الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقت بابن عمي وتعلق بي ونيتنا الزواج، هل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم
شكراً لكم على هذا الموقع الجميل، جزاكم الله خيراً.

أنا فتاة مغتربة بعمر 19 سنة، طبعي غير اجتماعية، وأنا فتاة وحيدة، ليس لدي أخوت، بيئتي وأنا طفلة فرضت علي عدم الاختلاط بالناس، فأصبحت خجولة، وأعاني أحياناً من الاكتئاب والوساوس.

منذ ثلاث سنوات اشتركت ببرنامج التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وأضفت جميع أقاربي الذين لم أرهم قبل، لأني مغتربة، وقد كنت أسمع عن ابن عمي أنه صاحب أخلاق جيدة وودود وطيب، كلمني وكلمته، وبالفعل كان طيباً وذا أخلاق، وأصبحنا نتكلم كل يوم، والله كلامنا كله كلام بحدود وأخلاق.

مع الوقت تعودت عليه ربما لأتهرب من الاكتئاب أو ربما لأني كنت صغيرة ومراهقة، وربما لأني لا أخالط أحداً وأحسست بحاجة؛ لأن أتكلم مع أحد يفهمني وأفهمه.

مع الوقت أصبحت أحس بمشاعر تجاهه وهو صارحني بذلك أيضاً، وأهلي كانوا على علم بذلك، ومنذ فترة كلم والدي على الهاتف وأخبره بأنه يريد أن يخطبني وأبي وافق على الفكرة، لأنه رجل طيب وخلوق، وأنا أيضاً صليت استخارة وقبلت.

المشكلة أنه في بلد وأنا في بلد آخر، وهو من الصعب جداً أن يسافر، لأن حالته المادية ليست جيدة، وأنا لا أستطيع السفر عنده لأني أخاف الحروب، وبلده فيها حرب، وهو وعدني أن يسافر وأنه سيبذل كل جهده، لكن أول وثاني محاولة سفر فشلت.

أصبت بإحباط، وحاولنا ألا نتكلم مجدداً لكن والله لم أستطع، لأنه ليس لدي غيره، وعلاقتي بالجميع حتى أهلي محدودة، ولا أحس بأن أحداً يحبني غيره!

ماذا أفعل؟ هل أنتظر حتى يستطيع السفر؟ وهل حرام أن أتكلم معه بحدود؟ أنا صليت استخارة وهو كلم والدي ووافق وأهلي على علم بكلامي معه، فهل الكلام معه حرام؟

لا أدري هل سيستطيع أن يسافر أم لا؟ وما زلنا على تواصل، وما زال يعدني بأنه سيبذل كل جهده للسفر، ولا أدري هل هذا نصيب أم ابتلاء من الله أم خطأ مني؟ أنا مشتتة التفكير كثيراً، وأحس بأني متعلقة به كثيراً، ولا أدري ماذا سيحصل، وصرت في ضيق وقلق دائم بسبب ذلك، هل من نصيحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما ذكرت من الصفات التي فيك أو نشأت عليها أو معرفة أهلك لا تبيح لك التواصل مع هذا الشاب كونه لا يحل لك، فلقد بدأ الحديث بشكل وانتهى بشكل آخر، وهنا تكمن الخطورة، وها أنتما صرتما متعلقين ببعض، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يجب ألا يخرج عن الضوابط الشرعية.

لا بأس من التحدث مع أقاربك من النساء ومحارمك من الذكور، أما هذا الشاب فليس من محارمك، ويجب عليك أن تنهي التحدث معه فوراً وبدون مقدمات، فإن كان يريد الارتباط بك فليأت البيوت من أبوابها، وعليك أن تفكري بموضوع الزواج بعقل وليس بالعاطفة فقط، فالملاحظ أنك تفكرين حالياً بعاطفة مجردة، ثم إن الزواج رزق من الله يسير وفق قضاء الله وقدره، والله أعلم هل هذا الشاب من رزقك أم لا؟ فلا تعلقي نفسك بأمر لا يزال في علم الله.

هناك عقبات كثيرة في الطريق، وإن كانت الموافقة المبدئية منكما ومن والدك موجودة، فاتركي الأمر لله، فإن كان من نصيبك فسوف توفقين للزواج منه، وإن لم يكن من نصيبك فلن تتمكني ولو أنفقت كنوز الدنيا.

ليكن تركيزك على الصفات المطلوبة في شريك الحياة، وأهم ذلك أن يكون صاحب دين وخلق، كما أرشدنا لذلك -نبينا عليه الصلاة والسلام- فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبداً، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة.

صاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان، صلي صلاة الاستخارة وهي ركعتان من دون الفريضة ثم ادعي بالدعاء المأثور، فإن فوضت أمرك لله فلن يختار الله لك إلا ما فيه الخير، فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

هذه ووصيتنا لك بتقوى الله وتوثيق الصلة به، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً