قلقك هو أنك تعاني مما يسمى برهاب الساحة، وهو مشابه لدرجة كبيرة بما يُعرف بالقلق أو الرهاب الاجتماعي، وهذه الحالات هي نوع من أنواع المخاوف، وغالبًا تكون مرتبطة بوجود وساوس، كما هو في حالتك.

العلاج – أيها الفاضل الكريم – يكون من خلال تحقير هذه الفكرة، وعدم اتباعها، وأن تُحقِّر الفكرة تحقيرًا تامًّا، وأن تخرج وتُسافر، وأن تحرص على دعاء السفر، وانظر إلى من حولك تجد آلافا بل ملايين الناس يُسافرون، فليس هنالك ما يمنعك أبدًا، فأنصحك أن تبدأ في الخروج من المنزل على مستوى مدينتك، تذهب إلى أطراف المدينة مثلاً، أكثر من زيارة الأصدقاء، الأهل، الذهاب إلى الأماكن العامة، الذهاب إلى المحلات التجارية، الحرص على الصلاة مع الجماعة خاصة في الصف الأول، هذا كله -إن شاء الله تعالى- يجعلك تعيش نوعًا من التعريض الإيجابي الذي يُقلل ويزيل في نهاية الأمر تمامًا هذه العلة التي تعاني منها.

هنالك تمارين استرخائية ضرورية جدًّا لابد أن تُطبِّقها، ومن أفضلها تمارين التنفس التدرُّجي، وفي إسلام ويب أعددنا استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تتطلع عليها وتتفهم تفاصيلها وبكل دقة وتُطبِّقها، سوف تجد فائدة كبيرة جدًّا، لكن هذا يعتمد على التطبيق.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الدواء يمثل نصف العلاج، والسبرالكس مفيد جدًّا، وهو دواء سليم، هذه الحالات تحتاج إلى جرعة عشرين مليجرامًا يوميًا، هي الجرعة العلاجية لعلاج مثل رهاب الساحة، والبداية هي خمسة مليجرام – كما أفادك الطبيب – لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها عشرة مليجرام لمدة شهرٍ، ثم تجعلها عشرين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ثم تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: لا تهتمّ أبدًا في تناول العلاج، لأن العلاج الدوائي مكمِّل للعلاج السلوكي، بل هو الأساس في مثل هذه الحالات، وهنالك تأكيد قاطع أن كيمياء الدماغ تتغيَّر حين يُصاب الإنسان بهذه الحالات – أي حالات الخوف – وربما يكون تغيُّر كيمياء الدماغ هو الذي أدى أو كان السبب في هذه الحالة أصلاً، وهذه التغيرات الكيميائية التي تُصيب ما يُعرف بالموصلات العصبية – وأهمها مادة تُسمى سيروتونين – هذه تُرجع إلى مجاريها الطبيعية من خلال تناول الأدوية، والسبرالكس -بفضلٍ من الله تعالى- أحد الأدوية السليمة الممتازة التي لا تُسبب الإدمان، وقد أفادت الناس كثيرًا، فلا تتردد – أيها الفاضل الكريم – واتبع نصيحة طبيبك في هذا السياق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً