الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

افتقدت متعة الحياة ولا أحب السفر بسبب القلق والاكتئاب.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
لكم جزيل الشكر على هذه الخدمة للإسلام والمسلمين.

أنا شاب أبلغ من العمر 32 سنة، حصل لي حادث قبل 13 سنة، منذ وقتها جاءتني حالة غريبة، دوخة ورعشة وتعرق، وزيادة دقات القلب، وضيق بالتنفس، وتنميل شديد في الأطراف، وكأنني في عالم آخر غريب، استمرت معي هذه الأعراض لمدة سنة ونصف، تعطلت حياتي ويأتيني خوف شديد من مغادرة المنزل، واكتئاب شديد، انقلبت حياتي، ثم ذهبت لطبيب نفسي، وأخبرني أنها حالة هلع، ثم وصف لي دواء زيروكسات لمدة أربع سنوات لم أتحسن كثيرا، ثم بوسبار لمدة ستة أشهر، ثم بروزاك لمدة سنتين ثم سبرالكس 10 ملج لمدة سنتين، ثم لوسترال 50 ملج لمدة سنة ونصف.

والآن أنا بدون علاج وحالتي نفسها لم أتحسن كثيرًا بجانب الرياضة، والعلاج السلوكي المعرفي، لا زال الخوف وضيقة الصدر والتوتر والقلق، وزيادة التفكير، وقلة النوم، لا أسافر مجرد أن أفكر بالسفر تزداد حالتي، ولا أحب أن أبعد عن منطقتي، وإذا سافرت تزداد هذه الحالة وأرجع في اليوم التالي، افتقدت متعة الحياة، في أي مشوار أو مناسبة أريدها تخلص بأسرع وقت ممكن، الوقت طويل جدًا، وأشعر بخمول وكسل وتفكير محدود.

اندفنت طموحاتي كل ما أخرج تزداد هذه الحالة، وكلما أفكر فيها أيضا تزداد الدوخة وضربات القلب، والتوتر والقلق، وضيق بالتنفس بعدها أدخل في حالة اكتئاب بدون أي مبرر، كأنني في سجن داخل بيتي ومدينتي، لا أستطيع السفر، ولا أجد متعة في أيامي بسبب الأعراض، لا أحب أن أجلس فترة طويلة في مكان واحد.

أرجو مساعدتي فأنا الآن لدي زوجة وعائلة لا نستمتع بأوقاتنا، ولا أقدر أرتاح كثيرًا الحركة أحاول قدر المستطاع أن أشغل نفسي مجرد أن أستريح تعود الأعراض.

علما أن جميع الأدوية التي استخدمتها ما استفدت منها الكثير سوى زيادة الوزن، عندما أجلس وحدي أتخيل أنني أسافر وأتمشى، ولدي أحلام فقط، لكن الواقع مختلف وأحزن جدا، عندما تطلب مني أسرتي السفر ولا أستطيع بسبب حالتي وعندما أرى الجميع يسافر وينبسط وأنا لا أستطيع.

علمًا أن لدي دعم أسري قوي من أهلي وأصدقائي، أتمنى من الله ثم منكم الدعاء والمساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: نوبات الهلع عادة تأتي في شكل خوف شديد وهلع زائد، إما من الشخص يحس أنه سوف يموت أو يحدث له ذبحة صدرية، أو يغمى عليه، مع أعراض القلق الأخرى من زيادة في ضربات القلب، والتعرق الشديد، وهذه النوبة عادة لا تزيد عن بضع دقائق 10 دقائق، ربع ساعة، نصف ساعة، ونادراً ما تمتد إلى عدة ساعات، وبعدها يكون الشخص طبيعيا، ولكن قد تتكرر في اليوم أكثر من مرة يومياً، أو عدة مرات في الأسبوع الواحد، هذه تسمى اضطرابات الهلع، أي لا بد من حدوث النوبة وتكرارها لكي نقول أن هذا اضطراب الهلع.

عادة لكي نشخص اضطراب الهلع مع حدوث النوبات، فيكون الشخص مهموماً أو متحسباً لحدوثها، فيحمل هماً كثيراً بين النوبات وينتظرها أو يخاف من حدوثها مرة أخرى، هذا أيضاً مهم في تشخيص اضطراب الهلع.

وقد يصاحب اضطراب الهلع ما يعرف برهاب الساحة، وهو الخوف من الخروج خارج المنزل، ويكون مرتبطاً باضطراب الهلع؛ لأنه يخاف أن يخرج من المنزل وتحدث له النوبة نوبة الهلع، ولا يجد من يساعده، ورهاب الساحة قد يكون اضطرابا منفصلا أي الخوف من الخروج خارج المنزل وحده، وعادة إذا خرج الشخص مع أي شخص حتى وإن كان طفلاً صغيراً فيحس بعدم الاطمئنان، وواضح أنك عندك رهاب الساحة، وقد يكون مصحوبا بالهلع أو اضطراب الهلع.

أخي الكريم: لقد جربت معظم الأدوية التي تعطى لاضطراب الهلع واضطراب الساحة، وهذه الأدوية التي جربتها معظمها من فصيلة SSRI التي تؤدي إلى زيادة الدوبامين في الدماغ وأحياناً، إذا جربت دواءين من فصيلة واحدة، ولم يحصل تحسن عليهما فيجب التغيير إلى فصيلة أخرى، وهناك فصيلة أخرى من مضادات الاكتئاب رباعية الحلقات مثل الإمبرامين أو الأنفرانيل يساعدان في نوبات الهلع واضطراب الساحة هذا من ناحية.

من ناحية أخرى العلاج السلوكي المعرفي مهم جداً في علاج رهاب الساحة، وذكرت أنك لم تستفد منه ولكن هذا يعتمد أولاً على المعالج نفسه يجب أن يقوم بدراسة واسعة ومفصلة لطبيعة الرهاب الذي تعاني منه، والأعراض ويضع الخطة متدرجة ومحكمة وتمتد على فترة زمنية، تبدأ بالأقل خوفاً أي مثلاً الذهاب إلى مسافة قريبة من المنزل، ثم الرجوع حتى يذهب القلق والتوتر، ويزيد بالتدريج بطريقة محكمة ومتقنة، فإذاً أخي الكريم أنصحك بالعلاج السلوكي المعرفي من معالج ذو دراية ومتحكم في هذا النوع من العلاجات، ويمكن أيضاً التغيير كما ذكرت الأدوية التي استعملتها لفصيلة أخرى، -والحمد لله- عندك دعم كبير من الأهل وهذا يساعد جداً بالذات في العلاج السلوكي المعرفي، دعم الأهل يساعد؛ لأنك تحتاج إلى دعم الأهل في الجلسات أو التدريبات التي تعطى لك في العلاج السلوكي المعرفي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً